أسعار الريال السعودي اليوم 17/6/2025 في بنك القاهرة وبنك مصر والبنك الأهلي    وزيرا الخارجية والبيئة يبحثان التعاون في مبادرة تغير المناخ واستدامة السلام    النائب أحمد الشرقاوي يرفض الموازنة العامة: إحنا في كارثة    إزالة 7 حالات تعد على الأراضي الزراعية بالأقصر    حكومة تايلاند تأمر الجيش بتجهيز الطائرات لإجلاء الرعايا من إيران وإسرائيل    امتحانات الثانوية العامة.. تعليم الشرقية: لم نرصد حالة غش واحدة حتى الآن    حملات تفتيش مفاجئة على 42 منشأة غذائية بالقاهرة    وزير الزراعة: المتحف الزراعي يقدم صورة مشرفة للتراث الزراعي المصري    فيلم سيكو سيكو يحقق 186 مليون جنيه في 11 أسبوعا    "الصحة" تواصل تقييم أداء القيادات الصحية بالمحافظات لضمان الكفاءة وتحقيق الأهداف    غدا.. انطلاق المهرجان الختامي لفرق الأقاليم المسرحية في دورته 47 في مسرح السامر بالعجوزة    البحوث الفلكية: الخميس 26 يونيو أول أيام شهر المحرم وبداية العام الهجري 1447    رئيس القومي للطفولة والأمومة تستقبل الرئيس السابق لجمهورية مالطا    الجيش الإسرائيلى يعلن مقتل رئيس الأركان الجديد فى إيران على شادمانى    أسعار الأسماك والمأكولات البحرية في سوق العبور اليوم    أسعار النفط تقفز 1% مع تصاعد التوتر بين إيران وإسرائيل    بالأسماء.. 3 جثث و14 مصابًا في حادث مروع لسيارة عمالة زراعية بالبحيرة    أسعار الخضروات والفاكهة في سوق العبور اليوم    «التضامن» تقر قيد 5 جمعيات في 3 محافظات    إيران تطالب مجلس الأمن بإدانة العدوان الإسرائيلي    محافظ أسيوط يفتتح معرض فنى لتدوير المخلفات البيئية    سلطنة عمان: نكثف جهودنا لاحتواء الصراع الإيراني الإسرائيلي    الصحة: لجنة تقييم أداء مديري ووكلاء المديريات تواصل إجراء المقابلات الشخصية للمرشحين للمناصب القيادية لليوم الثاني    معهد تيودور بلهارس ينظم الملتقى العلمى 13 لأمراض الجهاز الهضمى والكبد    عميد طب قصر العينى يستقبل سفير جمهورية الكونغو الديمقراطية لتعزيز التعاون    رئيس الأوبرا يشهد احتفالية ذكرى دخول المسيح مصر (صور)    تنسيق الجامعات.. برنامج هندسة الاتصالات والمعلومات بجامعة حلوان    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 17-6-2025 في محافظة قنا    إعلام عبري: إيران أطلقت على إسرائيل 380 صاروخا باليستيًا عبر 15 هجوما    مواعيد مباريات اليوم الثلاثاء 17 يونيو والقنوات الناقلة    ورشة تدريبية متخصصة حول الإسعافات الأولية بجامعة قناة السويس    انتشار أمني بمحيط مدارس 6 أكتوبر لتأمين امتحان اللغة الأجنبية الثانية للتانوية العامة    ابن النصابة، تعرف على تفاصيل شخصية كندة علوش في أحدث أعمالها    تركي آل الشيخ يكشف كواليس زيارته لمنزل الزعيم عادل إمام    توافد الطلاب على لجان الثانوية العامة بالمنيا لأداء امتحان اللغة الأجنبية الثانية    18 ألف طالب يؤدون امتحان اللغة الأجنبية الثانية للثانوية العامة بقنا    بالميراس بكامل قوته أمام الأهلي.. تغييرات هجومية منتظرة في موقعة نيو جيرسي    قبل موقعة الحسم.. الأهلي يتدارك أخطاء إنتر ميامي استعدادًا لبالميراس    تشكيل الهلال المتوقع أمام ريال مدريد في