مازالت شخصية الكاتب البريطاني الأعظم وليم شكسبير تثير الجدل بعد ما يقرب من500 عام من رحيله. فمازالت الكتابات تكثر حول هوية شكسبير الحقيقية. وكونه احد نبلاء بريطانيا الذي اختار الكتابة تحت اسم مستعار. او احد الفلاسفة الذي خجل من اشهار اشعاره وكتاباته الفنية والرومانسية باسمه الحقيقي. وحتي عندما ظهرت لوحة مرسومة تسجل ملامح شكسبير العام الماضي كانت دافعا لباحثين ومهتمين لترجيح كون شكسبير حقيقة هو ايرل اوكسفورد. وليس شخصا يدعي شكسبير. الا ان كل هذه الأبحاث والدراسات والاكتشافات لم يجرؤ ايها علي طرح سؤال حول القيمة الفنية لسوناتات شكسبير اشعاره حتي طرح الشاعر الانجليزي دون باترسون هذا السؤال في كتابه الجديد الصادر عن فابر اند فابر احدي كبري دور النشر العالمية تحت عنوان رؤية جديدة للسوناتات. يطرح الكتاب الذي اثار جدلا كبيرا بمجرد صدوره اسئلة قديمة تكرر طرحها حول هوية شكسبير وميوله الجنسية حيث يرجح الكاتب دون باترسون ان شكسبير كان مثليا ولكنه يحاول التوصل لاثباتات لوجهة نظره عبر قراءة في سوناتات شكسبير نفسها فيقول في مقدمته للكتاب حسبما ينقلها في مقال له بالجارديان البريطانية: هل كان شكسبير مثليا؟ هذا سؤال غبي وساذج بالطبع كان مثليا. فعلي الرغم مما ينسب اليه من زوجات وابناء وعشيقات لا اجد في كتاباته ما يقنعني انه كان مهتما بالنساء علي الاطلاق. الا انه عاد لاثارة حفيظة الباحثين المختصين في المقدمة ذاتها بقولة: هذه الاستنتاجات توصلت اليها عبر قراءة اوليه لسوناتات شكسبير ولا اجد اي داع لمحاولة تقديم اثباتات عليها فهذه شكوكي اطرحها كي تفكروا معي فيها. الا ان السؤال الاهم هو: ماذا تمثل هذه القصائد لنا الآن هذا السؤال الذي يطرحه باترسون بجرأة جعل معلق الجارديان يصف قصائد شكسبير المعروفة بالسوناتات بكونها مثلث برمودا الخاص بالنقاد. فهو يري أن كل النقاد الذين تصدوا لدراسة وتحليل هذه القصائد غرقوا فيها او علي حد تعبيره ذهبوا ولم يرجعوا أو عادوا منها وهم في غاية الارتباك والحيرة. وهذا يعني ان استنتاجات باترسون المتعلقة بتلك القصائد صادرة عن شخص يقف علي حافة الجنون. سؤال باترسون حول اهمية قصائد شكسبير يجيب عنه باعترافه بانه حتي عام مضي, لم يكن يعرف جميع سوناتات شكسبير. ولا يجد عيبا في كونه لم يقرأها. ذاهبا الي ان كتاب السوناتات هو كتاب يتفادي حتي محبي شكسبير قراءته رغم اعتزازهم به ووضعهم اياه في موضع ظاهر من مكتباتهم. فالسوناتات في رأي باترسون مملة الي درجة قاتلة. وبعضها لا يمكن اعتباره شعرا جيدا ويقول باترسون: هناك العديد من القصائد لو ازلنا عنها اسم شكسبير واخضعناها لنقد عادل فسنجد انها في غاية السوء والركاكة. ويري باترسون ان افضل قصائد شكسبير هي تلك التي لم تكتب في النساء ولا تعني بوصفهم. بل تلك التي كتبت في قيمة الحب او التي يشتم منها انها موجهة لرجل. لنجد ان عشرا فقط من كل سوناتات شكسبير هي التي يمكن ان تحمل قيمة شعرية ما. وهي السوناتات العشر التي اتفق عليها واحبها كل من اعلن انه يعتز بقصائد شكسبير. وهو ما دفع باترسون لوضع اسئلة اخري حول اسباب جومدة هذه القصائد العشر. فيقول: لماذا هذه القصائد العشر تحديدا هي التي احبها الجميع؟ وهل احبوها لأنها تحوي ما اظن انا انها تحويه؟ وهل مازالت هذه القصائد ذات فائدة لنا؟ هل مازالت تتحدث الينا وتحرك مشاعرنا وتطلق فينا أي طاقات؟ وهل تستحق سمعتها ككتاب تحتضنه ايدي العشاق؟! ام انها ببساطه استطاعت تسلق ظهر مسرحيات شكسبير العظيمة لتكسب سمعة لا تستحقها؟ ويمضي في كتابه المكون من680 صفحة في محاولة للاجابة عن هذه الاسئلة التي اثارت ضده محبي شكسبير ممن عدوه معتديا علي قدس اقداس الثقافة الانجليزية. سوناتات شكسبير تتألف من154 قصيدة, نشرت للمرة الاولي عام1609 تحت اسم سوناتات شكسبير ويرجح انه بدأ في كتابتها عام1582 أي عندما كان في الثامنة عشرة من العمر, وتنقسم الي مجموعتين, اولاهما المشكلة من17 قصيدة يحث فيها شكسبير الشباب علي الزواج والانجاب والتمتع بالحياة الزوجية السعيدة. والمجموعة الثانية تتألف من108 قصائد تفصل للشباب كيفية الاقتراب من الفتيات ووصف محبتهم لهن مقسمة بين قصائد للحبيبة الغائبة واخري للعشيقة. ويرجح باترسون ان شكسبير نفسه لم يقبل بنشر هذه القصائد. وانها لا تعدو كونها محاولة من الكاتب المسرحي البريطاني الاشهر للاشتراك في سباق الشعر والسوناتات الذي كان سائدا في تلك الفترة من نهاية القرن السادس عشر والذي كان سباقا سريا بين الشعراء والكتاب لا يقصد به خروج القصائد للعامة.