عندما علمنا أنهم علي وشك مغادرة العاصمة الكونغولية في طريق عودتهم إلي القاهرة بعد قضاء ثلاث سنوات هي مدتهم في العمل التابع للأزهر الشريف قررنا أن نلتقي بهم ونجلس معهم لنعرف تفاصيل أكثير عن هذا البلد.. هم شيوخ بعثة الأزهر الشريف. من السهل أن تميزهم وتتعرف عليهم عندما تقع عيناك علي جلاليبهم وعممهم ذاك الزي الرسمي لشيوخ الأزهر. أحمد عبد القادر أحمد, حمدي محمد عبد الفتاح, محمد أحمد جاد الله وجمال عبد الله عاصي.. الاثنان الأولان الأقدم وهما اللذان سيغادران الكونغو بعد أن قضيا ثلاث سنوات بالتمام والكمال. عندما سألت الشيخ أحمد عن تفاصيل تلك البعثة ودورها الذي تقوم به.. أجابني.. بداية مؤسسة الأزهر الشريف تقوم بعقد مسابقة سنوية يتقدم لها الآلاف وينتقي منهم كل عام من يأتون لافريقيا كاعارة لنشر الثقافة الاسلامية والعلوم العربية نحن وصلنا هنا منذ عام2007 وتم ترشيحنا لدولة الكونغو وبالفعل أتينا وعملنا في ظروف شديدة الصعوبة ولكننا قمنا بتحفيظ أكثر من ثلاثين طالبا كونغوليا القرآن الكريم ونقوم بالخطابة في المساجد العامة بكينشاسا ولنا محاضرات يومية ما بعد العصر والمغرب والعشاء وبحمد الله لقد كنا سببا في دخول أكثر من137 رجلا وامرأة في الدين الاسلامي ولكن اسمحي لنا والكلام مازال علي لسان الشيخ أحمد أننا تعذبنا طوال فترة تواجدنا هنا فانتشار الأمراض بصورة خطيرة هنا كان كفيلا بأن يجعلنا ندعو من قلوبنا أن نخرج من هذا البلد علي خير.. وللأسف الخدمات الصحية والمستشفيات منعدمة تماما. كما أن راتبنا الذي نتقاضاه من الأزهر لايتعدي الألف دولار وهذا راتب ضعيف جدا لم يتغير منذ عهد عبد الناصر ولا يصلح أبدا للعيش في دولة مجنونة الأسعار مثل الكونغو لذلك اضطررنا أن نحصل علي سكن في كينشاسا في الأدغال بخمسمائة دولار شهريا.. الشيء الأهم والأخطر هو ما يتعلق بمدي خصوبة هذا البلد بالنسبة لانتشار الدين الاسلامي.. بداية عليك أن تعلمي أننا قد رأينا هنا أديانا والله لم نقرأها ولم نسمع عنها في الجاهلية الأولي.. من يعبد الأصنام والأشجار هم يعبدون كل شيء يتحرك علي أربع لذلك فالأرض خصبة لأي دين ولكن للأسف سبقتنا ايران التي تقوم بتشييع كل شيء ونستطيع أن نقول لك بأنهم قد استولوا علي كينشاسا. السؤال أين دور مصر وأين دور المؤسسات الدينية؟.. دورنا كشيوخ في الأزهر لا يكفي علي الاطلاق هكذا بدأ الشيخ محمد جاد الله حديثه قائلا يجب أن يفتح الملف الثقافي والديني وأن تساهم فيه مصر بقوة... لماذا لا يكون لدينا معهد أزهري مصري أو مركز ثقافي مصري وكتب مترجمة للغة الفرنسية وهي لغتهم الأولي؟ أين البعثات والمنح الدراسية التي تأتي لشباب الكونغو ليدرسوا في جامعات مصر؟.. كل ما نود التأكيد عليه أن أي أحد يدرس ويتعلم في بلد يكون انتماؤه لهذا البلد بعد وطنه تماما.. وبعيدا عن الدين والدراسة لماذا لا يكون هناك مركز طبي مصري وأين خبراؤنا المصريون المتفوقون في كل المجالات.. يا سيدتي لايوجد خبير مصري واحد علي أرض الكونغو ثم تأكدون وتتحدثون عن مشاكل وخلافات ما بين دول حوض النيل؟. بينما قطع الحديث الشيخ محمد عاصي قائلا.. اريد أن اعترف لك بأننا نشعر بالحزن الدفين عندما نجد مسجدا هنديا وآخر كينيا وثالثا من غينيا ولايوجد مسجد مصري واحد ولامعهد أزهري يرفع روحنا المعنوية. لا يوجد أي شيء يدل علي أن مصر موجودة سوي المسجد في السفارة المصرية المرفوع عليها علم جمهورية مصر العربية أما عن الخدمات الحقيقية التي تقدم من مدراس وسكن ومستشفيات ومطاعم ومساجد فهي للشيعة.. كل ما نود أن نقوله في النهاية ونؤكده.. من خلال خبرة وجودنا علي أرض الكونغو أنها بلد خصبة في كل شيء حتي ناسها ويالخسارتنا الفادحة لو لم نلحق أن نضع أقداما مصرية فيها.. خاصة وأن الأقدام الصينية والهندية والأوروبية والتركية والايرانية قد حجزت مكانا وربما نصيب الأسد.. ولكن مازال لأمر ميسرا والباب مفتوحا خاصة وأنهم قد سهلوا استشارات الأجانب في الكونغو.. ونهاية نقولها عالية.. اذا أردت أن تربط بلدا ما بك فعليك أن تربطها بمصالح اقتصادية مشتركة هنا تصبح أنت ورقة ضغط وليس مضغوطا عليك..!! رسالة واضحة وذكية وكما يقولون في الجون.. فهل من عقل يفهم وأذن تسمع وعين تري..؟!