منذ بدء الخليقة عرف الإنسان ابن آدم الحرب والقتل لكن القرن العشرين هو الذي شهد اعنف حرب عالمية أولي.. وحربا عالمية ثانية كان هو القرن الذي جعل الانسان يفكر في تفادي الحروب فماذا فعل!! فعل العجب اكثر من إنتاج القنابل الذرية في عدد كبير من دول العالم.. فكأن العالم بكل علمائه قد فعلوا عكس ما يتمنونه.. يا إلهي..!! مفكر عالمي وفيلسوف زمانه برتراند راسل قال: منذ ساد الإعتقاد باقتراب نهاية العالم في نهاية القرن العاشر... لم تصادف الشعوب حالة من القلق كالتي تسودها الآن.. وترجع هذه الحالة إلي عوامل اقتصادية وسياسية وثقافية تكاد تكون متعادلة في قوتها وتأثيرها: فمن الناحية الإقتصادية نجد امريكا في كفة ومعها الشعوب الغنية وكذلك الافراد الاغنياء في الشعوب الفقيرة.. كما نجد روسيا في الكفة الاخري ومعها الشعوب الفقيرة والافراد الفقراء في الشعوب الغنية.. ومن هنا كان من صالح أمريكا ان تحتفظ بالعالم غنيا.. وكان علي روسيا ان تحتفظ به فقيرا..!! انه لا سبيل إلي اقرار السلام الدائم إلا بالعمل جديا لتحقيق المساواة الاقتصادية بين مختلف الشعوب وبذلك يمكن قيام التعاون المثمر بينها علي أساس متين من الصداقة والتي يتعذر وجودها مع الفوارق الكبيرة في مستوي المعيشة. وقد عشنا ونحن نعتقد أن عامل التفرقة اقتصادي وعامل التفرقة بين الاجناس والالوان.. إذ كان الماضي يعرف استئثار الرجل الأبيض بالثروة والسيادة لكن الحال تبدل مرة أخري فإن روسيا قادت حملات للدعاية علي تهيئة فرص المساواة بين الناس بجميع الوانهم البيضاء والصفراء والسوداء! وفي مصر كان يتعجب في عام1950 عند مرور خمسين عاما داخل القرن العشرين هو يراها خيرها وشرها.. وحلوها ومرهاوتمني ان يعيش في سنوات غير هذا الجيل الصعب! ويتعجب ويقول ان هناك مؤرخا ساخرا لخص حياة الشعوب في ثلاث كلمات فقال انهم ولدوا فتعذبوا فماتوا ليس في التاريخ كله خمسون سنة شهدت من الحوادث الجسام والطوارئ التي لم تقع قط في البال ما شهده النصف الأول من القرن العشرين.. رأينا قيام الدول وسقوطها وعرفنا الحربين العالميتين ولو وزعت وقائع هاتين الحربين علي الف سنة لملأتها وفاضت عليها لقد كانت القاطرة البخارية اعجوبة الدهر كله.. ولكننا بعد ذلك شهدنا الطيارة التي تسبق صوتها ومعها الخيال المتكلم والاذاعة الاثيرية وكل ابواب الاختراعات.. وهذا يذكرني بقول المتنبي الشاعر العربي العظيم: حينما قال: ولكن هي الأيام قد صرن كلها عجائب حتي ليس فيها عجائب لقد اوشكت العجائب الفلكية والظواهر الجوية ان تلحق بعجائب التاريخ وظواهر الاجتماع وطرائف الاختراع.. وقعد الناس يتناذرون بالقيامة لانهم رأوا مذنبا يتردد في الآفق كل مساء علي مدي بضعة ايام. انها سنوات تجارب مئات الأعمار.. فهل جاءت معها بمئات العقول؟ مع الاسف الشديد.. بل لعلها قد واجهت العقل الواحد بما هو فوق احتماله وفوق نصاب الفائدة والاعتبار وكأنما هي مادة الغذاء في سنة.. تؤخذ في وجبة واحدة! وها قد مرت خمسون سنة أخري عرفنا فيها القمر الصناعي والبث الفضائي والتليفزيون والانترنت والتليفون اللاسلكي غير العالم كله.. ودخلنا في عالم أو ثورة الترانزستوركل هذه الاختراعات من أجل أن يحصل سكان الارض علي سلام واحترام الرأي والرأي الآخر لكن الفلسفة وهي الحل الامثل فلها رأي آخر: نسمع عن الفيلسوف ماركيوز وهو يقدم نقدا للحضارة البرجوازية التي نعيشها نقد له منطق ويعدد بنود هذه الحضارة التي تتمثل في اقتصاد السوق والانتاج الصناعي والتطور الحاد في تقسيم العمل وتزايد معدلات النمو في الثروة وظهور اشكال وانماط جديدة من الفقر وانتشار العادات والاخلاقيات المرتبطة بالعمل والإيمان بحسابات المنفعة وتأسيس المنهج العلمي وتزايد تطبيقاته في المجال العلمي والتكنولوجيا وظهور انماط جديدة في التنظيم واختفاء الصفوة التقليدية بل والتضاؤل النسبي لمعدلات اللجوء إلي العنف بوجه عام. إن لغة ماركيوز ومصطلحاته والتي استقرت في أعماق المشتغلين بالفكر السياسي في الدول الناطقة بالإنجليزية والتي اقترنت بالمنهج الليبرالي الديمقراطي إلي درجة انها تعد الآن اقرب لغة عالمية في التعامل مع الحضارة. وقد كتب فيلسوف آخر هو جون شابمان بعنوان الاسس الأخلاقية للالزام السياسي حيث يري أن الفكر الليبرالي المتحرر بني علي مثل اعلي معين وهو: القابلية البشرية للكمال علي أن تفهم هذه القابلية باعتبارها تعين علي تطور امكاناتنا الكامنة, يعني مزيدا متناغما من الحرية الاخلاقية والحاجة النفسية والسيكولوجية يعني هناك شخصية جديدة تدخل المجتمع العالمي الحالي حضارة عقلانية تفرز عقولا قادرة علي المنافسة وعلي التعاون معا ذلك النوع الذي يتسم بأنه متفرد ومتكامل في نفس الوقت اقتصادي واخلاقي في وقت واحد. باختصار ان رأي الفليسوف شابمان ان البشر يشكلون مع تقدم الحضارة كافراد متميزين ذوي مصالح وواجبات وحقوق.. انهم يدركون بشكل متزايد ان الظروف التي تحدد مصائرهم ما هي إلا محصلة مجموعة من القوي التي لابد من فهمها قبل محاولة السيطرة عليها. ويظل الحوار عن الدور الفلسفي للإنسان مع حياته علي الأرض مع الآخرين ونسمع مرة اخري رأي ماركيوز الذي يري ان الروح الفردية تتمخض عن فقدان الذات وان النزعة العقلانية التي تتوهم انها تسود الحضارة الصناعية سوف تقضي علي نوع العقلانية الشاملة والمدمرة وانه ليس بوسعنا ان ننظم الحضارة بل لابد لنا ان نتجاوزها. لكنني اتذكر كلمة قرأتها عن تكاسل الإنسان إلي حد انه يري المستقبل مفروضا عليه رغما عن انفه هذه الكلمة تقول اثناء حديث للمستر ترومان رئيس الولاياتالمتحدةالامريكية مع احد اعضاء الكونجرس.. قال: تعجبني كلمة لجيم فورستال: إذا اخبرنا اعضاء الكونجرس تفاصيل الموقف الدولي.. اصيبوا بالهيستريا وإذا لم نقل لهم شيئا كفوا عن شهود جلسات البرلمان وراحوا يتنزهون في مزارعهم. ونحن نبحث عن السلام اي سلام منشود علينا ان نعرف كيف يفكر العالم كل يوم, في بكره!!