جاء الإعلان عن اتفاق ايران ومجموعة 5+1- والتي تضم في عضويتها أمريكا وفرنسا وروسيا والصين وبريطانيا بالاضافة الي ألمانيا وحضور كاترين أشتون المفوضة السامية للسياسة الخارجية بالاتحاد الاوروبي بشأن برنامج إيران النووي ليؤكد نجاح الدبلوماسية الإيرانية علي مدار السنوات الاخيرة في الضغط علي المجتمع الدولي والقوي الكبري لانتزاع الاعتراف الدولي بحق طهران في امتلاك التقنية النووية السلمية. فعلي مدار السنوات الماضية دارت مناقشات عديدة ومساومات معقدة بين طهران والقوي الكبري خاصة الولاياتالمتحدة والتي خضعت لضغوط بل وابتزاز سياسي من جانب اسرائيل لعدم إبداء أي مرونة في المفاوضات مع ايران بل إن تل أبيب كانت تدفع واشنطن في اتجاه توجيه ضربة عسكرية استباقية الي المحطات النوية الايرانية تحت دعاوي التصدي لامتلاك ايران للسلاح النووي. والمثير للدهشة في هذا الاتفاق والذي يعتبر تاريخي ما أعلنه رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن هذا الاتفاق خطأ تاريخي وأن بلاده غير ملتزمة به ..والواقع يؤكد أن الخطأ التاريخي ليس الاتفاق بل أن الخطأ التاريخي هو ترك الترسانة النووية الاسرائيلية علي مرأي ومسمع من العالم دون أن يتحرك أحد لإتخاذ خطوات ضدها سواء فرض عقوبات دولية أو إخضاع تلك المنشأت لتفتيش الوكالة الدولية للطاقة الذرية . والنقطة الثانية قول نتنياهو أن اسرائيل غير ملتزمة بهذا الاتفاق. يبدو أن رئيس الوزراء الاسرائيلي يعيش في أوهام الدعم الامريكي اللامحدود ونسي انه في الاساس لم يطلب منه احد أن يكون عضوا أو طرفا في الاتفاق الدولي وان واشنطن ضحت به من اجل مصالحها في المنطقة خاصة بعد ان ادركت ان الدبلوماسية الروسية والسياسة الايرانية بينهما الكثير من نقاط الالتقاء في الملف السوري . والمؤكد أن النجاح الذي حققته البلوماسية الايرانية ليس وليد الساعة بل هو نتاج عمل سنوات تحت ضغط العقوبات الدولية المفروضة علي المجتمع الايراني والذي استطاع ان يتجاوزها بتحد حقيقي وان يحقق طفرات وانجازات واضحة وملموسة في مجالات عديدة سواء في الصناعات الثقيلة أو صناعة الملابس أو السيارات أو دخول إيران وبقوة عالم صناعة الانفاق لتصبح من كبري الدول في تصميم وتنفيذ الانفاق بمستوي ينافس الدول الكبري. ولاشك أن هذا الاتفاق سوف يفتح افاقا جديدة للتعاون الايراني مع العالم في ظل رفع الحظر عن عدد من الصناعات الايرانية وتعليق خطط خفض شراء البترول الخام من إيران بحيث يستطيع عملاء إيران الحاليين الاستمرار بمعدل عمليات شراء النفط الخام من إيران وإعادة مبالغ محددة من عوائد صادرات البترول الإيراني من الخارج إلي إيران وتعليق الاتحاد الأوروبي وأمريكا الحظر علي التامين وخدمات الشحن والنقل المرتبطة وهو ما يتيح للاقتصاد الإيراني فرصة كبيرة للتعافي ويفتح أفاقا جديدة للتعاون مع أسواق دولية جديدة خاصة في أوروبا. واتفاق الخطوة الأولي كما تم تسميته بين إيران والمجموعة السداسية والذي يستمر ستة أشهر قابلة للتجديد بإتفاق الطرفين سوف يحدث تغييرات جذرية في توازن القوي الاقليمية بالشرق الأوسط ففي الوقت الذي تتراجع فيه قوة تركيا بسبب سوء إدارة أردوغان لعلاقاته مع القاهرة تبرز إيران علي المسرح السياسي كلاعب رئيسي ومهم استطاع ان ينتزع من القوي الكبري في العالم الاعتراف بحقه في الحصول علي التكنولوجيا النووية وأيضا استطاع أن يثبت للعالم رؤيته السلمية وإصراره علي المضي في تنفيذ سياسته رغم الضغوط الدولية عليها. وأعتقد ان الملف السوري والدور الايراني القوي به كان له دور فعال في المفاوضات حيث يخطيء من يظن ان الملفات الدولية منفصلة بل ان هناك ارتباط وتواصل وتشابك كبير بين كافة الملفات السياسية المطروحة في المنطقة ومن بينها دن شك علاقات دول الخليج العربي بايران والعلاقات الاستراتيجية بين تلك الدول وواشنطن وأوروبا وما يمكن ان تقوم به دول الخليج تجاه حلفائها خاصة واشنطن بسبب هذا الاتفاق. ولكن لذلك حديث آخر. رابط دائم :