«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبد الرحيم علي يوا صل سلسلة مقالاته الإخوان

ختمنا الحلقة السابقة بما جاء في المقال الأول‏,‏ من سلسلة مقالات وكيل أول الجماعة الأستاذ أحمد السكري‏,‏ المعنونة كيف انزلق البنا بدعوة الاخوان ؟ والذي أكد فيه السكري
أن البنا أضر بالجماعة ضررا جسيما عندما ناوأ الأحرار وتهاون في حقوق الوطن‏,‏ وتقلب في أحضان رجال السياسة‏,‏ في الوقت الذي وعد فيه الناس بأن يخوض معهم وبهم لجج البحار وأن يغزو معهم وبهم كل عنيد جبار‏.‏
واليوم نكمل معكم استعراض ماجاء في مقالات السكري‏,‏ لنقف‏,‏ ومعنا‏,‏ كل ذي قلب أو ألقي السمع وهو شهيد‏,‏ علي الكيفية التي أنزلق بها البنا بدعوة الاخوان‏.‏
وهذا المقال هو الثاني في سلسلة مقالات السكري نشره الرجل بجريدة صوت بتاريخ‏:‏
‏1947/11/16‏ م
وإلي نص المقال‏.‏
ذكرنا في مقالنا السابق كيف نشأت دعوة الاخوان‏,‏ وكيف أخذت في القوة والازدهار‏,‏ كما أشرنا الي بعض فقرات وردت في خطاب الأستاذ حسن البنا في المؤتمر المنعقد سنة‏1938‏ م بسراي آل لطف الله والذي حدد فيه خصائص الدعوة‏.‏
البعد عن هيمنة الكبراء والعظماء حتي لايحاول أحد منهم أن يستغلها أو يوجهها الي غير غايتها الأولي‏.‏
ثم وعده للاخوان اذا ما وصل عددهم الي ثلاثمائة كتيبة‏..‏أن يخوض بهم البحار‏,‏ ويغزو كل عنيد جبار‏..!!‏
وتركنا القارئ يقف قليلا عند هذه الجمل الحماسية البراقة التي كان يلقيها الشيخ حسن علي الناس ويسأل نفسه‏:‏
هل بر القائد بوعده‏,‏ وهل وفي المرشد بعهده‏,‏ وقد واتتنا الفرص سانحة‏,‏ فتجمع لدينا سنة‏1945‏ م حين وضعت الحرب أوزارها أكثر من الف وخمسمائة شعبة تضم أكثر من ألف كتيبة وليس ثلاثمائة فقط كما كان يريد وكنا قد أبرمنا موثقا مع اخواننا رؤساء المناطق والشعب سنة‏1941‏ م أنه بمجرد انتهاء الحرب نتقدم الي السراي الملكية مطالبين بتحقيق الأهداف الاسلامية‏,‏ والعمل علي تحرير الوطن من نير الاحتلال‏,‏ ومع ذلك فقد انتهت الحرب‏,‏ وكنا في عنفوان القوة‏,‏ وألححنا علي الأستاذ أن ننفذ ما اتفقنا عليه‏,‏فلم نجد منه سميعا ولامجيبا‏,‏ ولم نحقق هدفا واحدا من أهدافنا الاسلامية‏,‏ ولم نصل الي نيل حق واحد من حقوقنا الوطنية‏,‏ بل ان الدعوة التي حرصنا علي ألا يستغلها أحد من الكبراء والعظماء‏,‏ أصبحت بسبب تصرفات الأستاذ البنا خاضعة تمام الخضوع لهم كما سنبين ذلك في حينه ان شاء الله‏...‏
في أعقاب الحرب‏:‏
اعلنت الحرب سنة‏1939‏ وأخذ الانجليز يعدون عدتهم في الأراضي المصرية‏,‏ فاحتلوا المنشآت وأنشأوا المعسكرات والمطارات‏,‏ واستولوا علي طرق المواصلات‏,‏ ووضعوا أيديهم علي كل كبيرة وصغيرة في البلاد‏,‏ ثم أنشأوا في القاهرة إدارة كبري‏(‏ للاستخبارات‏)‏ جندوا لها رجالا منهم ذوي دراية تامة بأحوال البلاد العربية‏,‏ واختاروهم من الفنيين والعسكريين والمستشرقين‏,‏ وبعضهم اشتغل بالتدريس بالجامعة المصرية‏,‏ وعينوا علي رأس هذه الادارة الجنرال كلايتون‏,‏ وتتصل هذه الادارة رأسا كما هو معلوم بوزارة الخارجية البريطانية‏,‏ كما تتصل في كثير من مهامها