منذ عقدين من الزمان بدأت تنتشر ظاهرة الهجرة إلي مصايف الساحل الشمالي, حيث اعتاد أهالي القاهرة والدلتا قضاء أيام الأعياد والإجازات فيها بعد أن كانت الإسكندرية هي قبلة المصيفين من كل أنحاء الجمهورية. لدرجة أن أعدادهم قد تتجاوز المليون علي شاطئ الإسكندرية ولكن زادت الهجرة وتم استبدالها بالساحل الشمالي ومطروح,والخطير في الأمر أن أهالي الإسكندرية أنفسهم هجروا مدينتهم وسواحلها إلي القري السياحية الممتدة علي الساحل الشمالي من الإسكندرية إلي مطروح, ولاشك من أن هناك أسبابا عديدة وراء هذا التحول من المنتزه والمعمورة والتي كانت مصيفا لأبناء الصفوة مرورا برأس التين الذي كان مصيفا للطبقة الوسطي حتي مصيف البيطاش والهانوفيل والنخيل واستبدلوا كل ذلك بمارينا ومراقيا ومطروح. الأهرام المسائي استطلعت آراء المواطنين لمعرفة الأسباب حول هذه الظاهرة, يقول حسين أبو شنب من أهالي الإسكندرية: إن أهم ظاهرة أدت إلي هجرة المصيفين هي سوء العناية بشواطئ الإسكندرية مثل عدم وضع مصدات كافية للأمواج وهو ما أدي إلي زيادة نحر البحر واختفاء وتقلص الكثير من الشواطئ, وهو ما انعكس علي المساحات المخصصة من الرمال ما قلل بالطبيعي من سعة المصيف. أما أشرف إبراهيم تاجر بالمنشية فيقول: إنه اعتاد منذ سنوات أن يقضي عدة أيام بأي قرية من قري الساحل الشمالي نظرا لأن مياه بحر إسكندرية أصبحت ملوثة بفعل مصبات الصرف الصحي وشركات البترول ومخلفات سفن الميناء ما أدي إلي سوء شكل المياه من حيث النقاء والصفاء فتبدو مياه الشواطئ وكأنها مختلطة بالمازوت هذا علي عكس مياه الساحل الشمالي التي نري فيها قاع البحر علي عمق أمتار وكأنها فيروز يتلألأ, ولذلك نناشد بتشكيل لجنة عليا من أساتذة الجامعات من كليتي العلوم والهندسة مع المسئولين التنفيذيين لبحث أسباب تلك الظاهرة ووضع الحلول المستقبلية لها. فيما يشير محمد ارتيجة من البيطاش إلي أن التغير الجغرافي والسكاني والمعماري الذي طرأ علي منطقة البيطاش بالتحديد ألغي التميز الذي اشتهرت به, حيث كانت منطقة للطبقة الراقية وكانت عبارة عن مجموعة من الفيلات للفنانين وصفوة المجتمع تتميز بشواطئ هادئة ومياه نظيفة.. ومع مرور الوقت هدمت تلك المباني القديمة والجميلة وأقيمت مكانها عمارات شاهقة عبارة عن كتل خرسانية أثرت علي التركيبة السكانية فصار هؤلاء هم المصيفون الجدد الذي تزامن وجودهم مع إهمال شامل لمصايف الإسكندرية وتحولت البيطاش وشواطئها إلي مساحات مهملة لا تخضع لأي خطة تطوير أو تطهير. ويضيف ناصر علي حسن موظف إلي أن أهالي الإسكندرية يعلمون جيدا أن شواطئ العجمي وغرب الإسكندرية تختلف عن شواطئ شرق المدينة, حيث يقولون عنها( بحر مفتوح) أي مخاطر السباحة والمصيف فيه أكبر نظرا لأن بداية العمق قريبة من الشاطئ علي خلاف شواطئ شرق التي يتدرج فيها العمق ببطء, وهو ما يستلزم أن يخضع بحر العجمي كله لتقييم فني بوضع سلسلة مصدات أمواج للحد من حوادث الغرق في شواطئ غرب. ومن جهة أخري يشير عبدة السبكي مدرس ثانوي إلي أن اشتراطات السلامة المهنية غير موجودة في معظم الشواطئ مثل فرق الإنقاذ وعوامات الإنقاذ ومراكب الإنقاذ, والالتزام بوضع الشارات السوداء في أوقات ارتفاع الأمواج هذا بالإضافة إلي خصخصة بعض الشواطئ بنظام الإيجار من المحافظة وترك المواطن عرضة لاستغلال تجار المصيف الجدد فيحدد تذكرة الدخول وإيجارات الشماسي والكراسي كيف يشاء فضلا عن الأسعار المبالغ فيها للمأكولات والمشروبات فتتحول الرحلة المجانية إلي شيء مكلف للأسر ويقترب سعر التكلفة من أسعار الساحل الشمالي فيهجر المصيفون الإسكندرية طواعية إلي الساحل الشمالي بحثا عن معاملة أفضل ومياه أنقي ورمال أنعم أضف إلي ذلك الشعور الشخصي بالخروج من المدينة بتغيير الجو. من جهة أخري شارك اللواء طارق مهدي, محافظ الإسكندرية واللواء أحمد حجازي رئيس إدارة السياحة والمصايف بالمحافظة في فعاليات تنظيف الشاطئ و أعماق المياه. جاء ذلك من خلال المبادرة التي قامت بها إدارة السياحة و المصايف بالاشتراك مع كافة الغواصين المحترفين وذلك لتنظيف قاع البحر من كافة المخلفات و قد شارك عدد من الشباب بالتعاون مع عمال النظافة بالمحافظة في تنظيف رمال الشواطئ. وبعد أن طال الإهمال شواطئ الإسكندرية وحولها إلي مصايف درجة ثالثة فإن أهالي عاصمة الثغر طالبوا اللواء طارق مهدي محافظ الإسكندرية بضرورة الاهتمام بالمصايف والشواطئ حتي تعود الإسكندرية الي صدارة مصايف الجمهورية كما كانتفي السابق.