دراسة مهمة لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء عن الحيازة الزراعية في مصر دقت ناقوس الخطر في ان استمرار تفتت الحيازات الزراعية سيؤدي الي ضعف مساهمة القطاع الزراعي في الناتج المحلي الاجمالي علي المدي الطويل وازدياد اتساع الفجوة الغذائية وسجلت الدراسة حقائق خطيرة لابد ان تحظي بسرعة علاجها, فعلي الرغم من نجاح الجهود الحكومية المبذولة لزيادة مساحة الرقعة الزراعية خلال الاعوام الخمسين الماضية وزيادة الانتاج بشكل كبير, الا ان معدل الزيادة السكانية خلال تلك الفترة 268.4% كان اكبر من معدل الزيادة في مساحة الرقعة الزراعية 38% مما ادي الي انخفاض نصيب الفرد من الارض الزراعية, وبروز ظاهرة تفتت الحيازات الزراعية. اعلنت الدراسة تحت اشراف الدكتورة ليلي جاد والدكتورة علا الخواجة والتي اعتمدت علي جميع الوثائق والدراسات التي صدرت عن هذه الظاهرة. اكدت الدراسة ان ظاهرة تفتت الحيازات الزراعية تشكل عقبة امام تنفيذ المنظومة الزراعية التي تضمنها البرنامج الانتخابي للرئيس مبارك لرفع كفاءة القطاع الزراعي واستمراره في النمو, واحداث طفرة كبري في معدلات الانتاج ومسايرة الاساليب العلمية العصرية. وسجلت الدراسة ان ظاهرة تفتت الحيازات الزراعية تشكل احدي العقبات امام سياسة التنمية الريفية المستديمة بصفة عامة وسياسات وبرامج تطوير الزراعة بصفة خاصة, وذلك نظرا لما تسهم به في عدم الاستغلال الامثل للاراضي الزراعية. وتضمنت الدراسة حقائق خطيرة ابرزها ارتفاع اعداد الحائزين في فئة الحيازة اقل من فدان بنسبة43.2% وان متوسط الحيازة في الوجه البحري4.4 فدان وفي الوجه القبلي2.2 فدان. وخلصت الدراسة من خلال الواقع الحالي في مصر والتجارب المحلية والدولية في هذا المجال الي مجموعة من السياسات للتغلب علي هذه الظاهرة في الاراضي القديمة أو الجديدة ابرزها تطوير الدور الذي تقوم به التعاونيات الزراعية في مجال تجميع الحيازات الزراعية, وانشاء شركات مساهمة بين المزارعين, وتأسيس بنك للاراضي, علاوة علي مجموعة من السياسات المكملة في مقدمتها تخفيض رسوم تسجيل الاراضي الزراعية بما يسهل التعامل عليها, وربط التمويل بالارشاد الزراعي, وانشاء قاعدة بيانات دقيقة عن الاسواق المحلية والدولية تتم اتاحتها للجمعيات التعاونية والشركات والافراد علي حد سواء. وتفتت الحيازات الزراعية في مصر يرجع بالاساس الي كل من قوانين الميراث, وبرامج الاصلاح الزراعي, وحرص المزارعين علي زراعة اكثر من محصول للاكتفاء الذاتي, وتلافي اثار المخاطرة, وهو ما ترتب عليه تفتت الحيازات الزراعية علي الرغم من الزيادة في المساحة الاجمالية للحيازات الزراعية. وقد نتج عن ظاهرة تفتت الحيازة الزراعية مجموعة من الاثار السلبية التي تمثلت في وجود هدر كبير في مساحة الارض المزروعة وذلك نتيجة كثرة الحدود والفواصل والمصارف والمشايات, بالاضافة الي تغير استخدامات الاراضي الزراعية وصعوبة استخدام الوسائل المتطورة والحديثة في الزراعة, بجانب صعوبة تسويق المنتجات الزراعية بحيث تحقق ربحا للمزارع, وارتفاع تكاليف الانتاج وضعف مساهمة الحيازات الصغيرة في الصادرات الزراعية, فضلا عن وجود هدر كبير في المياه نتيجة تعدد فتحات الري. من ناحية اخري هناك بعض الاثار الايجابية ومنها: تلافي اخطار المخاطرة, ووجود حافز دائم لزيادة الانتاجية, الا ان معظم الاراء قد اتفقت حول الاثار السلبية التي تظهر بوضوح في الاجل الطويل عن الاجل القصير