سعر الدولار اليوم الجمعة 25-7-2025 أمام الجنيه المصري    استهداف متكرر للنازحين بغزة.. الاحتلال يقصف خيام الإيواء ومدارس المدنيين    المتطرف إيتمار بن غفير: "أؤيد تجويع سكان قطاع غزة"    مصرع عنصر شديد الخطورة عقب تبادل إطلاق النيران مع القوات الأمنية بأسيوط    طقس اليوم الجمعة.. أجواء شديدة الحرارة على أغلب الأنحاء    موعد عقد امتحانات الثانوية العامة الدور الثاني 2025    الفن السيناوي يضيء ليالي مهرجان جرش. .فرقة العريش للفنون الشعبية تتألق وتبهر الأردنيين بتراث سيناء (صور)    أسعار الأرز الشعير والأبيض اليوم الجمعة 25- 7- 2025 في أسواق الشرقية    أسعار حديد التسليح اليوم الجمعة 25 يوليو 2025    نائب رئيس جنوب إفريقيا: القارة السمراء تحصل على 3% فقط من الاستثمارات الأجنبية المباشرة عالميًا    تايلاند تعلن ارتفاع عدد القتلى جراء الاشتباكات مع كمبوديا إلى 15 شخصًا    موجة حارة شديدة تتسبب بحرائق في تونس    رفضًا لتجويع غزة| احتجاجات أمام القنصلية الإسرائيلية في شيكاغو    الأهلى يواجه البنزرتي التونسي اليوم    الزمالك يواجه وادى دجلة وديًا    نجم الزمالك السابق يوجه رسالة خاصة ل عبد الله السعيد    إزالة فورية ل 4 حالات تعدٍّ على أراضي أملاك الدولة في قنا    ارتفاع أسعار النفط وسط تفاؤل بانحسار التوتر التجاري وخفض صادرات البنزين الروسية    اسعار الدواجن والبيض اليوم الجمعة 25 يوليو 2025    خلال عمله.. دفن عامل صيانة سقط من الطابق السادس بعقار بحدائق الأهرام    حالة المرور اليوم بمحاور وميادين القاهرة والجيزة    بكام الفراخ النهارده؟.. أسعار الدواجن والبيض في أسواق الشرقية الجمعة 25-7-2025    تجهيزات خاصة لحفل عمرو دياب في لبنان    القنوات الناقلة مباشر لمباراة الأهلي والبنزرتي التونسي الودية اليوم.. والتردد والموعد    في حادث مأساوي.. مصرع أم وابنتها وإصابة 3 من أطفالها في حادث سقوط سيارة في ترعة بالبحيرة    مصطفى كامل: دعمي لشيرين مش ضد أنغام.. ومكنتش أعرف بالخلاف بينهم    رسميا، مانشستر يونايتد يمنع طباعة أسماء ثلاثة من أساطير النادي على قمصان الموسم الجديد    طريقة عمل بلح الشام، باحترافية شديدة وبأقل التكاليف    إليسا تتصدر ترند جوجل بعد ليلة لا تُنسى في موسم جدة    رسميا.. قائمة بالجامعات الأهلية والخاصة 2025 في مصر (الشروط والمصاريف ونظام التقسيط)    لا ترضى بسهولة وتجد دائمًا ما يزعجها.. 3 أبراج كثيرة الشكوى    الهلال الأحمر يعلن رفع قدرات تشغيل المراكز اللوجيستية لأعلى مستوياتها    هل الجوافة تسبب الإمساك؟ الحقيقة بين الفوائد والأضرار    بعد عمي تعبان.. فتوح يوضح حقيقة جديدة مثيرة للجدل "فرح أختي"    تدهور الحالة الصحية للكاتب صنع الله إبراهيم من جديد ودخوله الرعاية المركزة    الأوقاف تفتتح اليوم الجمعة 8 مساجد في 7 محافظات    نقابة التشكيليين تؤكد استمرار شرعية المجلس والنقيب المنتخب    الآلاف يحيون الليلة الختامية لمولد أبي العباس المرسي بالإسكندرية.. فيديو    محامي أسرة ضحية حادث «الجيت سكي» بالساحل الشمالي يطالب بإعادة تحليل المخدرات للمتهمة    "الجبهة الوطنية" ينظم مؤتمراً جماهيرياً حاشداً لدعم مرشحيه في انتخابات الشيوخ بالجيزة    استمرار استقبال طلاب الثانوية العامة لاختبارات العلوم الرياضية بالعريش    وزارة الصحة تنظم اجتماعًا لمراجعة حركة النيابات وتحسين بيئة عمل الأطباء    مصدر للبروتين.. 4 أسباب تدفعك لتناول بيضة على الإفطار يوميًا    "قلب أبيض والزمالك".. حامد حمدان يثير الجدل بصورة أرشيفية    أحمد سعد: ألبوم عمرو دياب مختلف و"قررت أشتغل في حتة لوحدي"    يوسف حشيش يكشف كواليس صعبة بعد ارتباطه ب منة عدلي القيعي    سعاد صالح: القوامة ليست تشريفًا أو سيطرة وإذلال ويمكن أن تنتقل للمرأة    سعاد صالح: النقاب ليس فرضًا أو سنة والزواج بين السنة والشيعة جائز رغم اختلاف العقائد    تنسيق الجامعات 2025، شروط الالتحاق ببعض البرامج المميزة للعام الجامعي 2025/2026    تفاصيل صفقة الصواريخ التي أعلنت أمريكا عن بيعها المحتمل لمصر    وسيط كولومبوس كرو ل في الجول: صفقة أبو علي تمت 100%.. وهذه حقيقة عرض الأخدود    العثور على رضيعة حديثة الولادة أمام مستشفى الشيخ زويد    فلكيا.. مولد المولد النبوي الشريف 2025 في مصر و3 أيام إجازة رسمية للموظفين (تفاصيل)    داليا عبدالرحيم تنعى أسامة رسلان متحدث «الأوقاف» في وفاة نجل شقيقته    «دعاء يوم الجمعة» للرزق وتفريج الهم وتيسير الحال.. كلمات تشرح القلب وتريح البال    دعاء يوم الجمعة.. كلمات مستجابة تفتح لك أبواب الرحمة    لتخفيف حرقان البول في الصيف.. 6 مشروبات طبيعية لتحسين صحة المثانة    الشيخ خالد الجندي: «ادخل العبادة بقلب خالٍ من المشاغل الدنيوية»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإخوان ينسحبون والأمريكان ينتقدون من يحرك من؟
نشر في الأهرام المسائي يوم 14 - 02 - 2010

بعد أربع وعشرين ساعة من إعلان البيت الأبيض الأمريكي أول أمس الثلاثاء‏,‏ انتقاده لسير العملية الانتخابية في مصر‏,‏ وهو الأمر الذي ردت عليه الخارجية المصرية بشدة‏,‏ معتبرة
إياه تدخلا سافرا في الشئون الداخلية لمصر‏,‏ أعلن تنظيم الإخوان غير المشروع‏,‏ انسحابه من جولة الإعادة لانتخابات مجلس الشعب‏2010.‏
الغريب أن التوافق في الموقفين‏,‏ الإخواني والأمريكي‏,‏ من الانتخابات البرلمانية المصرية‏2010,‏ كان واضحا منذ ما قبل بدء العملية الانتخابية‏,‏ فقد بدا التجانس جليا بين مطلب تنظيم الإخوان غير الشرعي الرقابة الدولية علي الانتخابات‏,‏ وبين مطلب الخارجية الأمريكية حول ذات الموضع‏.‏
