في كتابه فلسفة الثورة أولي الرئيس جمال عبدالناصر أهمية خاصة بالدائرة الإفريقية, بل إنه اعتبر تحرير الدول الإفريقية من الاستعمار استكمالا لتحرر مصر من الاستعمار البريطاني, وكانت مصر بحق الرأس الأكبر المحرك لكثير من الأحداث في فترة التحرر, ونهضت الشعوب الإفريقية, ونفضت الاستعمار, وأصبحت ثقلا لا يستهان به في حركة عدم الانحياز, وتأييد السياسات المصرية, وبدورها لم تتأخر القاهرة عن الإسهام الاقتصادي في القارة السمراء, فما طبيعة العلاقة الآن بين مصر وإفريقيا؟ يستعرض مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء, في تقرير إطلالة مصرية علي إفريقيا, بانوراما تسجل منحني دعائم هذه العلاقة علي معظم المستويات.. بالأرقام. ففي الجانب الاقتصادي تراجع الميزان التجاري بين مصر والدول الإفريقية بين عامي2003 و2006, ولكن عام2007 سجل تزايدا ملحوظا189 مليون دولار ليقفز الرقم عام2008 إلي نحو1207 ملايين دولار. أما دول حوض النيل باستثناء السودان فقد شهد الميزان بين مصدر وبينها تزايدا كبيرا ففي عام2003 بلغ8.4 مليون دولار, ولكنه أصبح عام2007 نحو166.7 مليون دولار. ويربط التقرير بين هذا النمو في العلاقة الذي ينعكس اقتصاديا وبين زيارات الرئيس حسني مبارك للدول الإفريقية, التي بلغت16 زيارة لعشر دول من القارة السمراء بين عام1981 حتي هذا العام, إضافة إلي أدوار معه علي أصعدة أخري منها قواتها المشاركة في عمليات حفظ السلام الدولية التي بلغت5457 بين عناصر شرطة ومراقبين عسكريين وعناصر من القوات المسلحة, كما أوفد الصندوق المصري للتعاون الفني مع إفريقيا85 خبيرا في الطب والتدريس والهندسة والصيدلة ومدربي ألعاب الرياضية في كل من بوروندي وكينيا وإثيوبيا وأوغندا وتنزانيا وجنوب السودان ورواندا. العلاقات المصرية الإفريقية ذات طابع تاريخي, فمصر بوابتها الشرقية ومنذ فجر التاريخ كان النيل معبودا, ومن ابتهالات المصري القديم إلي المحكمة في العالم الآخر: أنا لم ألوث ماء النيل, وفي العصر الحديث عني محمد علي ومن بعده حفيده إسماعيل بإفريقيا وخصوصا دول وادي النيل وفي القلب منه السودان. ويستعرض التاريخ عددا من الأعلام من ذوي الأصول الإفريقية ومنهم عبدالرحمن الجبرتي أحد أعظم المؤرخين وهو ذو أصول إثيوبية.