تعترف وثيقة السياسة الاثيوبية بأن الادارة السابقة فشلت في حل المشكلات المختلفة للمياه ويقوم الموقف الثابت لاثيوبيا علي استخدام موارد المياه بشكل عام واستخدام مياه النيل بشكل خاص بهدف تعزيز عملية التنمية وخاصة في ظروف دورات الجفاف والزراعة التقليدية في نفس الوقت فإن أديس أبابا مستعدة لمشاركة دول المصب مصر السودان موارد المياه التي تنبع من مواردها. وتعتبر هذه الدراسة مبادرة دول حوض النيل هي مبادرة طموحة تهدف لزيادة وتعزيز التعاون الاقليمي واقامة علاقات تبادلية بين دول الحوض العشر كما أن هذه الدول والمجتمع علي وعي كامل بمدي الترابط بين الأمن الأقليمي والعوامل البيئية في منطقة حوض النيل كما أبرزت المؤسسات الدولية اهتماما كبيرا بأهمية تعزيز التعاون الاقليمي بين دول حوض النيل في اطار مبادرة حوض النيل كما اعتبرت الدراسة أهداف المبادرة هو صياغة برنامج استراتيجي بين دول حوض النيل كبرنامج التحرك الجماعي الاستراتيجي وقال ان المبادرة حققت خطوات علي صعيد عمل ترتيبات نحو الفوائد المتبادلة بين دول حوض النيل لكنها اصطدمت بالمصالح المتضاربة لتلك الدول بشأن تحقيق اطار مؤسسي وقانوني لإدارة واستخدام موارد النيل. تبحث هذه الدراسة مسألتي التخطيط والتنمية في اثيوبيا وذلك من منظور تاريخي وتركز بشكل خاص علي مسألة المياه وعلاقتها بالدول المجاورة وخاصة دول حوض النيل وتقدم الدراسة الاطار الثقافي والسياق الجغرافي والأهمية الاقتصادية والاجتماعية لإدارة واستخدام مياه النيل. كما تضع هذه الدراسة التي أعدها يوحنا أرسانو أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية والعميد الحالي لكلية العلوم الاجتماعية في جامعة أديس أبابا والذي له دراسات عديدة مثل اثيوبيا والنيل: مأزق السياسات الهيدروليكية اقليميا ودوليا مسألة الصراع حول مياه النيل في سياقها المحلي الاثيوبي والإقليمي والدولي وتتابع انشاء ونهاية مؤسسات ادارة المياه وخطط قطاع المياه تحت النظم السياسية المتتالية. كما تكشف الدراسة والتي صدرت في كتاب باللغة الانجليزية عن الجامعة الأمريكية بالقاهرة بعنوان نهر النيل ومرحلة ما بعد الاستعمار تحرير خبير المياه العالمي والمتخصص في دراسات مياه نهر النيل واستاذ الجغرافيا في جامعة برجن واستاذ العلوم السياسية في جامعة اوسلو, الأهمية الضخمة للنيل الأزرق لدول المصب كما تقوم بتحليل القضايا التي تضمنتها مبادرة حوض النيل. تقدر الثروة المائية لاثيوبيا ب123 مليار متر مكعب سنويا لكن لا يتبقي منها سوي3% ويتدفق معظمها إلي الدول المجاورة ويشكل نهرا النيل الأزرق وعطبرة معظم المياه في حوض النيل العظيم. وهناك حوالي2,58 مليون هكتار في اثيوبيا تتوافر لها مياه ري كافية. وقد تبنت الحكومة الاثيوبية لأول مرة في عام1999 سياسة ادارة موارد المياه وأصدرت اعلان ادارة المياه في عام2000 وكانت السياسة الجديدة والقوانين التي تم سنها دليلا علي منهجية معاصرة لتشجيع الجهود نحو أهداف تشمل استخداما واستغلالا فعالا وكافيا لموارد المياه لكن وثيقة السياسة الاثيوبية تعترف بأن الادارة السابقة فشلت في حل المشكلات المختلفة للمياه كما اعترفت الوثيقة بأن الأداء الضعيف لقطاع تطوير المياه كان وراء بطء عملية التنمية الزراعية والانتاجية الضعيفة من المحاصيل وتفشي الفقر ويعكس هذا الأداء الضعيف في أن13% من السكان الذين يتمتعون بالطاقة