فعقب تأكيد المتحدث باسم الخارجية الأميركية فيليب كراولي‏,‏ يوم الأحد‏21‏ نوفمبر علي ضرورة السماح لمراقبين دوليين بمراقبة العملية الانتخابية في مصر‏,‏ عقد تنظيم الإخوان غير الشرعي مؤتمرا صحفيا في اليوم التالي مباشرة‏,‏ الأثنين‏22‏ نوفمبر بمقر كتلتهم البرلمانية‏,‏ أكدوا فيه علي لسان عصام العريان عضو مكتب الإرشاد أنهم لا يرفضون مطلقا رقابة المنظمات الدولية علي العملية الانتخابية في مصر‏,‏ بل ويعتبرونها أحد الضمانات الرئيسية لنجاحها‏.‏ الغريب أن قيادات تنظيم الإخوان غير الشرعي كانت قد صرحت قبيل هذا المؤتمر بمدة بسيطة‏,‏ أنهم ضد الرقابة الدولية قلبا وقالبا‏,‏ وكانت هذه التصريحات تتوافق مع تصريحات كافة زعماء الأحزاب السياسية المصرية الشرعية التي رفضت الرقابة الدولية واعتبرتها تدخلا في الشئون الداخلية للبلاد‏.‏ تجانس إخواني أمريكي‏:‏
والحقيقة أن التجانس الإخواني الأمريكي المعلن عبر تفاهمات قادة فروع تنظيم الإخوان غير الشرعي في عدد من الدول العربية في العراق والأردن وغيرهما والسري عبر تفاهمات عدد من قادة التنظيم غير الشرعي في مصر مع مبعوثين للإدارة الأمريكية لم يقف عند حدود هذه الإنتخابات وإنما تمتد جذوره الي ما قبل انتخابات‏2005‏ الماضية‏,‏ وأبعد من ذلك بقليل‏.‏
إذ إن خيار الولايات المتحدة الأمريكية بالحوار مع التنظيم الإخواني غير الشرعي‏,‏ بدأت إرهاصاته عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر‏2001‏ بين جناح في الإدارة الأمريكية ورموز بارزة محسوبة علي التنظيم غير المشروع داخل مصر وخارجها‏.‏
بني هذا الجناح بالإدارة الأمريكية رؤيته علي ثلاثة اعتبارات رئيسية‏:‏
الأول‏:‏ أن عدم وجود ديمقراطية‏,‏ في المنطقة العربية هو السبب الرئيسي وراء ظهور وتصدير ظاهرة الإرهاب الإسلامي‏.‏
الثاني‏:‏ أن نقل المعركة إلي أرض العدو ويقصدون دول الشرق الأوسط‏,‏ منبت الحركات الإسلامية العنيفة لا يتم فقط عبر انتقال قوات المارينز لمواجهة بعض البؤر الإرهابية في منطقة الشرق الأوسط‏,‏ وإنما يجب إيجاد سبل أخري تتم من خلالها عملية النقل‏,‏ في مقدمتها استخدام منظمات إسلامية معتدلة تعمل كحائط صد في مواجهة تدفق الشباب الإسلامي الثائر والساخط نحو المنظمات الإرهابية‏.‏
الثالث‏:‏ إن دمقرطة أنظمة الحكم التي ستدعو إليها أمريكا وستضغط في سبيل تحقيقها في بلدان الشرق الأوسط لا بد أن تزيح أو تضعف عند حدها الأدني من قدرات الأنظمة الحاكمة علي الاستمرار في الحكم‏,‏ وذلك لصالح تيارات أخري أكثرها شعبية التيارات الإسلامية‏.‏
لذا لا بد من فتح حوار مع تلك القوي المرشحة للصعود لضمان روابط إيجابية معها إن لم تصل إلي حد التعاون الكامل‏,‏ تتمحور حول المصالح المشتركة‏,‏ وضمان عدم إنتاج وتصدير الكراهية لواشنطن‏.‏
ظلت حركة هذا الجناح تعاني من مقاومة ضارية يقودها جناح مضاد في الإدارة الأمريكية لا يقل مكانة وأهمية في مجال صنع السياسة الخارجية للدولة الأكبر في العالم‏,‏ وهو الجناح المطالب بالاعتماد علي الأنظمة الصديقة في المنطقة‏,‏ لدعم المصالح الأمريكية من جانب والتصدي لنفوذ التيارات المتشددة من جانب آخر‏.‏
