المهم أنه عندما قام شبابنا بالثورة في 25 يناير وانضم لهم الشعب لم تجد جماعة الإخوان سبيلاً سوي الركوب علي الموجة بعدما كانت قد أعلنت قبل بدء فعاليات التظاهر أنها لن تشارك في تلك الثورة. وسار علي دربها مجموعة من الأحزاب التي رأت في الثورة فرصة لاستعادة شعبية مفقودة أو صنع شعبية. ونست أن معظمها أحزاب كرتونية بلا قواعد أو تأثير في الشارع.. كان الشباب في المقدمة وخلفه جماعة الإخوان والأحزاب الأخري وانشغل الشباب بالتواجد في الشارع في حين انشغل قادة الجماعة والأحزاب بالصراع علي الفوز بالكعكة والتورتة. ولأن الشباب بلا قيادة فقد انتهز الجميع الفرصة وبدأ في خطف العديد من الرموز الشبابية للمتاجرة بهم. وهنا يجب أن نتوقف أمام نقطة مهمة وهي أنه إذا كان الإخوان قد نجحوا في النهاية في سرقة ثورة 25 يناير فلا يمكن إنكار أن بعض الرموز الشبابية أو ما يطلق عليهم نشطاء وقادة تحالفات وتكتلات قد نجحوا كذلك في سرقة ثمار ثورة 25 يناير ووجدنا بعض هؤلاء يحصدون المكافآت من الداخل والخارج.. هذا يحصل علي تمويل من الاتحاد والأوروبي أو الولاياتالمتحدة وتلك تحصل علي جائزة بآلاف الدولارات أو اليورو. وهذا يحصل علي رخصة حزب وذاك يتم تعيينه في المجلس الفلاني أو العلاني.. وبقيت النسبة الكبري من الشباب كما هي تعاني وتعاني. ومنهم من عاد إلي منزله يتابع ومنهم من امتلأ بالغيظ والغضب من سرقة ثورته وتمييز بعض من ركب الموجة وعاش الشباب الذي شارك في الثورة بحق وقضي الليالي في ميدان التحرير وميادين الثورة في مختلف المحافظات قضي أياماً وشهوراً وهو يجد غيره سواء من الجماعة أو رموز بعض الأحزاب أو الشباب يحصدون ثمار ثورته التي أطاحت بنظام فاسد جثم علي صدورنا 30 عاماً ظلت خلالها تلك الجماعة -جماعة الإخوان- وتلك الأحزاب -كل الأحزاب- تحاول خطب ود ذلك النظام الفاسد ولم تكن تجرؤ علي الثورة ضده ولم تكن تحلم بإسقاطه أو رحيله. ولكنها بعد الثورة وجدت الساحة خالية أمامها واستطاعت إرباك المشهد أمام المجلس العسكري الذي لم يعتد علي ممارسة السياسة وألاعيبها واعتقد كل طرف أنه سيفوز بالنصيب الأكبر من الكعكة وسط تلك الحالة. واستمرت تلك الحالة الضبابية حتي استطاعت جماعة الإخوان وأنصارها ممن يطلقون علي أنفسهم التيار الإسلامي السيطرة علي المشهد وتغيير المسار من الدستور أولاً إلي الانتخابات البرلمانية أولاً. وبالطبع كل الناس في الشارع للأمانة لا يجدون غير قادة ورموز الإخوان وهذا التيار. حيث كانوا يعتقدون أنهم أصحاب دين فعلاً وأنهم يختلفون عن الحزب الوطني. وابتلع المصريون الطعم وجاءت أغلبية الشعب والشوري من هؤلاء وغاب الشباب عن المشهد وبالطبع غابت الأحزاب الكرتونية والوهمية. الأمر الذي فتح شهية الإخوان للفوز بالرئاسة وهم الذين أقسموا الأيمان من قبل أنهم لن يترشحوا لرئاسة الجمهورية ووجد الشعب نفسه أمام خيارين كلايهما مر. الأول هو إعادة انتاج النظام القديم أو إعطاء الفرصة للإخوان للحكم والسلطة وكان الخيار الثاني وللأسف لم يتعلم الإخوان الدرس وساروا علي نفس نهج وأسلوب الحزب الوطني في الاستئثار بالسلطة واحتكارها بل زادوا في الأمر واصطدموا بكل أجهزة الدولة من قضاء وشرطة وإعلام ولم يحققوا أي شيء من وعودهم أو مشروعاتهم الوهمية مثل النهضة وخلافه وانشغلوا بالتمكين