الكهربائية ووصول المياه النقية إلي23% من سكان الريف مقابل72% من سكان المدن. يمثل النهر الازرق رمز البلاد وهناك الكثير من الاغاني وقصائد الشعر والحكايات الشعبية التي تدور حوله كما يمثل النهر مصدرا للهوية والحياة والقوة والوحدة والتنمية الاقتصادية الممكنة كما أنه يمثل أيضا رمزا للدمار. ويمكن للمرء ان يلاحظ تشابها بين الحكايات والأساطير الاثيوبية حول النيل ونظيرتها الفرعونية حيث ربطت الاثنان هويتهما بالنهر العظيم وخاصة بشأن منابع ومصب النيل فالأثيوبيون القدماء يعرفون ان النيل الأزرق ينبع من أراضيهم ومن بحيرة هادئة ويتدفق عبر شلالات النار والدخان لكن الأثيوبيين القدماء تجاهلوا مصير النهر ونهاية تدفق المياه وكما تقول الأغنية الشعبية ليس له وطن. ويفسر الشاعر الاثيوبي العظيم تسيجاي جيبر ميدلين ذلك بأن مياه النيل كانت مصدر وحدة ورابط اواصر شعب كوش وأن النهر هو مهد العرق الأسود للشعب الاثيوبي ودم الاثيوبيين والدة كوش وهكذا فالنيل هو ميراث روحي لدول ومجتمعات حوض النيل ومازال هو الأمل الذي يتعلق به الجميع للخروج من مستنقع الفقر والبؤس. رؤية تاريخية لمشروعات المياه خلال الفترة الاستعمارية كانت أثيوبيا الدولة الوحيدة المستقلة بين دول حوض النيل وكانت استراتيجية الاستعمار البريطاني تقوم علي تدفق مياه النيل وازالة أي عقبات أمامه وكانت الأولوية لاثيوبيا هي البقاء كهوية مستقلة وتراجعت مشروعات تنمية موارد المياه كأجندة تالية في اطار الظروف السياسية والاقتصادية لتلك الفترة ووفقا للإتفاق الذي أبرم بين الاستعمارين الايطالي والبريطاني عام1925 والذي بمقتضاه تقوم بريطانيا بإقامة سد علي بحيرة تانا مقابل قيام ايطاليا بإقامة خط سكك حديدية لربط مستعمرتي الصومال واريتريا. وتتضمن أحواض المياه الكبري التسعة في اثيوبيا, ثلاثة احواض رئيسية تستحوذ علي نصيب الأسد من المياه ويمكن للأحواض التسعة ري مساحة من الأراضي تصل2583000 هتكار منها6200 هتكار لحوض النيل الازرق مقابل58% بمقدار1496000 هكتار للأحواض الثلاثة الرئيسية. وتهدف خطة الري الأثيوبية حتي عام2016 الي ري122000 هتكار في مشروعات صغيرة وضخمة بمعدل نمو متوقع يصل الي4,5% خلال المرحلة الأول مقابل5,5% للمرحلة الثانية و6,5% للمرحلة الثالثة من المشروع. مشروعات الطاقة الكهربائية لم تشهد اثيوبيا متعة الكهرباء قبل عام1898 وذلك لإضاءة القصر الامبراطوري في أديس أبابا وفي عام1931 تمت اقامة اول محطة كهربائية بطاقة تصل الي6,6 ميجاوات وذلك علي سد اكاكي جنوب العاصمة وفي عام1955 تم انشاء هيئة الكهرباء الاثيوبية وتمت اقامة مشروع للطاقة الكهربائية عام1960 بطاقة تقدر ب43,2 ميجاوات ومن ثم فاثيوبيا لديها القدرة علي اقامة مشروعات للطاقة الكهربائية بمقدار453 ميجاوات وقد وقعت أيس ابابا اتفاقا عام2001 لتصدير الكهرباء للسودان وجيبوتي. وبالرغم من الامكانات لدي اثيوبيا لإنتاج طاقة كهربائية الا أن حجم الاستهلاك وتنمية الطاقة الكهربائية مازال ضعيفا حيث ان90% من مصادر الطاقة يأتي من مصادر تقليدية مثل الخشب وبقايا المحاصيل وأن9% فقط يأتي من مصادر حديثة. استراتيجيات التفاوض بين مصر وأثيوبيا والسودان: يقوم الموقف الثابت لاثيوبيا علي استخدام موارد المياه بشكل عام واستخدام مياه النيل بشكل خاص بهدف تعزيزعملية التنمية وخاصة في ظروف دورات الجفاف والزراعة التقليدية في نفس