دعم هذا الجناح لفترة طويلة قوافل الحوار العربية التي تتابعت علي العاصمة الأمريكية واشنطن‏,‏ مشتبكة في حوار طويل ومكثف مع مراكز صنع القرار الأمريكي حول خطورة ممارسة ضغوط علي الأنظمة الصديقة من شأنها أن تفتح الطريق لقوي إسلامية معتدلة نحو السلطة منبهة إلي مواقف هذا التيار الأيديولوجي المعادي للحضارة الغربية والأمريكية علي سواء‏,‏ وخطورته علي بنية المجتمعات العربية والإسلامية علي السواء‏.‏
وبينما قوافل الشتاء والصيف تتحاور مع الجناح المتحمس لوجهة نظرها‏,‏ كان الجناح الآخر يزرع المنطقة جيئة وذهابا للحوار مع رموز التيار الإسلامي في كل من مصر والكويت والأردن والأراضي المحتلة‏,‏ بالإضافة إلي ممثلين للتنظيم الدولي للإخوان في كل من ألمانيا وأنجلترا‏.‏
وفجأة انهالت الرسائل المبطنة والمكشوفة من جميع المسئولين في أمريكا تؤكد المسعي الجديد‏,‏ فمن كونداليزا رايس‏,‏ إلي ريتشارد هيس‏,‏ راح الجميع يؤكدون أن الولايات المتحدة لا تخشي وصول تيارات إسلامية إلي السلطة شريطة أن تصل عن طريق ديمقراطي وأن تتبني الديمقراطية كوسيلة للحكم‏.‏
ألتقط تنظيم الإخوان غير الشرعي الرسالة علي الفور‏,‏ وسرعان ما سمعنا ورأينا‏?‏ آنذاك‏-‏ إعلان نائب المرشد العام السابق للتنظيم يؤكد قبولهم للحوار مع الولايات المتحدة‏,‏ شريطة أن يتم عبر الخارجية المصرية
كان التنظيم غير المشروع‏,‏ يعتبر ما يحدث فرصة لا يجب إهدارها‏,‏ أو بتعبير الدكتور عصام العريان عضو مجلس شوري التنظيم آنذاك فرصة لن نتركها تفلت أبدا‏.‏
فالقوة العظمي الأولي في العالم تمارس ضغوطا كبيرة علي النظام المصري وتسعي إلي تحجيم دوره لصالح قوي أخري بديلة‏,‏ وها هي الإشارة تأتي من أمريكا باستعدادها للحوار معهم‏,‏ وعدم ممانعتها لوصول قوي إسلامية للسلطة في البلدان العربية‏.‏
ولكن ظل تحرك هذا التيار في هذا الاتجاه آنذاك‏-‏بحاجة ماسة إلي ثلاث معجزات‏:‏
أولها‏:‏ إقناع الجسد الكبير والمترهل للتنظيم غير الشرعي‏,‏ بضرورة عدم تفويت الفرصة والقبول بالحوار مع القوي الوحيدة التي تساعد شارون وعصابته من الليكود الإسرائيلي‏-‏آنذاك‏-‏ علي التهام الأراضي الفلسطينية‏,‏ وتهويد القدس‏,‏ وقتل شعب عاجز لمجرد أنه يرفض الاحتلال ويطالب بدولة مستقلة عاصمتها القدس العربية المحتلة‏.‏
ثانيها‏:‏ التصدي لقناعات تم تصديرها الي الرأي العام‏,‏ عبر حوارات وتصريحات معلنة لعدد من قادة التنظيم الإخواني غير الشرعي‏,‏ مفادها أن أمريكا لا تهدف من وجودها في المنطقة أو حربها في العراق سوي القضاء علي الإسلام وتدمير حضارته‏,‏ وأن الضغوط الأمريكية من أجل الإصلاح لا تهدف بالأساس سوي خدمة المشروع الصهيوني‏.‏
وآخرها‏:‏ الاستعداد لإجراء تحولات سريعة وكبيرة‏,‏ فيما يتعلق بكثير من رؤي تنظيم الإخوان غير الشرعي
التي عبرت عنها عدد من الدراسات الأمريكية بمصطلح المناطق الرمادية تلك المرتبطة بالموقف من الآخر‏,‏ والمرأة‏,‏ والأقباط‏,‏ وشكل النظام السياسي الحاكم‏,‏ وقضية تطبيق الشريعة‏.‏ الأمر الذي يستدعي‏,‏ في مرحلة لاحقة‏,‏ دفن العديد من أفكار مؤسس التنظيم حسن البنا‏,‏ والإعلان عن خطئها أو عدم صلاحيتها للمرحلة الحالية في أقل الفروض‏,‏ وهو ما كان سيطرح إشكالية أخري علي هذا التنظيم‏,‏ تتمثل في تفكيك البني الفكرية التي قام عليها طوال ما يقرب من ثمانين عاما‏,‏ وهو ما كان سيحدث هزة داخلية عنيفة قد لا يتحملها التنظيم‏-‏ وقتها‏-‏ علي الرغم من قوته الظاهرة‏.‏
رسائل متبادلة‏:‏
ومن كونداليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية‏-‏آنذاك‏-‏ إلي ريتشارد هاس مخطط السياسة الخارجية الأمريكية‏-‏ آنذاك‏-‏وصولا إلي الاتحاد الأوروبي‏,‏ انهالت التصريحات والتسريبات الصحفية‏,‏ الأمريكية والغربية علي المنطقة نهاية‏2004‏ وبداية‏2005,‏ تؤكد الرغبة في الحوار مع الإسلاميين الذين وصفتهم بالمعتدلين‏,‏ الأمر الذي تلقفه قادة التنظيم الإخواني غير الشرعي ليخرجوا بالآلاف في تظاهرات عنيفة وضخمة للإعلان عن أنفسهم‏,‏ في أكبر ميادين القاهرة ميدان رمسيس‏,‏ استجابة لتلك النداءات الأمريكية‏,‏ وسرعان ما بدأت اللقاءات تعقد في عمان بمباشرة رئيس جبهة العمل الإسلامي‏?‏ آنذاك‏-‏ الذراع السياسي للتنظيم في الأردن‏.‏
ثم حوارات مكثفة في بغداد‏,‏ مع المحتل الأمريكي آنذاك‏,‏ وحوارات أخري في بيروت مع قادة حركة المقاومة حماس‏.‏
لكن سرعان ما فتر السعي الأمريكي نحو ما أطلقوا عليه فرض الديمقراطية في الشرق الأوسط بالقوة‏,‏ واشاعة الفوضي الخلاقة‏,‏ ثم مضي بوش وإدارته وجاء أوباما‏,‏ الذي ترددت أنباء قوية قبل فوزه حول عقد لقاء بينه وبين عدد من المحسوبين علي التنظيم الإخواني غير المشروع‏,‏ ينتمون لفرع الولايات المتحدة الأمريكية وبالتحديد أعضاء بمنظمة كير‏.‏
ومرت السنون ولم يفارق أعين قادة التنظيم الإخواني غير الشرعي حلم الحوار مع واشنطن‏,‏ بل وتواصلت رحلات عدد من نواب البرلمان‏,‏ المنتمين للتنظيم غير الشرعي‏,‏ مستغلين الحصانة التي منحهم إياها المصريون‏,‏ وآخرها رحلة الدكتور سعد الكتاتني رئيس الهيئة البرلمانية للتنظيم‏.‏
ولم يقف الأمر عند هذا الحد‏,‏ وإنما استمرت الرسائل المبطنة بين الطرفين‏,‏ تأكيدا أنهما علي خط واحد‏,‏ فيما يتعلق بالضغوط التي تمارس علي مصر تحديدا‏.‏
وهو ما ظهر جليا في الإنتخابات الأخيرة‏,‏ سواء قبل الانتخابات‏,‏ عندما توافقا حول الرقابة الدولية أو بعد الانتخابات عندما جاء قرار التنظيم الإخواني غير الشرعي‏,‏ بالانسحاب عقب تصريحات البيت الأبيض مباشرة‏.‏
جولة الإعادة وحظوظ التنظيم‏:‏