كأس العالم للأندية    «أمطار في عز الحر».. الأرصاد عن حالة الطقس اليوم الثلاثاء: «احذروا الشبورة»    «سكاي أبوظبي»: 240 مليار جنيه مبيعات مشروع «رأس الحكمة»    تغييران منتظران في تشكيل الأهلي أمام بالميراس    طريقة عمل كيكة الجزر، مغذية ومذاقها مميز وسهلة التحضير    جهاز منتخب مصر يشيد بالشناوي ويدعم تريزيجيه قبل مواجهة بالميراس في كأس العالم للأندية    ترجمات| «ساراماجو» أول أديب برتغالي يفوز بجائزة نوبل أدان إسرائيل: «ما يحدث في فلسطين جريمة»    وزير الدفاع الأمريكي يوجه البنتاجون بنشر قدرات إضافية في الشرق الأوسط    بعد تصريحات نتنياهو.. هل يتم استهداف خامنئي الليلة؟ (مصادر تجيب)    «لازم تتحرك وتغير نبرة صوتك».. سيد عبدالحفيظ ينتقد ريبيرو بتصريحات قوية    3 أيام متتالية.. موعد إجازة المولد النبوي الشريف في مصر للموظفين والبنوك والمدارس    «إرث الكرة المصرية».. وزير الرياضة يتغنى ب الأهلي والخطيب    بعد إنهاك إسرائيل.. عمرو أديب: «سؤال مرعب إيه اللي هيحصل لما إيران تستنفد صواريخها؟»    ما هي علامات قبول فريضة الحج؟    مصرع شاب غرقا فى مياه البحر المتوسط بكفر الشيخ وإنقاذ اثنين آخرين    إلهام شاهين تروي ل"كلمة أخيرة" كواليس رحلتها في العراق وإغلاق المجال الجوي    «إسرائيل انخدعت وضربتها».. إيران: صنعنا أهدافا عسكرية مزيفة للتمويه    محافظ كفر الشيخ: إقبال كبير من المواطنين على حملة «من بدرى أمان»    ما الفرق بين الركن والشرط في الصلاة؟.. دار الإفتاء تُجيب    لمست الكعبة أثناء الإحرام ويدي تعطرت فما الحكم؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من التغيير الليبرالي إلي التطرف الأيديولوجي‏!‏
بقلم‏:‏ السيد يسين

يمكن القول إن الاتجاه السائد في مصر الآن‏,‏ هو السعي للانتقال التام من السلطوية الي الليبرالية الكاملة وهكذا انتهت فجأة المسيرة الليبرالية المعلنة للدكتور البرادعي‏,‏ والذي بالرغم من أنه منذ البداية غازل جماعة الإخوان المسلمين وادعي أنهم أكبر حزب في البلاد
هناك اتفاق بين علماء السياسة علي أن التحول الديموقراطي كمفهوم أساسي يعني في المقام الأول التحول من السلطوية الي الليبرالية‏.‏ ونحن نعرف في ضوء نظريات علم الاجتماع السياسي أن هناك تصنيفا ثلاثيا للنظم السياسية‏,‏ مبناه أنها نظم شمولية وسلطوية وليبرالية‏.‏ والنظام الشمولي بحسب التعريف يقوم علي أساس أن الدولة غالبا ممثلة بحزب واحد تتبلع المجتمع المدني‏!‏ بمعني سيادة القهر السياسي المعمم‏,‏ وعدم إعطاء فرصة المبادرة لأي مؤسسة سياسية أو اجتماعية بعبارة أخري ينعدم وجود المجتمع المدني‏.‏
أما في النظام السلطوي فإنه يهيمن أيضا علي مقدرات المجتمع‏,‏ ولكن عادة ما يكون هناك هامش للحركة‏,‏ بحيث يتاح لبعض المؤسسات أن تكون لها بعض المبادرات‏.‏
ويبقي أمامنا النظام الليبرالي الذي يتميز بالحرية السياسية وحرية السوق معا‏.‏
بعبارة أخري لاهيمنة للدولة علي الحركة السياسية‏,‏ لأنه عادة ماتسود التعددية الحزبية وتمارس الانتخابات بصورة دورية نزيهة‏,‏ ويتم تداول السلطة في ضوء نتائج الانتخابات‏.‏
