أنا امرأة كتبت عليها الأقدار أن تعيش مأساة رغما عنها فقد كنت مثل أى فتاة فى مثل سنى مقبلة على الحياة أحلم بالرجل الذى ينتشلنى من شرنقة الفقر لبيت يسترنى. لم أحلم بالثراء ولا الرفاهية فقد ولدت فى مستنقع من الفقر المدقع ويبدو إنه مقدر على أن أعيش تحت نير هذا الفقر أنا وأطفالى من بعدى. والرجل الذى جاءنى لم يكن حلما أو حتى سندا قويا أستند إليه فى حياتي، فقد كان أفقر من والدى يعمل أرزقيا باليومية يوم يعمل وأياما كثيرة بلا عمل. وارتضيت الزواج وقلت لنفسى "ضل راجل ولا ضل حيطة" واجتهدت قدر طاقتى فى تدبير أمور بيتى وفق ما يأتى من رزق وتوافقت مع الدنيا أسايسها وتسايسنى كى تستمر الحياة حتى رزقنى الله بأولادى الثلاثة. كنت أحفى فى العمل فى أى شىء لأدبر لهم نفقات التعليم حتى لا يضيعوا فى الحياة وأهيئ لهم مستقبلا أفضل منى ومن أبيهم، وكم كانت تمر علينا الأيام والليالى التى نبيت فيها جوعا لندبر للأولاد نفقتهم. كانت الحياة صعبة إلى حد العذاب حتى أتى يوم انهارت فيه كل الأحلام وبات المستقبل أشبه بشىء مخيف يحدق بنا، فقد سقط زوجى مريضا طريح الفراش لا يقوى على العمل ونحن من لا نملك قوت يومنا. اهتزت الأرض من تحت قدمى وتركت الشقة التى كنا نستأجرها واضطررنا للعيش مع شقيق زوجى الذى وافق أن ننحشر أنا وزوجى وعيالى مع عياله فى بيته الذى لا يتجاوز الحجرتين وبالطبع عجزت حتى عن توفير نفقات تعليم الأولاد، وباتوا معرضين للضياع والتشرد. ومات شقيق زوجى وأخذ الأشقاء يطالبوننا بإخلاء المنزل لأنه ميراث لهم جميعا. أقف حائرة لا أدرى من أمر نفسى شيئا غير أنى فكرت فى أن أكتب لك لعل واحدا من أصحاب القلوب الرحيمة يرأف بحالى أو يصل صوتى للدكتور مصطفى مدبولى وزير الإسكان لعل صدره يتسع لمأساتى ويعيننى على ظروفى ويمنحنى شقة تسترنى تمنع عنى العيون الجائعة. هكذا روت دينا عبدالفتاح إبراهيم من عين شمس حكايتها للأهرام المسائى، فقد باتت مهددة بالطرد والتشرد.