كان قادة التنظيم الإخواني غير الشرعي يعلمون‏,‏ منذ اللحطة الأولي أن حظوظهم في الفوز بنسبة معقولة من مقاعد برلمان‏2010‏ معدومة‏,‏ ليس فقط لأنهم قدموا أسوأ أداء في برلمان‏2005,‏ ولكن لأكثر من سبب كشف عنه عدد من الباحثين المحايدين الذين استطلعت هيئة الإذاعة السويسرية آرائهم عبر موقعها علي شبكة الإنترنت‏,‏ قبيل الإنتخابات البرلمانية بأقل من أسبوع‏.‏
فتحت عنوان‏:‏ نواب الإخوان في برلمان‏2005‏ أقلية ناشطة قدمت أداء دون المستوي نسب التقرير للخبراء الذين أستطلع آرائهم‏-‏ وجميعهم لدي شهود عدول‏-‏ أن نواب الإخوان في برلمان‏2005,‏ كانوا‏:‏ بلا أجندة واضحة وليست لديهم قدرة علي المناورة السياسية‏,‏ فضلا عن كونهم يفكرون بعقلية الفصيل ويقدمون مصلحة الجماعة علي المصلحة العامة ويفتقدون للخبرة السياسية الكافية‏,‏ إضافة لضعف الوعي السياسي والمعرفي‏.‏وذكر التقريرعلي لسان الدكتور عمرو هاشم ربيع‏,‏ خبير الشئون البرلمانية بمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام أنه علي الرغم من أنهم عدديا مثلوا أكبر كتلة معارضة في برلمان‏2005‏ بحصولهم علي‏88‏ مقعد‏,‏ وهو ما يعادل‏20%‏ من مقاعد البرلمان‏,‏ إلا أن تأثيرهم كان ضعيفا للغاية ولا يتناسب مع هذا العدد الكبير‏.‏ وأضاف التقرير علي لسان الدكتور عمار علي حسن الخبير في شئون الحركات الإسلامية‏,‏ أن أداء نواب الإخوان في‏2005,‏ كان أقل بكثير من أدائهم في‏1987,‏ رغم تفوقهم العددي‏,‏ وعزا ذلك إلي نقص عوامل الخبرة والإدراك السياسي والوعي التنظيمي والكاريزما الشخصية وامتلاك الخصائص والمواصفات العلمية‏,‏ فضلا عن القدرة علي التأثير في الآخرين‏.‏ ووصف الدكتور إكرام بدر الدين أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة في ذات التقرير أداء نواب الإخوان بأنه كان شكليا واستعراضيا‏.‏ معتبرا أنه في دوائر متعددة‏,‏ لم يقدم نواب الإخوان أية خدمات تذكر طوال السنوات الخمس الماضية‏,‏ وهي عمر الدورة البرلمانية المنقضية من برلمان‏2005/.2010‏
سببان وراء الانسحاب‏:‏
لكل ما سبق‏,‏ وهو ما لم نأت به من عندنا‏,‏ إنما حرصنا علي نقله حرفيا من جهة إعلامية محايدة‏,‏ وعلي لسان باحثين محايدين‏,‏ كان الإخوان يعرفون موقفهم الإنتخابي جيدا‏,‏ ولم يفاجأوا به علي الإطلاق‏,‏ ولكن تماديا مع خطتهم الهادفة الي إشاعة جو من الارتباك والفوضي في الانتخابات بقصد إفشالها‏,‏ الأمر الذي لم يستطيعوا القيام به أثناء عمليات التصويت نظرا ليقظة الأجهزة المعنية‏,‏ ومعرفتها التامة بكافة تفاصيل مخططهم‏,‏ فلم يجدوا مفرا من محاولة القيام به عقب ظهور النتائج لسببين‏:‏
السبب الأول‏:‏ أن التظيم الإخواني غير الشرعي‏,‏ كان من المقرر أن يخوض مرحلة الإعادة علي‏26‏ مقعدا وهو رقم يبدو ضخما للوهلة الأولي‏,‏ بالمقارنة مع الأحزاب السياسية التي تخوض جميعها جولة الاعادة علي‏15‏ مقعد فقط‏.‏
ولكن اذا نظرنا الي النتائج النهائية المعلنة‏,‏ وعدد الأصوات التي حصل عليها مرشحو الجماعة سنجد أن الإعادة لن تمنحهم الكثير‏,‏ علي العكس ما يمكن أن تمنحه للأحزاب الشرعية الأخري‏,‏ نظرا لموقف مرشحي الأثنين في الإعادة‏.‏
