إن أردت أن تري المستحيل ممكنا, فانظر حولك وقد امتلأت الدنيا بالجرائم العقلية التي سممت الأفكار وشوهت العقول, فلا يختلف اثنان أننا في زمن الحصاد المدمر بعد أغراس غرسناها طوعا أو كرها منذ أكثر من نصف قرن من السنين أثمرت هذه الكيانات الإرهابية المتشحة بوشائح التدين, أكثر من خمسين سنة والمنطقة العربية خاصة( أم الدنيا) قد غابت عنها الثوابت والتقاليد و الأعراف, ترنحت خلالها منظومة ثقافية( هجين), ومناهج تعليمية كغثاء السيل, فاختلت معايير التربية رغم متواليات الخطط والمشروعات ثم كانت مظلة إعلامية( سلطوية) تشكل وجدان الناس كما يريد الحاكم الأوحد, زعيم أوانه, و فريد زمانه, وعقل الأمة أو الدنيا, لا فرق, تدور العقول في أفلاكه..!! أكثر من خمسين سنة وهذه( التركيبة) تنخر في الجسد المصري العريق, فانهارت الرؤي المستقبلية, وباتت عمليات التغيير المتعاقبة أشبه بالتنقل من غرفة إلي غرفة داخل البيت الواحد, وليست تغييرات جوهرية تصنع رجالا وتؤسس مجتمعا عصيا علي أنواء الزمان, صامدا أمام سهام الحاقدين و مؤامراتهم, وكما يقول( هيجل): إن التاريخ لا يتجاوز شيئا إلا بعد مواجهته ودفع ثمن هذه المواجهة. فماذا كان الحصاد ؟ ارتحلت الثوابت و القيم أو انتحرت لا فرق, وقامت علي أنقاضها ثوابت داخلية وقيم مستوردة لا تتناغم و المعدن المصري صاحب الخصوصية التاريخية, فرأينا أجيالا بلا ملامح, اللهم إلا التشويه في المظهر و المخبر, أجيالا امتلأت قهرا نفسيا ومجتمعيا, لا انتماء له, فأصبح صيدا ثمينا للجماعات التي حفظت من التراث نصوصا مزورة أو ضعيفة أو محرفة, ولديها أرصدة من قصص التاريخ المغلوط من أجل تعزيز جرائم التكفير و إهدار الدماء, ثم ألبسوها ثياب الوهم العقائدي مع معتقدات شعبية أحاطوها بكل أدوات التوكيد من أن هذا العمل( الجهادي) يباركه الله فيرسل الملائكة والخيول تقاتل معنا, وغير ذلك من الأباطيل التي تخبر الأتباع بنزول( جبريل), عليه السلام, ثم رؤية( المصطفي), صلي الله عليه وسلم, في صفوف المصلين مأموما وليس إماما..!! إنها الجرائم العقلية التي يجب أن تنال من قانون العقوبات أوفي النصيب, الذي أري الإعدام قصاصا يسيرا أمام جرم الخراب المسلح لجماعات تحز الرؤوس و تسبي النساء وترمي بالكفر كل من يخالفهم.. فمن صاحب الجرم العقلي الأكبر في صياغة هذه المشاهد ؟! أظنه كل مسئول عن التعليم والثقافة والإعلام, علي مدي ما يزيد علي خمسين سنة حتي اليوم, إنهم من أجرموا في حق الوطن والأبناء أولئك الذين شبوا علي التمزيق الفكري و ضياع الإنتماء وهوان الوطن.. أكثر من نصف القرن ونحن نعيش معارك كلامية و مواجهات عنترية تتسلح ببلاغة الصياح و أناشيد حماسية, سرعان ما تيقن العدو أنها لا تنطوي علي قوة حقيقية في الواقع, فكان الإنهيار عند أول صدام عسكري, لانزال نعاني ويلاته, ولا تزال أراض عربية بيد العدو..!! إنها الجرائم العقلية التي تستدعي أعواد المشانق, حتي تستقيم أحوال الأوطان, فلن تستقيم بدون صلاح الإنسان, صلاحا يعصم المواطن من تيارات التيه واستقطاب جماعات تعلن شرعيتها بينما الحقيقة محاربة المجتمع بزعم التكفير ثم التفجير والهدم, إنها حصائد التعليم الخاطئ والثقافة المشبوهة بشبهات تستعصي علي الحصر, فمن عجائب الحصاد أن أصدرت( داعش) بيانا حول موقفها من أحداث المنطقة بأنهم لن يقاتلوا( إسرائيل) لأن الله لم يأمرهم بذلك..!! فمن المدهش أن هذه الجماعات تدمر بلاد الإسلام بزعم الجهاد, فالسلاح للمسلمين, والدعاء الجماعي والخطب المنبرية( لإسرائيل).. وباستقراء المشهد الدامي يجب أن نعي أن هذه المواقف وإن بدت مختلة صادمة, إلا انها ليست عفوية أو وليدة موقف, وإنما عن ترتيب و تدبير ودراسات وفق توجهات أكبر من حجم هذه الجماعات علي اختلاف مسمياتها, فهذه واحدة من مشاهدات تليفزيونية بثتها قناة( الجزيرة) القطرية, أو الجريرة. لافرق, للشيخ( القرضاوي) قوله: أن لا ضرورة ولا واجب شرعي لفتح باب الجهاد في فلسطين حاليا لأن الله يختبر صبر المرابطين في الأراضي المقدسة.