هنا..لاصوت يعلو فوق صوت الشراء ولاسعر يعلو علي الستين جنيها.. الجميع متهافتون ولم لا؟ وهو وهي يستطيعان الوصول إلي أعلي درجات الأناقة وارتداء طاقم كامل من آخر خطوط الموضة فقط بمائة جنيه أو أقل قليلا. انها أسواق الفقراء..شوبينج درجة تالتة...تكسر فيه قاعدة الفصال ممنوع ويرفع شعار اللي مايشتري يتفرج. بسبعة ونص..إنه أول صوت يستقبلك في سوق العتبة ويدغدغ أحلام أبناء الدرجة الثالثة لاقتناص الفرصة والشراء..سوف تقودك قدماك إلي داخل المحلات لتجد نفسك أمام طاولة كبيرة جدا بطول المحل فرشت عليها أكوام من الملابس وإنغرست فيها أيدي البشر وكأنها وليمة غنية بالبروتين. ضربة حظ هنا..كل شيء بالحظ كما يقول أحمد عادل فني تبريد وتكييف فالبضاعة أكوام وأكوام نحاول أن ننتقي منها الأحسن أو القطع اللقطة كما يقولون وفي بعض الأوقات يحالفني الحظ وأنتقي تيشرتات ماركة أو كما يطلق عليها هنا توكيل بعشرة جنيهات فقط وقد يصل السعر إلي خمسة أو أقل بعد الفصال,وفي أحيان أخري قد ينتابني الملل من كثرة البحث فأنتقي أي شيء وأهي مرة تخيب ومرة تصيب. مغامرة ومن سوق وكالة البلح استوقفنا مشهد الاستاندات التي نشرت عليها الملابس المستعملة ورفعت لافتات الأسعار لتعلن الحد الأقصي من عشرين جنيها وانت نازل..كل شيء في وكالة البلح موجود جهاز العروس من الإبرة للصاروخ ملابس الأطفال, الشباب والبنات.. ومن أمام أحد هذه الاستاندات تحدثنا آية سيد التي اكدت أن الشراء من وكالة البلح تتخلله مغامرة تضفي كثيرا من المتعة علي الشوبينج فأحيانا لاتعرف الجديد من المستعمل لكن لانستطيع أن ننكر أن سوق الوكالة يرحمنا من نار الأسعار بالمولات الكبيرة كما أنه يناسب دخولنا. جهاز العروسة وتقول فكرية محمد انها أتت من أسوان خصيصا لشراء جهاز العروس لحفيدتها والذي تجده في سوق الموسكي والوكالة بأرخص الأسعار, وتضيف الجدة فكرية أنها استطاعت أن تحصل علي ملابس العروس بأسعار لاتخطر علي بال, فالملابس الداخلية للعروس التي قد تتكلف القطعة الواحدة منها120 جنيها في المحلات الكبري ووسط البلد اشترتها الجدة ب15 جنيها فقط. البالة الأكثر غرابة في سوق الدرجة الثالثة هو تكت صنع في فرنسا والصين وأمريكا وإنجلترا وأوروبا الذي يوضح بلد صناعة القطعة والذي يميز محلات البالة والتي تبيع بواقي التصدير وملابس الفرزين الثاني والثالث للتوكيلات التجارية الشهيرة والتي تتمتع بتهافت شعبي عليها, حيث يقول أحمد حسن موظف ببنك إنها توفر مئات الجنيهات علي شباب العشوائيات والمناطق الشعبية. التلاتة بعشرة التلاتة بعشرة... هكذا ينادي عصفورة ابن حي دار السلام في ميدان الجيزة وأمامه مجموعة من الجوارب صنع في الصين والذي يقول إن مشروعه الصغير يوفر علي الغلابة26 جنيها مع كل ثلاثة جوارب حيث يبلغ سعر الجورب الواحد في أي سوق أو مول12 جنيها علي الأقل ولهذا تجد الاقبال عليه كبيرا, ويؤكد عصفورة أن الحياة في الدرجة الثالثة نفع واستنفع فهو يحقق مكسبا مرضيا يمكنه من العيش عيشة كريمة, كما يمكنه أيضا من شراء حذاء من جيزة أو إسلام جيزة الذي يفترش الرصيف بجانبه بمجموعة من الأحذية الجلدية والرياضية والتي يبيعها بسعر35 جنيها للزوج الواحد. ميدان رمسيس لاتستطيع ذاكرتك أن تتناسي هذا المشهد مهما مرت عليه سنوات.. الطريق الي ميدان رمسيس والمرور بجانب جامع الفتح..إنه أشهر أرصفة الدرجة الثالثة التي تبيع الملابس والأحذية والحقائب والنظارت الشمسية التي لايزيد سعرها علي سبعة جنيهات. محمد دسوقي طالب بكلية التجارة بجامعة حلوان الذي يمثل هذا الرصيف بالنسبة له أهمية كبيرة يقول أنه يهوي ارتداء النظارات الشمسية وخاصة تلك التي تنتمي للموديلات العالمية, والتي لايستطيع الحصول علي ثمنها لذلك فإنه يشتري الماركات التقليد من ميدان رمسيس معتمدا علي الشبه الشديد بينها وبين الأصلية..معلقا حقا نحن فقراء..لكن الفقر لايمنعنا من الاستمتاع بشبابنا وتأنقنا. أم بيومي في شبرا الخيمة أيضا يمكن أن تشتري كل اللي بتحلم بيه من عزبة أم بيومي, وتحديدا من سوق الأحد الذي يبيع كل شيء, من الإبرة للصاروخ, ففيه قميص النوم اللازم للعروسة بسبعة جنيهات بجوار جلابية نانسي التي أصبحت موجودة في كل جهاز عروسة أما طقم الحلل فيمكن أن تشتريه بستين جنيها والسجادة بسبعين..هو سوق شهير يأتي له المشترون من كل أنحاء الجمهورية لأنه ببساطة سوق الناس الغلابة. ومن أمام طاولة كبيرة وقف أمامها عدد لايحصي من النساء لشراء بعض الملابس قالت أم كريم تاجرة ملابس: أنا من المنوفية ركبت القطار الفجر وحضرت الي هنا لشراء بعض الملابس وبيعها في قريتي والتربح منها. أما سهير السيد 20 سنة فقالت: إحنا ظروفنا الاقتصادية ضعيفة زي كل أهل شبرا وأنا واخواتي البنات بنحب نلبس كويس لذلك اشتركنا في جمعية وعندما قبضتها حضرت الي هنا واشتريت بنطلونا ب15 جنيها وبلوزة ب12 جنيها.. والآن سوف أذهب للبحث عن حذاء ثم أردفت وللاعشان احنا غلابة مانعيشي؟