فبقراءة النتائج نجد أن‏12‏ مرشحا من الإخوان قد حصلوا علي أصوات تقل كثيرا عن منافسيهم في المرحلة الأولي‏,‏ تصل في بعض الأحيان الي الثلث‏,‏ وفي حال الاستمرار في المنافسة فإن النتيجة معروفة سلفا‏,‏ إذ سيسحق المرشح المنافس مرشح التنظيم الإخواني غير الشرعي في هذه الدوائر سحقا‏.‏
ومن أبرز هؤلاء د‏.‏محمد البلتاجي المرشح علي الدائرة الثالثة بالقليوبية والذي حصل علي أقل من‏10‏ آلاف صوت مقابل أكثر من‏20‏ ألف صوت لمنافسه علي نفس المقعد‏.‏
وكذلك رضا الجندي مرشح الجماعة في دائرة الزاوية الحمراء بالقاهرة‏,‏ والذي حصل علي‏1189‏ صوتا في المرحلة الأولي مقابل‏5‏ آلاف صوت لمنافسه ايهاب سيد بدوي‏.‏
أما باقي مرشحي التنظيم غير الشرعي وعددهم‏14‏ فمنهم‏9‏ مرشحين جاءت نتائجهم في الجولة الأولي قريبة من نتائج منافسيهم‏,‏ لكننا يجب ألا ننسي أن هؤلاء المنافسين سوف ينضم لهم في الاعادة الكتلة التصويتية الخاصة بزملائهم في الحزب الوطني وهو ما يعني هزيمة محققة لمرشحي التنظيم غير الشرعي‏,‏ من هؤلاء حازم فاروق المرشح في الدائرة الأولي بالقاهرة‏,‏ وحصل علي عدد أصوات أقل من منافسه بأكثر من‏600‏ صوت ومن المؤكد أن هذا الفارق سوف يتسع كثيرا في الإعادة بعد انضمام الكتلة التصويتية للوطني‏.‏
ويسري بيومي الذي يتقدم عليه منافسه بأكثر من‏1500‏ صوت في المرحلة الأولي وهو ما يعطي انطباعا بأن جولة الإعادة سوف تكون محسومة الي حد بعيد لغير صالحه‏.‏
ويقف‏7‏ مرشحين آخرين للتنظيم غير الشرعي‏,‏ في موقف قريب‏-‏ إن لم يكن أسوأ‏-‏ من يسري بيومي وحازم فاروق‏.‏
أما عن المرشحين الثلاثة الذين يبدوا فوزهم قريبا وهم عطية مبروك في دائرة كرموز بالاسكندرية وأسامة سليمان بدائرة دمنهور في البحيرة‏,‏ وصابر عبدالصادق في دائرة دمياط بدمياط‏.‏
فهذا الأمر أيضا لم يكن مؤكدا إذا أخذنا في الاعتبار انضمام الكتلة التصويتية لمرشحي الحزب الوطني لزملائهم في الإعادة‏.‏ إذن فالفضيحة كانت مؤكدة‏,‏ والانسحاب كان تمثيلية للتغطية عليها‏.‏
السبب الثاني‏:‏ وهو ما أشرنا إليه تفصيلا في القسم الأول من مقالنا‏,‏ حول التوافق الإخواني الأمريكي‏,‏ لعله يشفع للتنظيم الإخواني غير المشروع في حال صدام‏?‏ متوقع‏-‏ مع النظام بسبب ما يخطط له التنظيم من تحركات تهدف الي استقطاب عدد من رموز الأحزاب الشرعية‏,‏ بقصد تفجير هذه الأحزاب من الداخل‏,‏ وإعادة الاتصال بحركات الإحتجاج السياسي‏,‏ وبخاصة الجمعية المصرية للتغيير‏,‏ بقصد نقل المعركة مع النظام خارج إطار القانون والدستور‏,‏ عبر ما يطلق عليه التنظيم الإخواني غير المشروع شرعية الشارع‏.‏ لكن هل سينجح قادة التنظيم الإخواني غير الشرعي في تنفيذ مخططهم‏,‏ أشك كثيرا‏..‏ والي لقاء‏.‏

[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.