ما بين دموع سقطت بحرقة شديدة حزنا علي دماء خير أجناد الأرض, وابتسامة مكتومة علي الشفاه بنيل الشهادة والفوز بالجنة في العشرة الأواخر من رمضان, اختلطت مشاعر الأسوانيين عامة, وأهالي القري الأربع المنكوبة التي قدمت للوطن4 شهداء في مجزرة الوادي الجديد, وهي الرمادي قبلي بمركز إدفو, وسلوا بحري بمركز كوم أمبو, وتوشكي شرق بمركز نصر النوبة, ونجع الشيخ موسي بمركز دراو. وما أن أعلنت القوات المسلحة أسماء الشهداء, حتي اكتست أسوان بالسواد, خاصة في القري التي ينتمي إليها الشهداء, وكم كان المشهد قاسيا وقت إبلاغ أسر الضحايا.خالد طارق مصطفي أول الشهداء يستعد للانتهاء من خدمته العسكرية والاحتفال بحفل زفافه الذي حدده وكما يقول ابن عمه رجب في أغسطس المقبل, المشهد داخل قرية توشكي غرب التي تبعد نحو15 كيلو مترا عن مدينة نصر النوبة كان غاية في الحزن الأب والأم في حالة ذهول غير مصدقين, إخوته جالسون في ركن بعيد تنطلق منهم أحيانا.. أهات.. وأخري صرخات سرعان مايتدخل معها الكبار مرددين في الجنة في الجنة, فالشهيد هو نبت الأرض الطيبة التي هي المعني الحرفي باللغة النوبية لاسم توشكي. ويقول رجب ابن عم الشهيد إن خالد كان كلفه في آخر أجازة له بالبدء في الإعداد لزفافه بالاتفاق مع المطربين النوبين المعروفين وتجهيز الدعوات للأصدقاء... يتوقف رجب باكيا... ثم يعود قائلا كان يحلم بأن يكون عريسا. وعن تلقي نبأ استشهاده, قال رجب أنه تلقي اتصالا هاتفيا من رئيس المدينة والمركز سمير حقار, الذي ابلغه بالخبر المشئوم حيث ظللت لحظات غير مصدق. وعن أسرة الشهيد يتحدث ابن عمه قائلا بأن عدد أفرادها11 فردا من بينهم طارق وترتيبه الرابع بين أشقائه وهو حاصل علي دبلوم المدارس الزراعية عام.2012 في مركز دراو وداخل نجع ونس في منطقة الشيخ موسي, بدت وجوه رجال ونساء النجع جميعها غاضبة حزنا علي استشهاد ابن النجع عبد الرازق أحمد محمد الذي كان بشوشا مرحا, ورغم محاولة الحديث مع والده الذي يعمل مزارعا, إلا أن حالته النفسية السيئة ووقع الصدمة الشديدة عليه حال دون ذلك, بينما قال محمود مكي صديقه إن الشهيد كان علي اتصال دائم معه, وحسب ماقال مكي أن عبده كان يطلب منه الدعاء له ولزملائه, وجاءت آخر مكالمة تليفونية معه وكأنها كانت الوداع الأخير حيث استعادا معا الكثير من ذكريات شهر رمضان في النجع. مفارقات غريبة تصادفت مع تلقي أهالي قرية سلوا بحري نبأ استشهاد أحمد محمد مرعي, ففي الوقت الذي علم فيه عدد من الأهالي بالخبر من الأهرام المسائي أمس , كانت أسرته لاتعلم شيئا, واستمر الحال علي ماهو عليه حتي توجه عدد من الشباب إلي نقطة شرطة القرية للتأكد من ورود إخطار بذلك. وما أن تم تأكد الخبر حتي وصل إلي والده الذي احيل للمعاش العام الماضي, حيث كان يعمل موظفا بالوحدة القروية, وظل والد الشهيد متحيرا في كيفية إبلاغ زوجته المريضة التي من الممكن أن يقضي هذا الخبر عليها تماما, وبعد أن تمالك أعصابه ابلغ أم الشهيد التي سقطت مغشيا عليها. المثير أن أحمد مرعي كان في زيارته الأخيرة للقرية منذ أسبوع علي غير عادته, وكما يقول صديقه يوسف أحمد أنه رحل وكأنه كان يودعنا... أحمد مرعي هو الثاني لأسرته التي تضم شقيقين آخرين, وشقيقتين متزوجتين في داخل نجع الكرابلة التابع لقرية الرمادي بمركز إدفو, خرج الألاف عصر أمس في انتظار وصول جثمان الشهيد محمد عبد الدايم إبراهيم ضوي, الذي غادر القرية منذ أيام إلي وحدته العسكرية بعد الانتهاء من أجازته وكأنه ذاهب إلي الموت بقدميه محمد هو أحد أفراد أسرة تتكون من12 شقيقا وشقيقة, حيث كان والده المتوفي منذ عام يعمل موظفا بإدارة كهرباء إدفو, وحصل علي دبلوم المدارس الصناعية وقارب علي الانتهاء من فترة تجنيده, وكانت الزيارة الأخيرة له للقرية بمثابة الوداع الأخير للأصدقاء والزملاء.