ستقود الي ضعف مساهمة القطاع الزراعي في الناتج المحلي الاجمالي علي المدي الطويل, وبالتالي فإن تلك الآثار تفوق في مجملها الاثار الايجابية لتفتت الحيازة الزراعية. وسجلت الدراسة ان مراجعة الاطار المؤسسي والتشريعي لادارة الحيازات الزراعية تبين منه ان التعاونيات الزراعية في مصر تواجه مجموعة من المشكلات المؤسسية والتمويلية والادارية التي تسببت في تدني اداء الجمعيات الزراعية, وتداخل مستويات واساليب رقابة الجهة الادارية بدرجة لا تحقق المرونة الكافية للتحرك, من خلال نظم رقابية ذاتية للتعاونيات الزراعية تدعمها الثقة المتبادلة بين اجهزة الدولة والحركة التعاونية بالاضافة الي المشكلات التمويلية والتي ترجع بصورة اساسية الي عدم قدرة التعاونيات علي تأسيس صناديق تمويل تعاونية والمشكلات الادارية والفنية التي تحول دون الاداء الكفء للجمعيات التعاونية الزراعية. واضافت انه نتيجة لتعدد تلك المشكلات فقد تم رصد ابرز الجهود المحلية التي حاولت التغلب علي مشكلة تفتت الحيازة الزراعية, وعلي وجه الخصوص مشروع المزارع الصغير والذي تم تطبيقه من قبل وزارة الزراعة واستصلاح الاراضي بالتعاون مع وكالة التنمية الامريكية في الفترة ما بين عامي1982 1986, وتجربة هيئة كير مصر مشروع الشمس في تجميع الحيازات الزراعية, هذا بالاضافة الي التجارب الدولية لكل من اليابان وبلغاريا, وذلك لاستخلاص اهم الدروس المستفادة التي تجب مراعاتها عند صياغة السياسات الخاصة, للحد من الاثار السلبية لظاهرة تفتت الحيازات الزراعية والتي تمثلت في تطوير الجمعيات التعاونية. وانشاء شركات الانتاج الزراعي. وفي هذا الاطار خلصت الدراسة الي مجموعة من التوصيات, وذلك بهدف المساعدة في الحد من قضية تفتت الحيازات الزراعية في مصر: اولا: توصيات يمكن تطبيقها في كل من الاراضي القديمة والجديدة علي حد سواء, وذلك كما يلي: تطوير الجمعيات التعاونية, وتغيير نظرة الدولة والمجتمع تجاهها ومحاولة اعادة الثقة المفقودة الي تلك الجمعيات وذلك من خلال: * العمل علي استقلالية التعاونيات الزراعية من الناحية الادارية من خلال توحيد الرقابة التنظيمية عليها, وتعديل قانون التعاونيات بما يساعد علي استقلال التعاونيات كمنظمات شعبية. * تطوير الهيكل الاداري والمؤسسي للجمعيات التعاونية الزراعية للنهوض بأدائها من خلال تدريب العاملين داخل الجمعيات التعاونية بجميع مستوياتهم الادارية واستحداث وظيفة العضو المنتدب, وكذلك دمج الانواع المختلفة للجمعيات في اطار مؤسسي واحد للتخفيف من تشابك الهياكل الادارية والمؤسسية. * تفعيل مشاركة التعاونيات في رسم السياسات الزراعية, وتحديد التركيب المحصولي والعمل علي توعية المزارعين بأهمية الحركة التعاونية, والعمل علي تقديم الحوافز للمزارعين للانضمام الي الجمعية الزراعية بصورة اختيارية, بالاضافة الي تشجيع التعاون بين الجمعيات التعاونية ومنظمات المجتمع المدني. * تنمية الموارد الذاتية الخاصة بتمويل الجمعيات الزراعية من خلال انشاء صناديق التمويل الذاتي, وزيادة رأس مال التعاونيات, وتعديل الاطار التشريعي المنظم للتعاونيات. * تغيير مسمي تلك الجمعيات الي- اتحاد المنتجين او اتحاد المزارعين وذلك حتي يشعر المزارعون ان هذه الجمعيات ليست كيانا مستقلا عنهم. * توفير حوافز غير مباشرة لتشجيع المزارعين علي الاندماج معا مثل: قيام التعاونيات الزراعية باعطاء الاسمدة والمدخلات الزراعية بسعر منخفض للمساحات المجمعة من الاراضي.