الوقت فإن إديس ابابا مستعدة لمشاركة دول المصب مصر السودان) موارد المياه التي تنبع من مواردها. وأنه في اطار هذا الموقف فإن اثيوبيا ناقشت احلال أي اتفاقية لم تكن طرفا فيها بنظام مؤسسي وقانوني شامل حيث يكون لجميع دول حوض النيل نصيب متساو من المياه وأن علي دول المصب مسئولية خاصة ليس فقط لفهم تلك النقطة بل عليها أيضا بذل جهود ايجابية نحو ايجاد الظروف نحو التعاون بشأن استخدام موارد المياه كما تعتبر اثيوبيا أن مياه النيل حاليا تخضع لإدارة غير جيدة وأن علي دول المصب وخاصة مصر تهيئة الظروف لخطط التعاون وأنها تحتفظ بحقها في سيادتها علي أراضيها. أما عن مصر فيقول مؤلف هذه الدراسة أن مصر مارست استراتيجية متعددة الأبعاد وأنها اطلقت مبادرات دبلوماسية داخل حوض النيل أولها اتفاقية1959 الثنائية مع السودان بشأن الاستخدام الكامل لمياه النيل وبهدف عزل اثيوبيا حيث تم استبعادها من عمليات التفاوض وعدم التشاور معها. وأن موقف مصر ينطلق من أن اثيوبيا لديها مصادر مياه ضخمة وتتسم بالغزارة سواء من مياه الأمطار وغيرها من مصادر غير مياه النيل ولذلك فعلي اثيوبيا ألا تعتمد في خطط التنمية علي مياه النيل الذي لا بديل له لمصر التي تري أنه لعدم وجود فائض لمياه النيل, فعلي دول المنبع أن تمتنع عن اقامة مشروعات لاستخدام مياه النيل ورغم تفوق مصر وقدراتها علي الوصول لمصادر استثمارات خارجية والدعم الدبلوماسي العربي لها الا أن العامل الثابت أمامها هو أن مواردها الكاملة من المياه تأتي من خارج أراضيها وحدودها وبشكل رئيسي من اثيوبيا. اثيوبيا في اطار مبادرة حوض النيل: يوحنا أرسانو استاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية والعميد الحالي لكلية العلوم الاجتماعية في جامعة أديس أبابا يواصل مزاعمه ضد الدول الواقعة شرق نهر النيل مصر والسودان واريتريا حيث يقول ان هذه الدول التي استفادت من مياه النيل خلال القرن العشرين وأنها كان مدفوعة بمصالحها الوطنية فقط وأن التعبير السياسي لتلك المصالح كان وراء حدوث جدل وتوتر بين اثيوبيا وتلك الدول وقال ان تمسك اثيوبيا بمبدأ السيادة المطلقة لأراضيها كان ردا علي من يعلن أنه له حقوق تاريخية أو طبيعية في مياه النيل مشيرا إلي دول حوض النيل مثل تنزانيا وأوغندا وكينيا تؤيد الموقف الأثيوبي. وأوضح أنه في الوقت الحاضر لاترتيبات قانونية ومؤسسية لعمل توازن في مصالح استخدام مياه النيل بين دول المنبع ودول المصب مصر والسودان مشيرا إلي أن اتفاقية عام1954 بين مصر والسودان هي اتفاقية ثنائية وتستبعد الدول الأخري في حوض النيل من عملية التفاوض. وقال ان مبادرة دول حوض النيل هي مبادرة طموحة تهدف لزيادة وتعزيز التعاون الاقليمي واقامة علاقات تبادلية بين دول الحوض العشر كما أن هذه الدول والمجتمع علي وعي كامل بمدي الترابط بين الأمن الأقليمي والعوامل البيئية في منطقة حوض النيل كما أبرزت المؤسسات الدولية اهتماما كبيرا بأهمية تعزيز التعاون الاقليمي بين دول حوض النيل في اطار مبادرة حوض النيل. وأضاف أن أهداف المبادرة هو صياغة برنامج استراتيجي بين دول حوض النيل كبرنامج التحرك الجماعي الاستراتيجي وقال ان المبادرة حققت خطوات علي صعيد عمل ترتيبات نحو الفوائد المتبادلة بين دول حوض النيل لكنها اصطدمت بالمصالح المتضاربة لتلك الدول بشأن تحقيق اطار مؤسسي وقانوني لإدارة واستخدام موارد النيل.