بينما يجرى تطوير المتحف اليونانى الرومانى فى الوقت الحالي، بدت أراضى وموقع ديوان محافظة الإسكندرية المتهدم وكأنها متنفس جديد للمتحف وتزايدت دعاوى ضم تلك الأراضى إلى المتحف، خاصة بعد اختيار موقع آخر لديوان المحافظة. هذا الأمر أهم ما يتضمنه بحث تعرضه الدكتورة منى حجاج رئيسة جمعية الآثار التى تنظم مؤتمرا صحفيا غدا لاستعراض مختلف أبعاد تلك القضية. توضح الدكتورة منى حجاج أن جمعية الآثار بالإسكندرية كانت قد تقدمت بمذكرة لعدة جهات معنية باسم أعضائها وكل الأثريين والعاملين فى المجال السياحى والأكاديمى بالإسكندرية بشأن ضم أرض محافظة الإسكندرية المطلة على شارع فؤاد للمتحف اليونانى الرومانى الملاصق لها، وذلك لعدة أسباب أهمها أن المتحف اليونانى الرومانى هو ثانى أكبر متاحف البلاد والوحيد من نوعه فى مصر. وهو كذلك أهم متحف للآثار اليونانية والرومانية ليس فى مصر فقط بل فى دول حوض البحر المتوسط كافة، حيث أنشيء هذا المتحف بجهود أبناء الإسكندرية ليكون مؤسسة تعبر عن الهوية الحضارية لمدينتهم ذات المجد التليد. وهم يتطلعون اليوم لأن تساعدهم الدولة رعايته وإحياء دوره. وتشير إلى أنه ومع تزايد نشاط الحركة العمرانية بالإسكندرية خلال القرنين الماضيين تم الكشف عن كميات هائلة من الآثار بالمدينة، وكانت هذه الآثار تحفظ فى مخازن المتحف نظرا لعدم وجود مساحة كافية لعرضها. وقد ضاقت مخازن المتحف بما تحويه من كنوز مكدسة فى ظروف غير ملائمة جعلتها معرضة لمخاطر التلف. ومن المعروف أن أفضل طريقة للحفاظ على الأثر ضد السرقة والإهمال وعوامل التلف هو العرض المتحفي، حيث تصبح مراقبة الأثر وحمايته مهمة كل زوار المتحف بجانب المختصين القائمين عليه. وتضيف أنه ونتيجة لهذه الظروف ومع الحاجة الملحة لإنقاذ آثار المتحف، نشأت فكرة توسيع المتحف من قبل، كما جرت محاولات لتطوير العرض المتحفي، لكنها لم تحل المشكلة الرئيسية وهى ضيق المساحة. وقد أغلق المتحف منذ عدة سنوات لتنفيذ مشروع لتطويره ونقلت القطع الأثرية، التى تبلغ عشرات الآلاف عددا، إلى مخازن متفرقة بالبلاد، وتجرى حاليا أعمال التصميم الخارجى والداخلى وسيناريو العرض لمشروع التطويروهى فرصة تاريخية لأن يصبح للإسكندرية متحف يليق بتاريخها وبما قدمته للإنسانية من عطاء يعترف به العالم أجمع. كما ستتيح أرض محافظة الإسكندرية بعد ضمها للمتحف إضافة قاعات مؤتمرات وقاعات محاضرات تيسر للمتحف القيام بدوره الحقيقى فى نشر الوعى الأثرى والتعليمى فى المجتمع السكندرى خاصة والمصرى عامة كما سيتم إتاحة مساحة مناسبة لإقامة مكتبة متخصصة وقاعات اطلاع حديثة توفر للباحثين المناخ المناسب للاطلاع والدراسة المتخصصة، علما بأن لدى مكتبة المتحف حالياً مجموعات من الكتب النادرة التى تعد فى حد ذاتها ثروة قومية. وأشارت إلى أن تحقيق هذا الهدف لا يقتصر على إحياء دور المتحف الثقافى والعلمى فقط بل من شأنه أن يحقق دورا اقتصاديا واجتماعيا غير مسبوق، ذلك أن المساحة المضافة ستتيح الفرصة لإقامة ملحقات مهمة وضرورية لخدمة السائحين، كمجموعة من المطاعم التراثية والكافيتريات وحديقة متحفية ومكتبات بيع الكتب والبازارت السياحية المتنوعة بما يشبه الموجود فى ملحق متحف اللوفر. كما أن إضافة أرض المحافظة لمساحة المتحف من شأنها استحداث واحد من أهم مراكز الجذب السياحى والثقافى فى منطقة البحر المتوسط، وبالتالى واحد من أهم مصادر الدخل لوزارة الآثار ولخزانة الدولة بوجه عام. كما توفر مزيدا من فرص العمل للأثريين والعاملين بمجال السياحة، وهو ما سيفتح مجالات أخرى سياحية وفرص عمل إضافية ومزيداً من مصادر الإنفاق من جانب السياح بما يعنى مزيداً من الموارد للدولة والأفراد وهى موارد قد تفوق موارد المتحف نفسه بالإضافة إلى أن توسيع مساحة المتحف يمثل إضافة قيمة لمراكز السياحة الثقافية بالإسكندرية لا تقل فى أهميتها عن إقامة مكتبة الإسكندرية التى سيشكل المتحف معها محوراً سياحياً فريداً إذا ما أخذنا فى الاعتبار موقع المتحف القومى بجوارها ومتحف الموازيك المزمع إقامته فى منطقة الشلالات المجاورة أيضاً. كما يمثل موقع مبنى الديوان جزءا مؤكدا من الحى الملكى بالإسكندرية القديمة، الذى كانت تتركز فيه منشآت المدينة المهمة كالقصور الملكية والمعابد والمسرح الكبير والموسيون (دار العلم) والمكتبة الكبري. وفى هذا الموقع تضع الخرائط الطبوغرافية للمدينة القديمة معبد ساتورن الإله الرومانى للزراعة، حيث تم الكشف قبل بناء مبنى ديوان عام المحافظة عن عدد من الأعمدة الضخمة من بينها عمود ميدان الخرطوم الذى يشهد على الطراز المعمارى السكندري. هذا فضلاً عن موقع الأرض - مطلة - على الشارع الرئيسى للمدينة القديمة (الشارع الكانوبي) وهو الشارع الذى مازال حتى يومنا هذا هو الشارع الرئيسى للمدينة الحديثة محتفظا باسمه القديم (شارع أبى قير) وامتداده غربا فيما نعرفه الآن بشارع فؤاد. لذا فهناك ضرورة علمية وأخلاقية لأن تجرى فى الموقع حفائر أثرية علمية منظمة والنزول بالحفر إلى أعماق كبيرة، فمن المعروف أن الآثار البطلمية يتراوح عمقها، على أفضل الاحتمالات، بين 10 و12 م، بينما الرومانية 6 - 8 أمتار، هذا وننوه بضرورة الحفاظ على ما قد يكشف من آثار فى الموقع عند استغلاله لمصلحة المتحف كما حدث فى موقع متحف الأكروبول بأثينا باليونان الذى يعد من أحدث وأجمل المتاحف على المستوى العالمي.ولو قدر لذلك أن يحدث فستكون الإسكندرية أول مدينة فى منطقة الشرق الأوسط تقيم متحفها فوق أرض أثرية مع الحفاظ على الآثار معروضة فى موقعها.