بالقيادة العليا والسفارة الانجليزية‏,‏ ولقد شاهد سكان وادي النيل والأقطار العربية أثر نشاط هذه الادارة التي لم تقتصر في حدود مهمتها علي الجاسوسية انما تناولت فروعها مختلف أنواع الدعاية فكانت الرسائل والمؤلفات والنشرات تتري كالسيل المنهمر في كل مدينة وقرية كما كانت الاعلانات والخرائط تملأ الحيطان والجدران فضلا عن الصور المختلفة التي كانت تعرض علي الشاشة البيضاء في جميع دور السينما كما كانت تغمر الصحف والمجلات عربية كانت أو افرنجية كما يذكر الجميع كيف تطورت فكرة الدعاية الخبيثة الي تكوين هذه الأوكار باسم‏(‏ اخوان الحرية‏)‏ وانخدع بها الكثير من الناس‏.‏
هذا فضلا عن تجنيد عدد من الشبان واغرائهم بالمال ومختلف الوسائل‏,‏ وبثهم في الهيئات والجماعات والأحزاب ليكونوا عيونا لهم جستابو منظما يدلي اليهم بأخبارها وكم لفق هؤلاء من تهم وظلموا من أبرياء‏..!‏
ولم يقتصر نشاط هذه الادارة علي هذه النواحي فحسب‏,‏ بل جعلوا يتوددون الي رجال هذه الهيئات والأحزاب يحاولون شراءهم بالأصفر الرنان‏(‏ الذهب‏)‏ واجتذابهم في جانب الديمقراطية والديمقراطيات‏.‏
الانجليز يتصلون بالاخوان‏:‏
وفي يوم‏25‏ أغسطس‏1940‏ حضر الجنرال كلايتون وبصحبته المستشرق المستر هيوث دن وقابلا الأستاذ حسن البنا في دار الجمعية القديمة دار الجريدة الآن وأخذا يتحدثان معه عن دعوة الاخوان الذين عرفوا بعدائهم للاستعمار البريطاني‏,‏ وقاموا بحركات سجلها لهم التاريخ في قضية فلسطين وساهموا مساهمة فعلية في هذه القضية منذ أن قامت ثورتها الخالدة سنة‏1935‏ م‏,‏ فأحالهم الأستاذ البنا في الحال علي أحمد السكري بصفته وكيلا عاما للجماعة ومختصا بشئون الدعوة العامة وسياستها العليا في ذلك الوقت‏,‏ وفعلا اتصلوا بي وطلبوا أن يزوروني في منزلي الكائن وقتذاك بشارع نوبار وحضروا ومعهم آخرون وأخذوا يسألونني عن الغرض من إنشاء الجماعة‏,‏ وعن شعبها‏,‏ وأهدافها‏,‏ والسر في مهاجمتها للانجليز‏,‏ فأخذت أحدثهم بما يسمح به المقام وما يوجبه الحرص والحذر عن الجماعة وأهدافها‏,‏ وكيف قامت لنشر مبادئ الاسلام وبث تعاليمه القويمة وتربية الشعب تربية اسلامية خالصة كوسيلة لاعادة مجدنا التليد‏,‏ في ظلال الاسلام الوارفة‏,‏ وصارحتهم بأسباب عدائنا للانجليز الذين استولوا علي بلادنا بغير حق‏,‏ والذين ساموها العذاب الأليم في ظل استعمارهم البغيض‏,‏ وتدخلوا في جميع نواحي الحياة فيها ليفسدوها ويجعلوها مطية لهم‏,‏ فأفسدوا برامج التعليم ليخرجوا جيلا مخنثا ينسي دينه ووطنه‏,‏ وأشاعوا الانحلال والاستهتار في المجتمع المصري‏,‏ واضطرونا للحكم بغير شريعتنا‏,‏ واستغلوا خيرات بلادنا‏,‏ فشاع الجهل والفقر والمرض‏,‏ وفرقوا بين أبناء البلاد‏,‏ واصطنعوا لهم أذنابا ومطايا‏,‏ يلهبون بسياطهم ظهور الوطنيين فضلا عن استعمارهم لبلاد العروبة وتنكرهم لمبادئ العدالة وغدرهم ونقضهم العهود والمواثيق الخ‏.‏
لهذا نحن نعادي الانجليز‏,‏ وسنعمل جاهدين علي تحرير بلادنا العزيزة منهم وممن علي شاكلتهم من المستعمرين‏.‏