أما في الجانب الاقتصادي فإن الدولة لاتتدخل في إدارة الاقتصاد علي المستوي القومي‏,‏ وإنما تترك الحرية كل الحرية للسوق‏,‏ علي أساس أنها تستطيع أن توازن نفسها ذاتيا معتمدة في ذلك علي آلية العرض والطلب‏.‏
ومن المعروف أن النظام السياسي المصري منذ ثورة يوليو‏1952‏ هو نظام سلطوي‏,‏ بحكم سيطرة الدولة في عهد الثورة علي الحركة السياسية في المجتمع بعد إلغاء الأحزاب السياسية عام‏1954,‏ واعتمادها علي حزب سياسي واحد‏,‏ كان هو الاتحاد القومي في فترة ما‏,‏ثم تحول ليصبح الاتحاد الاشتراكي‏.‏
ومن هنا يمكن القول إن حركة المجتمع المدني كانت مقيدة في هذه المرحلة التاريخية‏.‏
ولم يبدأ تغيير ملامح النظام السلطوي في مصر إلا بعد تولي الرئيس السادات الحكم وإلغائه للاتحاد الاشتراكي‏,‏ وتغيير النظام السياسي تغييرا جوهريا بالانتقال من السلطوية إلي الليبرالية المتدرجة‏,‏ إذ سمح بقيام المنابر أولا ثم سمح بقيام تعددية حزبية وإن كانت مقيدة‏.‏
وهكذا نشأت أحزاب سياسية تمثل اليمين والوسط واليسار‏.‏
ويمكن القول إنه في عصر الرئيس مبارك زادت معدلات الحراك السياسي في اتجاه مزيد من الليبرالية‏.‏
وتمثل هذا الحراك أساسا في التعديلات الدستورية والتي كان أكثرها جسارة هو إلغاء انتخاب رئيس الجمهورية‏.‏ عن طريق الاستفتاء‏,‏ وتحويل الانتخابات الرئاسية لأول مرة إلي انتخابات تنافسية تجري بين مرشحين متعددين‏.‏
وتمت بالفعل أول انتخابات رئاسية في ضوء هذا النظام انتخب فيها الرئيس حسني مبارك لفترة ثانية جديدة‏.‏
ومن مؤشرات الحراك السياسي المتصاعد في مصر في السنوات الأخيرة حرية الإعلام غير المسبوقة في تاريخ مصر الحديث‏.‏
فقد نشأت صحف ومجلات مستقلة وحزبية متعددة‏,‏ وكذلك قنوات فضائية‏.‏
وهذه الوسائل الإعلامية جميعا تمارس حرية النقد السياسي بغير أي حدود‏.‏
كما أن حق التظاهر والإضراب أصبح يمارس لأول مرة علي نطاق واسع‏,‏ والشاهد علي ذلك أن فئات اجتماعية متعددة قامت باحتجاجات جماهيرية متعددة في قلب القاهرة ولم يتعرض لها الأمن بالرغم من حدوث تجاوزات متعددة من بعد أدت إلي منعهم حفاظا علي الأمن العام‏.‏
وقد أثارت بعض التعديلات الدستورية اعتراضات شتي من قبل أحزاب المعارضة وخصوصا المادة‏76,‏ والتي اعتبر أنها وضعت شروطا تعجيزية تمنع المستقلين من الترشح لمنصب رئيس الجمهورية وكذلك المادة التي تعطي رئيس الجمهورية الحق في أن يحكم بدون سقف زمني محدد‏.‏
ويمكن القول إن الاتجاه السائد في مصر الآن‏,‏ هو السعي للانتقال التام من السلطوية الي الليبرالية الكاملة‏.‏
وتقف دون ذلك في الواقع عقبات شتي أبرزها رفض بعض عناصر الحزب الوطني الديموقراطي الحاكم للتحول الكامل إلي الليبرالية لأسباب متعددة‏,‏ وضعف أحزاب المعارضة السياسية‏,‏ وتدني الثقافة الديموقراطية في البلاد‏.‏
غير أنه يمكن القول إن المزاج العام السائد في البلاد يميل الي التغير الليبرالي‏,‏ ويرنو إلي تعددية سياسية حقيقية‏,‏تؤدي ولو في المدي الطويل إلي تداول السلطة‏.‏
