واستكمالا لحديث الأمس, ومواجهة أخطاء ومعوقات النظام الانتخابي بالقائمة الحزبية النسبية التي تم تطبيقها في الثمانينيات, وأعاقت تطوير الحياة الحزبية, يحتاج الأمر لمجموعة من التوافقات الأساسية. أولا: ألا تكون القائمة مشروطة سوي بالنسبة المئوية المطلوبة لاجتياز عتبة البرلمان, وأن ترتبط النسبة بأداء القائمة علي مستوي كل دائرة علي حدة, وليس علي المستوي كل الدوائر الانتخابية كما كان مطبقا من قبل, وهو ما يتيح للأحزاب فرصة التركيز علي دوائر محددة, وفي ذات الوقت يوفر فرصا أكثر للمنافسة. ثانيا: الا يشترط إلزام الأحزاب المشاركة بتقديم قوائم لكل الدوائر الانتخابية, إحداها أصلية والثانية احتياطية, لأن تحقيق ذلك سيتطلب من كل حزب توفير888 مرشحا, وهو من المستحيلات في وقتنا الحالي, ونحن نري أزمة حقيقية تعوق الأحزاب عن أداء رسالتها السياسية والمجتمعية. ثالثا: منح الأحزاب حق الائتلاف, وتكوين قوائم مشتركة بين مرشحيها تخوض بها الانتخابات, وإلغاء الحظر الذي كان مطبقا في هذا الصدد, وسيتيح ذلك للأحزاب الصغيرة فرصة المشاركة في الانتخابات ولو في دوائر قليلة. رابعا: تخفيض النسبة المطلوبة لاجتياز العتبة البرلمانية, كما هو حاصل في عدد من الدول الأوروبية التي تحدد النسبة في5% من عدد أصوات الناخبين في الدائرة, وهو ما يساعد علي تحقيق أوسع تمثيل ممكن للأحزاب المتنافسة. ستساعد هذه الأفكار الأولية علي تحقيق هدف استراتيجي في تقوية الأحزاب, وتكريس مفهوم التعددية الحزبية والتنوع, ووضع الانتخابات علي بداية طريق طرح أفكارها السياسية, وإعادة الاعتبار إلي التنافس علي أساس البرامج الحزبية وليس الاعتبارات الفردية. ستظل مسألة التعبير عن إرادة الناخبين واختياراتهم مسألة أساسية وجوهرية, كما ستظل مسألة التعبير في البرلمان عن اختيار الناخب, وتمثيل القوي المجتمعية وفقا لنفوذ كل حزب في المجتمع وما يحصل عليه من أصوات الناخبين, الهدف المراد تحقيقه.