والتمكين فقط وتصفية الحسابات والفوز بأكبر قدر من المغانم علي طريقة الحزب الوطني.. أذكر أنه في هذه الأثناء اتصل بي النائب صلاح الصايغ عضو الشوري عن حزب الوفد ليقول لي: عندي لك سبق صحفي حيث سأتقدم بمشروع قانون خلال أيام إلي مجلس الشوري لإلغاء مناصب المستشارين في الدولة التي تكلف الحكومة حوالي 18 مليار جنيه سنوياً تضيع هباء للمحاسيب والأنصار. فضحكت وقلت له: أنا أعلم أهمية هذه القضية وأعلم أن هذه المليارات توفر ملايين فرص العمل للشباب الباحث عن وظيفة ولكن هل تعتقد أن الإخوان وهم الأغلبية في المجلس الذي آلت إليه سلطة التشريع سيوافقون علي هذا الاقتراح. فجاءني الرد من الصايغ: طبعاً فهذا الاقتراح بصراحة كان اقتراحهم عندما زاملتهم في مجلس الشعب أيام الحزب الوطني. فضحكت أكثر وقلت له: يا أخ صلاح هذا كان زمان أيام لم يكونوا هم في السلطة غير مستفيدين من هذه المليارات. اليوم الوضع مختلف أنا أعرفهم أكثر منك ومن آخرين مخدوعين فيهم. هذا الاقتراح مصيرة الرفض التام. ولم يصدقني الصايغ وطلب مني تبني النشر ودعم الاقتراح. قلت له: سأفعل ولكنني أعلم النتيجة وبيننا الساعات. وبالفعل عندما عقد مجلس الشوري جلسته وما أن بدأ الصايغ في تقديم اقتراحه حتي كانت ثورة نواب الإخوان ضد لإسكاته ولم ينقذه من أيدي النواب الغاضبين سوي د.عصام العريان ممثل حزب الحرية والعدالة الذي أقنعه بالتوقف وعدم الاستطراد في الحديث. وبالفعل مات الاقتراح ليتصل بي بعدها الصايغ ليقول: عفواً يا أستاذ مختار.. عندك حق!! عبقرية "السيسي" هذا نموذج واحد أسوقه لكم لكي تعلموا أنه لا فارق بين الوطني والإخوان.. ومع تدهور الأوضاع الحياتية والسياسية والاجتماعية والأمنية كان من الطبيعي أن يثور الشباب مرة أخري. بل ويثور معظم الشعب بعدما اكتشف حقيقة الإخوان والمتاجرين بالدين. فكانت ثورة 30 يونيو التي كان الشباب وقودها أيضا كما كان في ثورة 25 يناير. وثار الشباب وثار الشعب ضد حكم الإخوان. وهنا وللأمانة ودون أي مجاملة ظهرت عبقرية الفريق أول عبدالفتاح السيسي في العملية الجراحية التي قام بها لاستئصال ذلك الورم السرطاني من جسد الوطن وهو أمر لم يكن سهلاً أبداً في ظل موجات التهديد والوعيد التي مارستها عناصر تنتمي للجماعة وأنصارها بعدما أعلن انحياز القوات المسلحة للشعب وثورته والإعلان عن خارطة الطريق للمستقبل مستفيداً من تجارب الماضي بالإشارة إلي الدستور أولاً حتي لا يسيطر علي الدستور فصيل معين أو حزب أو جماعة. كلاكيت ثاني مرة وللأسف وللمرة الثانية يجد الشباب نفسه تائهاً وغائباً عن المشهد ولأنه كما سبق أن قلت وحتي 25 يناير 2011 لم يكن علي الساحة إلا الحزب الوطني والإخوان. فلما غاب الوطني ظهر الإخوان فإن المشهد ما بعد 30 يونيو حاول البعض تصويره علي أنه لا حل إلا بعودة الحزب الوطني لأنه حتي هذا التاريخ للأسف لم تنجح محاولات بث الفاعلية في صفوف الأحزاب ولم ينجح الشباب في تكوين كيانات قوية تتحدث باسمهم وكما سرق الإخوان ثورة يناير حاول بعض رموز الحزب الوطني والنظام الفاسد السطو علي ثورة 30 يونيو. وللأمانة الشديدة أيضا أقول وكما جني بعض الشباب ومن يطلق عليهم الرموز والنشطاء ثمار ثورة 25 يناير جاء الدور علي شباب آخر ورموز ونشطاء آخرين لكي يجنوا ثمار ثورة 30 يونيو. حيث تم النفخ في البعض وتوزيع المناصب والمكافآت عليهم. في حين تم تجاهل الأغلبية. مما أثار الأحقاد والضغائن والشعور بالغضب علي الأقل لدي الكثيرين وزاد الأمر سوءاً محاولة البعض من رموز الوطني سواء في السياسة أو الإعلام تصوير 25 يناير علي أنها مؤامرة وليست ثورة مما زاد من المخاوف لدي البعض من عودة النظام القديم وكأنه مكتوب علينا إما هذا أو ذاك. بصراحة وبكل وضوح ما هكذا يجب التعامل مع الشباب.. دعونا ونحن نحتفل بالذكري الثالثة لثورة 25 يناير المجيدة نعيد النظر في أسلوب حياتنا كله وأن نستمع للشباب.. نحاوره ونناقشه.. يعقد كبار المسئولين بالدولة ندوات وجلسات ومؤتمرات أسبوعية في الجامعات والمدارس الثانوية.. في المصانع والشركات.. نتحدث بموضوعية كيف نبني بلدنا بمشاركة الجميع. وفي مقدمتم الشباب كل الشباب.. لا يجب أن ننتظر حتي يصبح الشاب كهلاً لكي يتولي منصباً قيادياً.. لا يجب أن نعمم في الاتهامات.. يجب أن نفرق بين الشباب الثائر حقاً والمحب لوطنه والشباب المتاجر بالقضية.. بين الشباب الذي ساهم في إسقاط نظامي مبارك والإخوان وساهم في كتابة خارطة الطريق وإنجاحها.. والشباب الذي جني المكاسب من الثورتين وانحرف عن المسار.. ويجب في الوقت نفسه أن يتعلم الشباب من الدرسين ويتفق ويخلق لنفسه كياناً قوياً يخوض من خلاله الانتخابات البرلمانية ويكون له ممثلون في البرلمان القادم ويكون له كلمة في الشخص الذي يتولي موقع رئاسة الجمهورية.. وأتمني ألا تقتصر جلسات كبار المسئولين في الدولة علي شباب بعينه وأن تمتد هذه الجلسات إلي الشباب الحقيقي الذي كان وقود الثورتين. الرهان مستمر وأخيراً أقول للجميع إنني مازلت أراهن علي عبقرية الفريق السيسي التي نجحت في استئصال ذلك الورم الخبيث من جسد وطننا في أن هذه العبقرية سنتجح في استئصال الورم الخبيث الآخر الذي ظهر بديلاً للورم الأول وهو النظام القديم.. نعم لن يعود النظام القديم ولن نقضي حياتنا بين اختيارين كليهما مر.. أقول للشباب لا تترك الساحة لرموز الوطني مثلما تركتها من قبل للإخوان.. شارك في بناء بلدك وشارك في العمل السياسي.. والشعب.. لا تشغل بالك بكل مظاهر "التطبيل" التي يمارسها البعض لجذب أنظار الفريق السيسي نحوه.. عليكم أيها الشباب أن تضعوا أيديكم في يد أنفسكم وتكون لكم كلمتكم. كلمة لشباب الإخوان وكلمة أخيرة أوجهها لشباب الإخوان أقولها بكل حب وشفافية.. كفاكم انسياقاً وراء دعوات للحرب يدفعكم إليها قيادات ثبت للجميع أنها كانت تبحث عن مغانم ومكاسب شخصية بل وتقود مؤمرات ضد الوطن.. ويكفي للتدليل علي صدق كلامي أنه لم يتم ضبط أي قائد من قادة تلك الجماعة وأنصارها في ميدان أو في شارع أو في مظاهرة.. كلهم تم ضبطهم إما في فيلات وشقق فاخرة بعد هروب مخز.. والبعض الآخر تم القبض عليه أثناء محاولته الهرب خارج البلاد.. فيما فضل آخرون الهرب للخارج والعيش إما في قطر أو تركيا أو أوروبا "حليف الشيطان".. بينما تركوا الإخوة والأخوات هنا يدفعون الثمن وندفع نحن معهم الثمن.. تذكروا أيها الشباب أن الفريق عبدالمنعم رياض مات في الصفوف الأولي بجبهة القتال. أتمني من الشباب.. كل الشباب فتح صفحة جديدة وحفر مكان متميز لهم لبناء الوطن.. وهذا هو الاحتفال الحقيقي بالذكري الثالثة لثورة يناير المجيدة. حمي الله مصر وحفظها من كل سوء.