وكمن أحسب أن هذه الزيارة وما صارحتهم به فيها كافية لفهمهم مقاصدنا وأهدافنا‏,‏ ولكن رأيتهم يترددون بعد ذلك ومعهم غيرهم أذكر منهم الميجر جودوين والجنرال سميث وغيرهما‏,‏ يستطلعون رأيي في الحرب الحاضرة‏,‏ ويناقشونني في الديمقراطية والدكتاتورية‏,‏ وموقف الاسلام منهما الي غير ذلك من تلك الأحاديث العامة‏,‏ وكنت أطلع الأستاذ البنا علي كل ذلك كلمة كلمة‏.‏
حتي اذا كان يوم‏14‏ نوفمبر‏1940‏ م‏,‏ طلبوا الي تليفونيا أن أنتظرهم في تمام الساعة الرابعة بعد الظهر في منزلي‏.‏
وفي الموعد المضروب حضروا وكنت وحيدا في المنزل‏,‏ فاذا بهم يقولون‏:(‏ انهم معجبون بهذه الدعوة كما أنهم معجبون بصراحتي معهم‏,‏ غير أنهم يودون أن يعرفوا شيئا عن مالية الجماعة‏,‏ وعن مواردها‏.!.)‏
فأجبتهم جوابا صريحا حاسما‏:(‏ ان جيوب الاخوان المسلمين ملك لدعوتهم العزيزة‏).‏
وان ماليتهم تقوم علي مايبذله رجالها المؤمنون دون حاجة لأي جهةأخري‏,‏ وهذا سر قوتهم التي عاشوا بها طوال السنين‏).‏
فحك أحدهم وراء أذنه‏,‏ وقال‏(‏ان هذه الدعوة الناشئة يجب أن تقوي بالمال لتستطيع أن تؤدي رسالتها علي أوسع مدي‏).‏
قلت ماذا تعني بقولك‏.!‏؟‏.‏؟‏.‏
قال اني أصارحك أن الاسلام دين ديمقراطي‏,‏ وهو متفق معنا في مناهضته للدكتاتورية والاستبداد‏,‏ لهذا رأينا أن نمد لكم يد المعونة باسم الديمقراطية‏,‏ وها نحن نقدم لكم الآن مبلغ عشرين ألف جنيه كدفعة أولي من هذه المعونة‏,‏ هذا فضلا عن سيارة نهديها لك أنت شخصيا بمناسبةالعيد‏(‏ عيد الأضحي‏)‏
فتمالكت أعصابي وقلت لهم‏:‏
‏(‏ أما عن هديتكم لي بمناسبة العيد فاني أعتذر عن عدم قبولها مع الشكر فقد تعودت أن أسير علي قدمي ما استطعت ولست في حاجة الي سياراتكم أما عن مبلغ العشرين ألفا من الجنيهات فأرجو الافصاح عن سبب تقديمه الي‏./.!)‏
قال المستر هيورث في الواقع اننا لانبغي بذلك أن تنقلبوا أصدقاء لأن‏(‏ الخيط الأبيض اذا انقلب الي أسود في الحال يلفت النظر‏)‏ وهذا تعبيره بالحرف الواحد غير أن لكم حوالي‏(450)‏ أو‏(500)‏ شعبة في مختلف البلاد‏,‏ والألمان والطليان في طريقهم الآن الي مصر‏,‏ فنحن نخشي أن نطعن من الخلف في بلادكم‏,‏ والذي نرجوه أن يبث الاخوان فيما بينهم وبين أنفسهم أولا وفيما بينهم وبين الناس في بلادهم بصفة فردية فكرة أن المحور شر علي البلاد‏,‏ وأن من الخير أن نختار الانجليز الديمقراطيين لأن الديمقراطية تتفق مع مبادئ الاسلام‏,‏ وبهذه الدعاية الفردية نأمن الثورة الداخلية اذا طرق المحور أبواب مصر‏,‏ ومع ذلك فليست هذه المعونة مقصورة علي الاخوان بل اننا قد دفعنا الكثير لمختلف الهيئات‏,‏ وان شئت دليلا فهذا دفتر الايصالات معي لتري بنفسك‏..‏وفعلا أراني الدفتر وفيه ايصال بتوقيع أحد رؤساء الجمعيات‏.!!‏
ثم قال‏:‏ ونحن لانريد توقيعا علي ايصال بل يكفينا منك كلمة شرف‏..‏
فما أن أتم كلامه حتي قلت لهم‏:‏
‏(‏ أحب أن تعلموا أولا أن هذه الوسيلة التي تستخدمونها الآن لجذب الناس اليكم‏,‏ وهي شراؤهم بالمال‏,‏ واغراؤهم ورشوتهم‏,‏ هي وسيلة عتيقة بالية قد عفي عليها الزمن وأصبح ضررها عليكم أكبر من نفعها لكم‏.‏
