وبدأ تصوير المشهد الخطير.. وهو أول مشهد أصوره.. في هذا الفيلم... وتحركت الكاميرا علي الشاريوه.. وأنا أقف أمام حوض الحنفية.. والمسدس المتعلق علي الحائط.. والأستاذ الكبير عبدالمنعم مدبولي... يقف أمام مكتبي.. يتصبب عرقا.. لأنه قادم من طابور المساجين في فترة الظهيرة بعد أكثر من ساعة.. ومررت عليهم.. وطلبته للحضور للتحقيق معه.. بعد أن أخبرني أنه بريء.. هو وزميله عادل إمام الذي سأحقق معهما واحدا.. واحدا!! وانتهيت من غسيل يدي.. وأخذت زجاجة الكلونيا الموجودة في رفرف الحوض.. ونثرت رزار الكلونيا علي يدي... ومسحت علي وجهي.. ببساطة المرتاح جدا... وأنا أقول كلمة.. الله.. علي راحتي من الكلونيا.. وأمسكت بفوطة بيضاء.. ووضعت عليها كثيرا من الكلونيا.. وأشرت إلي المتهم الواقف أمام مكتبي وهومرهق جدا.. وطلبت منه أن يجلس.... وأنا أقول له بمنتهي الطيبة.. وأجلس ياوالدي.. فجلس.. وأعطيته الفوطة التي عليها الكولونيا.... وقلت له.. أمسح وجهك من العرق ده كل لو سمحت.. فأمسك بالفوطة بلهفة ووضعها علي وجهه بسرعة.. ومسح عرقه.. ثم نظر إلي شفشق كبير مليان ماء.. وبه أجزاء ثلجية بنهم شديد.. فقلت له بطيبة هادئة... إشرب.. إشرب ياوالدي.. فأمسك بالشفشق بنهم كبير... وأخذ يشرب منه المياه الساقعة.. وأنا أنظر إليه بكل حنان وطيبة. وكنت طلبت طبعا شفشق المياه والثلج.. قبل دخوله وكأنه كان خاصا بي وبعد أن هدأ.. بدأ التحقيق معه.. بعد سألته.. نبدأ التحقيق ياوالدي.. وبدأ التحقيق.. والحوار بيني وبين المتهم حول كيف أنه بريء.. وأنه ركب الأتوبيس مع جاره الآخر المتهم عادل إمام وكيف أخرج كل منهما الفلوس الورق ليدفع هو أجر ركوب الأتوبيس وأخدها منه محصل الأتوبيس.. وأعطاهم باقي الفلوس علي ورقة بعد أن أخبرهما أنه ليس معه فكة.. وهنا دار بينهما وبينه خلاف حول الباقي.. وإشتدت حالة الخلاف.. بعد أن أخبرههم الكمساري أن يحصلنا علي الباقي.. من موقف الأتوبيس ورفضا كلاهما الإنتظار لأخذ باقي الفلوس في آخر محطات الأتوبيس.. وإشتدت المناقشات.. ووصل الأمر إلي حد إمساك الكمساري بخناقهما.. وأوقف الأوبيس ليقدمهما إلي الشرطة.. وهم في داخل القسم.. كانت توجد حالة طواريء بين رجال الشرطة وعلهيم القيام بالقبض علي بعض المتهمين الذين في خارج القسم لقيامهم بالشغب.. وهم أعداء الوطن.. وإنصرف الضباط للقيام بعملية القبض علي المشاغبين أعدا الوطن.. وطلب الضابط أن يقوم أحد رجال الشرطة بالقبض علي المتهمين.. اللذين في الأتوبيس بشهادة سائق الأتوبيس لأنهما أحدثا شغبا وهما ضد الوطن.. فعلا قبض عليهما.. وتم حجزهما في تخشيبة القسم.. واستمر الحوار الخاص بالتحقيق الهاديء من المأمور الذي هو أنا.. وبعدين إيه اللي حصل.. قال المتهم البريء.. فوجئا بعد ذلك.. بجموع من البشر قبض عليهم... وأدخلوهم القسم.. وبعد فترة طويلة من حجزتهم.. حضرت سيارات أمن.. ونقلت كل من بالقسم إلي السجن.. وهما معهم.. وقوبلا بالضرب.. والتعذيب مع الآخرين.. ولم يصدقهما أحد.. عندما يقولون أنهما بتوع الأتوبيس... ونظر المأمور إلي المتهم الأستاذ مدبولي وقال له.. ويعني التذاكر التي تحكي عنها.. ليست هي المنشورات المضادة للدولة ويطلقون عليها إسم تذاكر.. تريد مني أن أصدق أنكما فعلا بتوع الأتوبيس.. أقسم المتهم بأنهما بتوع الأتوبيس وليس لهم أي علاقة بالمنشورات.. وتكلم المأمور بهدوء وهو يقول له.. إسمع بقي ياولدي.. إحنا بنقابل هنا متهمين كثير.. منهم اللي بيقول إنه بتاع الأتوبيس.. وغيرهم بتاع العربيات الكارو.. والموتوسيكلات.. أحسن لك أن تمضي هذه الورقة التي أخذها من الجالس علي المكتب الصغير يسجل هذا الحوار.. وأكمل المأمور جملته.. إمضي علي هذه الورقة... واعترف بأنه كان معكم منشورات.. ورد عليه المتهم البريء مدبولي.. إحنا بتوع الأتوبيس.. ياسعادة البيه.. ونظر إليه المأمور نظرة تحد وقسوة قوية.. هادئة!! وإلي لقاء..!!