انا واليابان سيرة فنية كتبها رسام الكاريكاتير الشهير رجائي ونيس الذي عمل في روز اليوسف وصباح الخير بين نهاية الخمسينيات وأوائل الستينيات. الكتاب اصدرته دار سنابل للنشر في طبعة مليئة بالصور والرسوم الكاريكاتيرية التي سجل فيها الفنان وقائع اول رحلة قام بها الي اليابان بصحبة زميله الصحفي والكاتب مفيد فوزي, بمناسبة تدشين اول خط طيران بين القاهرة وطوكيو, ويشير ونيس في الكتاب الي ان احسان عبد القدوس هو من قام بترشيحه للسفر, كما يكشف عن غرامه بالسفر منذ صغره,إذ كان يحلم بالانطلاق حول العالم والتعرف علي حضارات وشعوب مختلفة لدرجة انه في طفولته هرب من بيت عائلته وترك خطابا يكشف فيه خطته للهروب لكن الخطة فشلت مثلما فشلت محاولته الثانية للسفر للإسكندرية تمهيدا لخروجه الي العالم وعلي الرغم من معلومات ونيس الضئيلة عن اليابان الا ان فضوله دفعه للسفر, ومنذ لحظة وصوله الي طوكيو لاحظ انه لم ينجذب لتلك المباني القديمة غير الملونة لكن ماجذبه أكثر لافتات المحلات الملونة والكلمات الصينية الضخمة التي كتبت عليها ويري ان اولوياته خلال الرحلة اختلفت عن اولويات رفيقه مفيد فوزي اذ ان مفيد بحكم خبرته الصحفية كان منظما اكثر في مواعيده ويدرك احتياجه لكل معلومة علي عكس ونيس الذي فتح مسامه للتجربة وكان مثالا للبوهيمية لان عامل النظام لم يكن موجودا في حياته وكان كل همه القيم الجمالية. يذكر رجائي انه وجد في اليابان الاختلاط بين عراقة القديم كالمعابد القديمة وبين جماليات المعمار الحديث وقارن في الكتاب بين المجتمع المصري والياباني, لكن أكثر وقائع الكتاب طرافة قصة زيارتهما لمسرح الكابوكي( نوع من المسرح الشعبي الياباني يختلط فيه الواقع بالاساطير) ودهشتهما من العرض كما يكشف ونيس قصة إفلاسه ومفيد فوزي واضطرارهما للهرب من الفندق بعد ان نفدت نقودهما وتأخر التحويلات التي كانت ترسلها مؤسسة روز اليوسف. ومن اللافت ان حياتهما في احد بيوت الشباب في مدينة ايتشيجايا سمحت لهما بالتعرف علي شاب يدعي ماتسورا وكان دليلهما السياحي ومفتاحهما في اكتشاف المدينة واكتشاف كيوطو( عاصمة اليابان القديمة) حيث قاما معا بزيارة قصر الامبراطور القديم ولاحظا اختلافه عن قصور الملوك في اوروبا او الشرق الاوسط فلا وجود للعروش او اللوحات الضخمة, فمن عادات اليابان الركوع علي الارض عند تأدية واجباتهم ومن تعاليم ديانةالشينتو والبوذية البساطة وعدم ابراز الثروة يقول ونيس في كتابه انه بعد عودتهما هو ومفيد لطوكيو ذهبا ليودعا موظفي السفارة المصرية وهناك تلقي ونيس عرضا لاقامة معرض لكل الاسكتشات التي رسمها في اليابان لعرضها في طوكيو وكان هذا المعرض اول معرض لفنان مصري في اليابان. واذا كانت الاقدار قد جعلت مفيد فوزي ورجائي ونيس يذهبان في طريق العودة الي هونج كونج الا ان قلب رجائي ونيس بقي معلقا في اليابان التي كتب عنها هذا النص الفريد واصر علي العودة اليها مجددا بعد الحصول علي منحة من كلية الفنون الجميلة في طوكيو ومن الفصول الممتعة التي يعرضها رجائي ونيس قصته مع الروتين المصري بداية الستينيات ليتمكن من السفر كما يكشف عن المناخ السياسي وكواليس العمل الصحفي خلال تلك الحقبة ومخاوفه من تراجع حرية التعبير وانحسار دور الكاريكاتير السياسي في مصر. والاهم انه يكشف عن الطباع الانسانية لصحفي وكاتب كبير مثل احسان عبد القدوس أصر علي دعم الفكرة ووقف الي جوار ونيس لتنفيذها عام1964 حيث وصل الي اليابان وظل هناك مايقرب من4 سنوات تعرف خلالها علي اليابان بكل تفاصيلها.