أخذنا علي خاطرنا قليلا حين قال إنه لا علاقة له بقيادة الإخوان..كيف ذلك وكثير منهم تلاميذك ومريديك؟! د.أحمد الطيب استقبلنا خبر تعيين فضيلة الدكتور محمد أحمد الطيب شيخاً للأزهر الشريف بفرحة واستبشار لا يقلل منهما إلا تأثرنا برحيل سلفه فضيلة الشيخ طنطاوي الذي رحل إلي بارئه وأفضي إلي ما قدم، فيرحمه الله رحمة واسعة وسبحان من وسع كل شيء رحمة وعلماً. وفضيلة الإمام الدكتور أحمد الطيب من كبار علماء الأمة الإجلاء الذين نتعبد إلي الله بحبهم وتوقيرهم وتبجيلهم. وله سابق فضله وعطائه في المجال العلمي الإسلامي فقهاً وفكراً.. سواء حين كان مفتياً للديار أو حين كان رئيسا لجامعة الأزهر..زاده الله من فضله في عمره وعمله ومشيخته لمنارة الإسلام وراية الوسطية والاعتدال الأزهر الشريف. علي أننا (أخذنا علي خاطرنا) قليلا من فضيلته حين قال إنه لا علاقة له بقيادة الإخوان.. !! كيف ذلك يافضيلة الإمام وكثير من الإخوان من تلاميذك ومريديك. سواء من مواقعكم السابقة أومن موقعكم الحاضر إماماً أكبر للأمة كلها. ولعلك تعلم - فضيلتك - مكانة الأزهر الشريف في قلوب الإخوان من اليوم الأول لتأسيسهم وحتي يومنا هذا وإلي آخر الدنيا.. وقد كانت علاقة الأستاذ البنا بشيوخ الأزهر الفضلاء علاقة راسخة ولا ينسي الإخوان لفضيلة الشيخ المراغي مواقفه الكريمة معهم وقت محنتهم في الأربعينيات. ولعلك تعلم فضيلتك أن من أدبيات الإخوان وثوابت نهجهم إعظام وتقدير الأزهر الشريف وشيخه الجليل وعلمائه الفضلاء.. ذلك أن الأزهر الشريف جزء عظيم القدر من الحركة الوطنية المصرية، بل إن تاريخ الحركة الوطنية لا يذكر إلا ويذكر معه الأزهر الشريف..سواء أيام المماليك ومظالمهم أو أثناء الحملة الفرنسية أو ما بعدها..وقد كانت جماهير الأمة مسلميها وأقباطها تفزع إلي الأزهر الشريف إذا استبد بهم وال أو أمير، وما كانت ثورات القاهرة ضد الحملة الفرنسية إلا وتبدأ من صحن الأزهر الشريف.. وماكان لمحمد علي مؤسس مصر الحديثة ليتبوأ مكانه إلا بفضل الأزهر وعلمائه الكبار أمثال عمر مكرم والشرقاوي والسادات..ومن ينسي خطاب القمص سرجيوس من علي منبره في ثوره 1919 والتي قال فيها كلمته الشهيرة «إذا كان الإنجليز يدعون أنهم في مصر لحماية الأقباط فليمت الأقباط ولتحيا مصر».. ومن ينسي خطاب الرئيس عبد الناصر من علي منبره أثناء حرب سنة 56 داعياً الأمة كلها إلي الجهاد ضد الغزاة. وإذا تذكرنا مواقف الأزهر وشيوخه الأجلاء في نصرة المظلومين وتصديه للغزاة..فهل ننسي دوره العلمي الأعز والأرفع في الحفاظ علي وسطية الإسلام السني بنهج الاعتدال والتيسير ونشر هذه الروح السمحة في عموم العالم الإسلامي، أذكر أنني كنت في إندونيسيا في أحد المؤتمرات الطبية لاتحاد الأطباء العرب وحين علم نائب الرئيس الإندونيسي أنني من مصر تهلل قائلا :بلد الأزهر الشريف. ثم هذه الكوكبة الكبيرة من العلماء الذين أهداهم الأزهر إلي الأمة أمثال الشيوخ العروسي والعطار والقويسني والمراغي والبشري والشيخ شلتوت والفحام والشيخ عبد الحليم محمود وجاد الحق.. وممن لم يتبوأوا مواقع قيادية أمثال الشيخ النواوي ومحمد عبده ومخلوف والمطيعي وأبو زهرة وسيد سابق والغزالي والقرضاوي.. وأعلام أخري كثيرة في مختلف التخصصات العلمية الإسلامية من فقه وحديث وتفسير وعقائد وأصول دين.. كل هؤلاء نهلوا من نبع الأزهر الشريف وفاضوا علي الأمة بما فتح الله عليهم به من اجتهاد وعلم بما ينير لها طريقها كخير أمة أخرجت للناس. وتعد مجلة «الأزهر» الشهرية من مصادر الثقافة الإسلامية العميقة السهلة والتي أعتبرها - لي أنا شخصياً - أحد أهم مصادر المعرفة الإسلامية الشاملة.. وكنت ومازلت أنصح جموع الإخوان ومسئولي قسم التربية في الجماعة أن تكون مجلة الأزهر الشهرية وكتاب الأزهر من المصادر الأساسية في المنهج التربوي لجماعة الإخوان المسلمين..وأخص بالذكر العلامة الدكتور محمد رجب البيومي - رئيس تحريرها - الذي تابع جهود سابقيه وأضاف لها نفحات عميقة مما فتح الله عليه خاصة في الجوانب الفكرية والتاريخية وأعلام الأمة وروادها. وإذ نهنئ فضيلة الإمام الأكبر الدكتور الطيب ونشد علي يديه مؤيدين وداعمين له ما استطعنا إلي ذلك سبيلا، فإننا نرجوه أن يولي اهتماماً خاصاً للتعليم الأزهري في العلوم الإسلامية..فقد أنشئ الجامع الأزهر خصيصاً ليكون منارة علمية للمذهب الشيعي الجعفري، ثم شاءت إرادة الله أن يكون كذلك لمذهب أهل السنة والجماعة..وقام بدوره في ذلك علي أكمل وجه في فترات كثيرة من تاريخ إنشائه بهذا الصدد.. لكننا ونحن نشكو من ضعف العملية التعليمية بوجه عام مما يهدد بخطر حقيقي علي المستقبل.إلا أن مانراه الآن في المعاهد العلمية الأزهرية قد لا يرضي طموحنا كمسلمين وكمصريين بما يجب أن يكون عليه التعليم الأزهري..لذلك فرجاؤنا من فضيلة الإمام الأكبر أن يكون إصلاح التعليم هدفاً أعلي له خلال الفترة القادمة..وبما يجعل كل خريج أزهري مشروع عالم مجتهد مجدد.. ولا مبالغة في ذلك فهذا هو الأزهر الذي نعرفه ونرجوه والذي سيظل كذلك إلي أن تقوم الساعة. من أجل كل ذلك وما هو أكثر كثيراً يا فضيلة الإمام فنحن نعرفك ونجلك ونرجوك وما بيننا وبينك رابطة ومرابطة وآصرة ومؤازرة..لإقامة الدين وإعلاء كلمته.. ولرفعة الوطن وإعزاز مكانته.