هذا هو المناخ السياسي الذي ظهر فيه الدكتور البرادعي بتصريحاته الغامضة أولا‏,‏ثم بتحركاته بعد ذلك والتي وصلت ذراها بتكوين الجمعية الوطنية للتغيير برئاسته‏,‏ والتي تشكلت بناء علي ضغوط شديدة من قبل مجموعة من النشطاء السياسيين الذين لاتجمعهم وحدة إيديولوجية واحدة‏,‏بل يتوزعون بين اليمين والوسط واليسار‏,‏ وهم خليط من الشخصيات السياسية‏,‏ بعضهم شخصيات معروفة‏,‏ وبعضهم الآخر لايزيدون علي كونهم نكرات سياسية ليس لهم أي ماض سياسي معروف‏,‏ ولكن غرتهم فكرة الظهور المتكرر في وسائل الإعلام وشغل مناصب وهمية في جمعية التغيير‏.‏
دعوة الدكتور البرادعي للتغيير لم تكن جديدة‏,‏ بل لقد كانت شعار كل القوي السياسية في مصر قبل وصوله للقاهرة‏,‏ ولكن وجوده وتصريحاته أعطت زخما لاشك فيه لشعارات التغيير‏,‏ بالرغم من زعم بعض أنصاره أنه بمثابة المسيح المخلص الذي سيحل اللغز السلطوي وينقل البلاد الي ضفاف الليبرالية الكاملة‏!‏ وسرعان ماتبينت الحقيقة وهي أن البرادعي ليس إلا عابر سبيل سياسي إن صح التعبير لأنه ليس لديه وقت يعطيه لتحقيق تجربة سياسية متكاملة يشارك فيها الجماهير عملية التغيير التي بشر بها‏.‏
وعبر مسيرة متعثرة سادتها التصريحات المراوغة للبرادعي التي مالت مرة إلي اليمين ومرة أخري إلي اليسار‏,‏ انفجرت الجمعية الوطنية للتغيير بعد رفض البرادعي تأجيل سفرياته والبقاء في القاهرة‏,‏ للإشراف علي ثورة التغيير التي بشر بها‏.‏
واستقال المنسق العام والمتحدث الإعلامي إعلانا عن نهاية الجمعية‏,‏ثم مالبثا أن عادا من جديد‏,‏ بعد تصريحات مبناها أن الجمعية الوطنية للتغيير ستستمر بغير البرادعي‏.‏
وبدأ البرادعي مسيرته بطريقته منفردا بعد تخلصه من عبء أنصاره الذين كانوا يريدون منه التزاما واضحا وخطة محددة‏.‏
وقرر بدون مقدمات الارتماء في أحضان الإخوان المسلمين‏,‏ وهكذا تحول فجأة من الليبرالية‏,‏ إلي الإيديولوجية المتطرفة لجماعة الاخوان المسلمين والتي تتعارض تعارضا واضحا مع الليبرالية لأن مشروعها يقوم أساسا علي إقامة الدولة الدينية‏,‏ والتي تقوم علي الفتوي وليس علي التشريع‏,‏ في إطار الدولة المدنية التي يحكمها دستور وضعي‏.‏
والحق أن منظر البرادعي في زيارته للفيوم كان طريفا بعد أن انفض عنه أنصاره الذين تلاعب بهم وراوغهم فترة طويلة‏,‏ ورفض فرع الجمعية الوطنية في الفيوم استقباله‏.‏
غير أنه بناء علي اتفاق سري عقده مع جماعة الإخوان المسلمين قاموا بتنظيم حشد لاستقباله لايقل عن ثلاثة آلاف شخص‏,‏ وهتفوا له وكأنه المرشد العام للإخوان المسلمين‏!‏
وهكذا انتهت فجأة المسيرة الليبرالية المعلنة للدكتور البرادعي‏,‏ والذي بالرغم من أنه منذ البداية غازل جماعة الإخوان المسلمين وادعي أنهم أكبر حزب في البلاد‏,‏ إلا أنه لم يتوقع أحد أن يتحالف معهم رسميا ويزورهم في مقرهم للتنسيق‏.‏ والسؤال التنسيق حول ماذا؟ هل حول المشروع السياسي للإخوان المسلمين الذي سبق أن أعلنوه من قبل‏,‏ وهو إقامة دولة دينية في مصر عن طريق تشكيل مجلس أعلي للفقهاء تعرض عليه قرارات رئيس الجمهورية وقرارات المجالس النيابية؟
سؤال سيظل معلقا لأن الدكتور البرادعي الذي حير الناس بمواقفه المتقلبة له خطة وهي التجول بين الأحزاب السياسية المصرية‏,‏ وإطلاق تصريحات مراوغة لاتكشف بالقدر الكافي عن هويته السياسية الحقيقية‏!‏
والحق أن مغامرة الدكتور البرادعي التي لم تكتمل فصولا‏,‏ هي فصل من فصول أعاجيب السياسة المصرية المعاصرة‏!‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.