مجرد وسيلة توضيحية ينشرها الأهرام يحاول من خلالها البعض أن يقيم الدنيا ولايقعدها هل هذا معقول؟! و اقع الأمر أن الأهرام راكم خبرات تاريخية عبر135 عاما.. ارتبط بقارئه.. وارتبط قارئه به رغم تغير الزمان والحكام عبر135 عاما اختفت دول ونشأت دول.. قامت حربان عالميتان.. إنهارت قوي عظمي ونشأت قوي عظمي أخري.. إنهارت بريطانيا الإمبراطورية التي لاتتغرب عنها الشمس.. برز الاتحاد السوفيتي كقطب جديد في النظام الدولي.. مكث مايقرب من70 عاما ثم انهاار بانهيار حائط برلين. أصبحت الولاياتالمتحدة قطبا جديدا بعد الحرب الثانية ثم قطبا وحيدا في العصر الراهن.. صعدت أيدلوجيات وإنهارت أخري. استمر الأهرام رغم كل العواصف والأنواء. أعطي الأستاد محمد حسنين هيكل للأهرام روحا جديدا في نهاية الخمسينيات من القرن الماضي.. لم تعد مجرد صحيفة.. أصبحت أكثر من صحيفة وأكبر من مؤسسة. ضم الأهرام أهم العقول في مصر والعالم العربي قاطبة. ضم الأهرام زكي نجيب محمود الفيلسوف.. لويس عوض الناقد المتفرد.. نجيب محفوظ أبوالرواية العربية وصاحب نوبل في الأدب.. يوسف إدريس الأب الشرعي للقصة القصيرة العربية.. والقلم الصاخب في مجال السياسة.. عواطف عبد الرحمن بنت الشاطئ عبقرية الدراسات الإسلامية.. لطفي الخولي المثقف الماركسي الكبير والسياسي الداهية الذي جمع حوله أهم الأكاديميين والسياسيين اليساريين.. أبوسيف يوسف. توفيق الحكيم الأديب العظيم صاحب يوميات نائب في الأرياف. الدكتور بطرس بطرس غالي الأمين العام السابق للأمم المحدة ورئيس الفرانكفونية الدولية ورئيس تحرير السياسة الدولية ثم الأهرام الاقتصادي وأستاذ القانون البارز. القامة الكبيرة في علم الاقتصاد الدكتور إسماعيل صبري عبد الله وزير التخطيط السابق. محمد سيد أحمد المثقف الشيوعي الذي حمل علي عاتقه مهمة الحوار مع العالم شرقه وغربه تستنده ثقافة موسوعية رفيعة وعقل ماض.. عالم الاجتماع الشهير السيد يسين الذي بني مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية في الأهرام بكتابة وباحثية البارزين: الدكتور عبد المنعم سعيد في مجال العلاقات الدولية.. الدكتور طه عبد العليم مدير عام الأهرام حاليا وأستاذ الاقتصاد.. الدكتور محمد السيد سعيد.. أسامة الغزالي حرب.. نبيل عبد الفتاح أكبر خبير في الإسلام السياسي وحوار الآديان تستنده ثقافة قانونية واجتماعية متميزة.. الدكتور حسن أبوطالب في مجال العلاقات الدولية الدكتور جمال عبد الجواد مدير مركز الدراسات السياسية.. ضياء رشوان خبير الإسلام السياسي.. والدكتور عمرو الشوبكي الدكتورة هالة مصطفي رئيسة تحرير الديمقراطية.. أحمد السيد النجار وعبد الفتاح الجبالي ومجدي صبحي وهاني رسلان أحد أكبر الخبراء في شئون السودان وباقي أعضاء المركز البارزين. الأهرام الذي ضم من الصحفيين البارزين مكرم محمد أحمد وإبراهيم نافع وسلامة أحمد سلامة وصلاح الدين حافظ وأنيس منصور وأحمد بهجت وأحمد بهاء الدين والأديب يوسف السباعي وفهمي هويدي وإحسان بكر وعبد الحميد سرايا وممدوح طه وكمال نجيب وأحمد نافع. الأهرام الذي ظل معبرا عن ضمير الناس.. ينقل اليهم الاخبار بدقة.. ارتبط بوجدان المصريين.. هل يمكن لصحيفة ناشئه يمتلكها رجل أعمال أن تتجاهل تاريخ مصر المعاصر وتتصور أنه يمكنها بمجرد ماتتصوره قفشة أن تهدم ما أنجزته أهم عقول مصر في مجال الفكر والفلسفة والأدب وكافة صنوف التعبير. والله واهمون!الثقة لايتم بناؤها عبر عام أو اثنين انها ثقة عبرت عنها جموع من القراء بالانتماء. أتذكر منذ أكثر من عشر سنوات أن رفعت سماعة هاتف الديسك المركزي للأهرام, حيث تدار شئون الصحيفة من الناحية التحريرية بقارئ يصيح في وجهي قائلا: انتو فاكرين ايه الأهرام ده موش بتاعكم الأهرام ده بتاعنا.. إزاي تعملون كده فيه تعقيبا علي واقعة تمس خطأ نشر بالصحيفة.. هكذا توحد القارئ مع صحيفته. لن تنفع الحملة المنظمة التي يشنها المتمولون من بعض رجال الأعمال بهدف هدم مؤسسات مصر المهمة.. هذه المؤسسات أعطت للبلد ومازالت قوته الناعمة في العالم العربي وفي العالم أجمع. اذا كانت هناك أجندة خاصة لبعض رجال الأعمال بهدف هدم هذا الكيان الذي يضم عقولا وطنية مستقلة ناقدة حتي للحكومة لكنها محافظة علي ثوابت هذا البلد الوطنية.. فقد أساءوا التقدير. الضربات التي تتعرض لها مصر من الداخل بسبب أجندات البعض ينبغي أن تحسم.. مناخ الحرية لايعني الف وضي.. واذا تصور البعض ان مرحلة الانتخابات التشريعية والرئاسية تعني امكانية ممارسة كل الألعاب فهو واهم. مازالت أؤمن رغم كل الفقاعات بأن مصر بلد مؤسسات وأنها قادرة علي أحداث الاستقرار. قد تكون قواعد اللعب السياسية تغيرت بعض الشيء.. النظام الدولي يتغير من حولنا.. القيم الحاكمة للنظام الدولي في تغير أيضا.. ومصر تحدث التغير المتوائم مع العالم لكن بهدوء. يظنونها فوضي وما هي بفوضي.. لكنها مرحلة كاشفة للأقنعة والانتماءات. الأهرام حالة خاصة جدا بين صحف العالم, لا أحد يدفع للأهرام مليما.. الأهرام مؤسسة رابحة.. ورقها يماثل ورق البنكنوت.. القارئ هو الذي منحها هذه القيمة. الأهرام صحيفة قومية تعبر عن الجميع.. رجال القانون.. الاجتماع.. الفئات المهمشة.. يبحث عن مشاكله.. ينشرها.. يقدم الحلول.. انحيازه الاجتماعي واضح.. هو لايعبر عن طبقة رجال الأعمال وإنما يعبر عن الجماهير.. يعبر عن التنمية برشاده.. يعبر عن التعددية السياسية.. لولا الأهرام ماكانت صحافة خاصة أو حزبية, أبناء الأهرام صنعوا هذه الصحف. الأهرام قدم أهم الكتاب في الصحف الخاصة وأهم المحاورين علي الفضائيات. ماذا يصنع هؤلاء الهواة الذين يتصورون أنه بإمكانهم هدم هذا الكيان البالغ الأهمية؟