ويتواصل حديث النظام الإنتخابي بالقائمة الحزبية النسبية, والتي تمنح الأحزاب السياسية فرصا أكبر في المشاركة بصناعة القرار, وتتيح التعبير بصورة أفضل عن إرادة الناخبين, وتؤدي إلي تنوع في التشكيلة البرلمانية, ومشاركة عدد أكبر من الاتجاهات السياسية الموجودة في المجتمع. ومن أبرز إيجابيات نظام القوائم الحزبية النسبية, قدرتها بتوفير التعبير الملائم عن فئات المجتمع المختلفة, سواء من الأقباط أو المرأة, وإتاحة الفرصة لترشيح فئات بعينها تمتنع عن المشاركة في الانتخابات الفردية لأسباب مجتمعية مثل المفكرين والمثقفين والأكاديميين المفتقدين لنفوذ قبلي أوعائلي يساعدهم علي النفاذ من تعقيدات التركيبة الانتخابية السائدة والمعمول بها حاليا. لقد طبقت مصر نظام القائمة النسبية الحزبية مرتين خلال الثمانينات, وظهرت اعتراضات عديدة عقب التجربتين, من زاوية عدم قدرة هذا النظام آنذاك عن التعبير عن كل ألوان الطيف السياسي في المجتمع. المشكلة وقتها لم ترتبط بهذا النظام الذي تعمل به دول عديدة وأسهم في تكريس وتعميق وانتشار الأحزاب السياسية في المجتمع, و جعل من الأحزاب وبرامجها السياسية الأساس في اختيار الناخب لممثليه في البرلمان. لكن المشكلة ارتبطت وقتها بطبيعة نظام القائمة والذي تم الأخذ به, والذي اشترط مجموعة من الضوابط كانت كفيلة بحجز العديد من الأحزاب عن تجاوز العتبة الانتخابية, والمقصود بالعتبة هنا هو تجاوز النسبة المئوية المحددة كشرط لدخول البرلمان. لقد اشترط النظام الانتخابي الحصول علي8% من مجموع أصوات الناخبين علي مستوي الوطن كله, وليس علي مستوي الدائرةالواحدة, وكان ذلك طبيعيا من زاوية اشتراط دخول الحزب الانتخابات في كل الدوائر البالغ عددها222 دائرة بقائمتين أساسية واحتياطية, وبمجموع مرشحين بلغ عددهم لكل حزب888 مرشحا, وهو ما يعد أمرا مبالغا فيه وعائقا حقيقيا عن تجاوز العتبة الانتخابية. لذلك لم يكن مفاجأة أن تنجح قائمة حزبية في اجتياز العتبة الانتخابية بدائرة ما, لكنها تفشل في اجتيازها علي مستوي كل الدوائر, ليفشل الحزب في الحصول علي التمثيل البرلماني, وتهدر أصوات الناخبين, ويتم منحها لصالح الحزب الحاصل علي أعلي الأصوات في هذه الدائرة... ويتواصل الحديث غدا..