الساعة الثامنة إلا خمس دقائق.. ولم أستغرب أن المخرج الكبير حسين كمال يقف في انتظاري أمام باب شقته ليستقبلني وفقا لموعد لقائنا.. الساعة الثامنة مساء.. ولم أستغرب أنه يرتدي جلبابا شيكا. وهو يرحب بي بأسلوبه الراقي الطيب.. أهلا وسهلا.. ياصديقي العزيز. أيها الصديق الذي أعرف عنه التزامه بكل مواعيده.. وأعماله.. إتفضل أدخل ياأستاذ.. فنحن في إنتظارك في الموعد تماما.. وقبل أن ندخل حجرة العمل لمناقشة عملنا.. تعال معي إلي صالة الشقة لأن والدتي في انتظارك.. لتحييك بحضورك.. ولقائها. وذهبت معه إلي الصالة.. وكانت والدته تقف بمنتهي المجاملة والترحاب وهي تقابلني ومدت يدها بالسلام.. فأسرعت تجاهها ومددت يدي لسلامها.. وقلت لها.. انه شرف كبير للقائي بك ياأم النجم الكبير.. ياسيدتي العظيمة.. ابتسمت وهي تظهر ترحيبها بي.. وقالت لي.. نورت البيت أيها النجم المحترم!! وقالت أنا تابعت معظم أعمالك.. وتحب تشرب قهوة بلا سكر.. سادة يعني كما علمت.. من صديقك المخرج إبني الذي يعتز بك جدا.. شكرا.. ياأم الصديق العزيز.. وهنا صفق المخرج جدا.. وقال مشهد رائع.. وصادق.. لم أره كثيرا في أفلامنا السينمائية.. هيا بنا ياصديقي العزيز إلي غرفة العمل.. بعد أذنك ياأمي.. وذهبت معه بعد تحية والدته العزيزة.. الأم الراقية.. ودخلنا إلي غرفة العمليات.. وجدت بها مسئول الإنتاج محسن علم الدين.. ورحب بي.. وجلست أمامه.. وظل المخرج واقفا.. وهو يشير لي علي سيناريو الفيلم الذي سنتحدث عنه.. وهو علي ترابيزة أمام المسئول عن الإنتاج.. وبدأ هو بالكلام. اسمع ياصديقي.. هذا الفيلم اسمه.. إحنا بتوع الأتوبيس.. بطولة مجموعة من نجوم السينما الذين تحبهم.. عبدالمنعم مدبولي.. عادل إمام.. يونس شلبي.. وباقي النجوم أصدقاؤك.. وطبعا دورك في الفيلم بطولة خطيرة جدا وهو دور مأمور أحد السجون الهامة.. التي قبض علي كل من فيه لأسباب مختلفة.. ستراها في هذا السيناريو.. ومعظمهم نجوم كوميديا وفعلا يتم التحقيق معهم.. وتحدث لهم وسائل تعذيب.. وللإعترافات بجرائم خطيرة.. ومأمور السجن له أسلوب خاص جدا في وسائل الحصول علي الإعترافات! قلت له.. أيوه ياأستاذ.. لكن دور مأمور السجن هذا مكرر في كثير من الأفلام السابقة.. وكلهم يقومون بتعذيب المساجين بشكل واحد.. ومعاد.. وهذه الشخصيات التي تخص مأمور السجن.. دور أصبح محروقا.. كتعبير الممثلين.. وطبعا أنا لا أستطيع قبول القيام بدور محروق.. ومعذب للمساجين.. ونظر إلي صديقي المخرج.. وأنا أعبر عن رأيي بهدوء شديد ودون إنفعال الرفض.. وقال لي المخرج.. عظيم ياصديقي النجم.. فقد عبرت عن رفضك بهدوء رائع.. وهذا الذي أطلبه منك في دورك الذي ستقدمه.. وهذا الهدوء هو الإسلوب الخفي الذي لم يظهر في شخصيات المأمور السابقين.. ولهذا الإسلوب أنا متمسك بك لقيامك بدور مأمور سجن لم تشاهده السينما من قبل وأريد أن أقول لك.. أن هذا المأمور يقوم بالتحقيق مع مجموعة الكوميديانات في الفيلم.. وأنا كمخرج أقول أنه لابد من وجود كوبري فني من النجم القوي الذي يستطيع أن يبعد أحداث الفيلم الذي تكرر ممن سبق.. فالفيلم بوجودك سيقضي علي أن يكون الفيلم كوميديا+ شرير.. وهذا لاأرضاه لفيلمي ولا لك فأنت بأسلوبك.. وقدراتك الفنية.. وتفردك الخاص في أدائك الهادئ المبهر.. سوف تبعد الفيلم.. عن هذا الخطأ الدائم.. بين الكوميديا.. والشرير.. فأنت ياصديقي ستكون هذا الكوبري المبدع الذي يحقق للفيلم النجاح.. ويحق لي أنا كمخرج النجاح في تحقيق هذا الحلم السينمائي الجديد في هذا الفيلم.. ونظر إلي.. فوجدني في صمت وتفكير.. وإنحني إلي حيث يوجد سيناريو الفيلم.. وأمسك به ثم قدمه إلي.. وقال لي.. مبروك لك هذا الفيلم.. ومبروك لي تعاونك معي.. ومبروك لك النجاح المبهر في مأمور السجن الجديد.. بإذن الله!! وحملت السيناريو وهممت بالانصراف.. فأوقفني المخرج وقال لي بصداقة.. سنصور دورك بعد ثلاثة أيام.. إقرأ السيناريو.. وإلي لقاء في استوديو نحاس.. حيث ديكوراتك تنتظرك!! وتصافحنا دون أن أتكلم.. وانصرفت بكل الترحاب والود.. إلي.. منزلي!!