لن أزعم مثل كثيرين أنني كنت نائما في ميدان التحرير مع بداية ثورة25 يناير2011.. اعترف والإعتراف سيد الأدلة بأنني لم أتوجه إلي الميدان إلا مع ظهور دبابات الجيش في28 يناير مساء يوم جمعة الغضب لانقاذ مصر بعد أن خطت دماء خيرة شبابها ورد الجناين- أروع ملحمة في حب الوطن من أجل تحريره من عبودية فئة ضالة مضلة عاثت فيه فسادا دون وازع من دين أو ضمير وصدرت اليأس لنفوسهم.. فوجدوا في فتح صدورهم العارية أمام رصاصات الغدر أهون ثمن لانقاذ جيل رأوا أن من حقه أن ينعم بحرية لطالما حلموا هم بها حتي ولو كان الثمن هو أرواحهم.. كنت قبل هذا التاريخ بسنتين علي الأقل حين علت أصوات باطلة تطالب بترشح مبارك لدورة رئاسية جديدة وأخري تطالب بالدفع بالوريث جمال ليجثم علي قلب الشعب30 عاما مثل أبيه كنت قد تنبأت بقيام ثورة شاملة بالبلد مع مطلع2011 وراهنت علي ذلك كثيرا بل وأقسمت بأغلظ الأيمان أن الشعب لن يسمح بمزيد من العبودية حتي أن أصدقاء كثر حين قامت الثورة زعموا بأنني إما راجل واصل جدا أو مكشوف عني الحجاب.. والإجابة بصراحة.. لاهذا ولا ذاك. كل ما هنالك أنه قبل سنوات عدة سبقت هذا التاريخ- تقترب من العشر- كان كل شيء في مصر ينبيء بأن حدثا جللا يلوح في الأفق وأن البلد تتحرك بقوة للتخلص من نظام جثم علي صدرها طويلا فبدأت العديد من الحركات الثورية إن صح هذا التعبير- تطفو علي السطح بقوة.. وفي المقابل بدأ نظام مبارك يترنح بفعل الشيخوخة.. شيخوخة الحاكم وشيخوخة البطانة التي تحيط به.. كان عمر أقل مسئول في البلد قد تجاوز السبعين.. بدأ النظام يصدر لنا أن هؤلاء وحدهم هم أهل الخبرة والكفاءة وأن الإنسان يولد بعد سن الستين بينما شركات القطاع الخاص بمباركة الحكومة تذبح عمالها بالفصل والتشريد وهم دون الأربعين أو الخمسين عاما علي أقصي تقدير.. مستغلة ثغرات نظام فاسد تبني خطة أكثر فسادا تدعي الخصخصة.. وفي الوقت نفسه بات التعيين في الوزارات الكبري كالبترول والكهرباء وفي قطاع البنوك الحكومية حكرا علي أبناء فئة محظوظة لاتحتاج لتشغيل أبنائها.. قادرة بما نهبته أن تترك لهم ميراثا يكفيهم ألف عام.. خلاصة الأمر أن ثورة يناير قامت لأنه لم يكن أمام الشعب بديل أخر.. قامت من دون مؤامرة أو ترتيب.. كان وقودها شباب وبنات ورجال ونساء يحبون البلد ويحلمون لها ويرون أنها تستحق مكانة أفضل.. شعب قدم دماءه ثمنا ووقودا لثورة عظيمة.. أراد حفنة من المأجورين وتجار الدين أن يسطوا عليها بشعارات زائفة بل ونجحوا في ذلك بالفعل لبعض الوقت.. وأعود واعترف بأني لم انزعج حين فاز المخلوع مرسي بالرئاسة.. بل تمنيت أن تنجح تجربته رغم علمي التام بتاريخ الإخوان.. لكن للأسف ازداد الوضع سوءا مع علو نبرة الأهل والعشيرة وتطبيق نفس سياسة نظام مبارك في الاستحواذ والهيمنة ولكن بطريقة زائفة مغلفة بالطيبة واللعب علي أوتار الدين.. لكن الشعب المصري بفطنته أدرك الفخ الذي وقع فيه.. فعاد سريعا للميادين مطالبا بالحرية مجددا.. ومجددا عاد الجيش ليكون هو المنقذ والحامي للشعب والوطن فقامت ثورة30 يونيه2013 لتعيد للوطن توازنه وتكشف بجلاء ماكان يحاك له في الخفاء من تقسيم ومؤامرات داخلية وخارجية بمباركة جماعة لاتري سوي نفسها ولاتؤمن إلا بمنهجها.. حتي ولو ذهب كل الشعب للجحيم. وخيرا فعل الرئيس عبد الفتاح السيسي حين أكد خلال لقائه الأخير بالإعلاميين أنه وجه بإعداد مشروع قانون يجرم إهانة ثورتي25 يناير و30 يونيه.. فلولا هاتين الثورتين العظيمتين ما قامت مصر وما عادت من سباتها العميق لتحتل مكانها الطبيعي في طليعة الصفوف وما شعر المواطن المصري بأنه في بلد يفخر بالإنتماء له.. وللحديث بقية. [email protected]