ان هذه الوسيلة وسيلة القرون الخالية التي استخدمها دزر اليلي وغلادستون ورجال الملكة فكتوريا‏,‏ ولئن صحت معكم أيام أن وطئت أقدامكم أرض بلادنا‏,‏ فاستطعتم أن تبذلوا الذهب الرنان علي أبواب التل الكبير وتشتروا به ضمائر بعض الخونة الذين مهدوا لكم السبيل الي احتلال الوطن‏,‏ فاعلموا أن اليوم غير الأمس‏,‏ وأن الحرب القائمة حرب مبادئ‏,‏ وأن الوعي الوطني في مصر وسائر البلاد العربية قد استيقظ وشب شبوبا‏,‏ وان الشعب الآن قد عرف أساليبكم الغثة فما عادت تنطلي عليه أمثال هذه الأساليب‏,‏ وفي رأيي كناصح لكم اذا أردتم أن ترضوا عنكم الشعب وتأمنوا جانبه في حربكم الضروس المشبوهة فليس لكم الا الوسائل الطبيعية المشروعة التي تضمن سلامتكم‏,‏ ذلك أن بيننا وبينكم معاهدة كبلتم بها البلاد‏,‏ بل استغللتموها الي أبعد حد‏,‏ والبلاد لاترضي عن هذه المعاهدة وانما تنشد الحرية كاملة والاستقلال غير منقوص‏,‏ فعليكم اذن أن تعلنوا الآن رسميا بطلان هذه المعاهدة من جانبكم في اللحظة التي تقف فيها رحي الحرب‏,‏ وان وادي النيل أصبح بمقتضي هذا الاعلان حرا مستقلا‏.‏
وهذا القطن المكدس في بيت الفلاح ومخازن التجار مما آلت اليه الحالة الاقتصادية من كساد وسوء وضنك أنتم سببها جميعا فلا ناقة لنا في هذه الحرب ولاجمل‏..‏يجب أن تشتروه بالأثمان المناسبة‏,‏ حتي ينتعش الفلاح وتنشط الحركة التجارية المحلية ولم تكن قد شكلت لجنة القطن بعد‏.‏
وقد راجت عدة شائعات عن عزمكم علي استلاب أسلحة الجيش المصري‏,‏ فيجب ألا تمسوها‏.‏
وتداخلتهم في شئون البلاد الداخلية‏,‏ واضطهادكم للأحرار والمجاهدين‏.‏
واستغلالكم لفرص الأحكام العرفية ومضايقتكم لكل من يهتف باسم الوطن والدين كل ذلك يجب ألا يكون اذا أردتم أن تأمنوا جانب الشعب‏.‏
أما أن تقصدوا الي رشوة الهيئات والجماعات فهذا أسلوب بال لا يستقيم مع الوعي الحالي في البلاد وأن الذي يمد يده لكم ليأخذ منكم فانه يمد يده لعدوكم كذلك‏,‏ وخير لكم أن تشتروا بهذه العشرين ألفا دبابة أو مدفعا تحاربون به عدوكم‏..‏و‏..‏ان كنتم للنصح مستمعين‏).‏
كل ذلك وفي يد أحدهم كراسة صغيرة يسجل فيها ما أقول كلمة كلمة‏.‏
ثم قام كبيرهم وضغط علي يدي قائلا‏:‏
‏(‏ان هذه أول مرة أسمع فيها هذا الدرس العنيف‏.‏ ولقد ازداد اعجابي بك‏)‏
ثم قاموا منصرفين وكانت آخر مقابلة لي معهم حتي اليوم‏.‏
ثم استدعيت الأستاذ البنا عقب خروجهم‏,‏ وقصصت عليه ماحصل بالتفصيل‏...‏فصمت‏...‏ولكن هل دام هذا الصمت‏...‏؟‏.!.‏
هذا ماسنكشف عنه الستار في المقالات المقبلة‏.‏
ومضت أيام بعد ذلك واذا بنا نفاجأ بسيل من الاضطهادات لاينقطع‏:‏
‏***‏ فأحمد السكري قبض عليه في عهد وزارة سري باشا وأودع سجن الأجانب‏.‏
‏**‏والأستاذ البنا نقل الي مدرسة قنا‏.‏
‏***‏وألغيت رخصة المجلة الأسبوعية
‏**‏ وأغلقت مطبعة الاخوان ووضعت عليها الأختام الحمراء
‏***‏وصودرت الجوالة ومنعت من الاجتماعات‏.‏
‏**‏وحوصرت الشعب في البلاد وكممت أفواه الاخوان‏..‏؟
حتي سقطت وزارة حسين سري باشا وجاءت حكومة الوفد بعد ذلك‏.‏
وإلي اللقاء


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.