محافظ الدقهلية: يتابع معدلات تنفيذ الإزالات من خلال الشبكة الوطنية والتوثيق بالصور والفيديو    الحرب التجارية العالمية.. والمنافسة حول القهوة    رئيس الوزراء يشارك في جنازة الراحل علي المصيلحي بمسجد الشرطة بالشيخ زايد    قيمة انتقال لاعب ميلان إلى نيوكاسل يونايتد    رئيس الوزراء ينعى الأديب المصري الكبير صنع الله إبراهيم    غادة شاهين: "الإسكندرية السينمائي" يكرم ليلى علوي ويحتفي بالمغرب تحت شعار "السينما في عصر الذكاء الاصطناعي"    أكاديمية الفنون تعلن انطلاق فعاليات مهرجان مسرح العرائس في أكتوبر    الخارجية الروسية: لافروف سيشارك فى القمة الروسية-الأمريكية    "قيد الإعداد".. الخارجية الأمريكية تقترب من تصنيف الاخوان منظمة إرهابية    وكالة الطاقة الدولية تخفض توقعاتها لنمو الطلب على النفط في 2025    1000 لاعب باحتفال اتحاد اللياقة ورياضة الشارع باليوم العالمي للشباب بالأسمرات    القبض على عاطل لاتهامه بسرقة باب كابينة كهربائية فى المقطم    المشدد 6 سنوات وغرامة 100 ألف جنيه لعاطلين بتهمة الإتجار فى الهيروين بسوهاج    القبض على 3 عاطلين لاتهامهم بسرقة طالب فى الجيزة    وزارة الزراعة: إجراء التلقيح الاصطناعي لأكثر من 47 ألف رأس ماشية    مجلس الوزراء يقر عقوبة الحبس والغرامة لمخالفي قانون الملاحة الداخلية    «سايلون» الصينية تنشئ مصنع إطارات في مصر باستثمارات مليار دولار    مفتى المجمع الوطنى والشؤون الإسلامية بجنوب أفريقيا: أعتز بانتمائى للأزهر    رئيس منطقة سوهاج الأزهرية يتفقد اختبارات الدارسين الخاتمين برواق القرآن    تفاصيل حريق محدود دون إصابات بمستشفى حلوان العام (فيديو)    سحب 810 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكترونى خلال 24 ساعة    جهاز تنمية المشروعات وبنك القاهرة يوقعان عقدين جديدين بقيمة 500 مليون جنيه لتمويل المشروعات متناهية الصغر    تنسيق الجامعات 2025.. التعليم العالي تنشر فيديو لتعريف الطلاب بكيفية إجراء "تقليل الاغتراب"    الإسماعيلي ينهي استعداداته لمواجهة بيراميدز بحضور رئيس النادي "صور"    رئيس "المصرية اليابانية": جامعة حكومية بتخصصات متفردة ومنح للدراسة في اليابان    بعد تجاهل رسالته.. مصطفى كامل يتمنى الشفاء العاجل ل"أنغام"    التضامن: لدينا 13072 حضانة مركزة في مصر وهدفنا تحسين خدمات الطفولة المبكرة.. صور    «مدبولي»: مصر لن تغض الطرف عن تهديد وجودي لأمنها المائي    السبكي: تطوير التدريب الطبي والبحوث لرفع جودة الخدمات ب«التأمين الشامل»    محافظ المنوفية يفاجئ مكتب صحة الباجور ويتخذ إجراءات فورية لتحسين الخدمات    المشاط: العلاقات المصرية الأردنية تحظى بدعم مباشر من قيادتي البلدين لتحقيق التكامل الاقتصادي    آخرهم حسام البدري.. 5 مدربين مصريين حصدوا لقب الدوري الليبي عبر التاريخ    اتصالان لوزير الخارجية مع نظيره الإيراني والمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية    مدبولى يشهد توقيع عقد إنشاء مصنع مجموعة سايلون الصينية للإطارات    "قوية ورادعة".. وزارة الرياضة تعلق على عقوبات جماهير الزمالك    وزير التعليم يكرم الطلاب أوائل مدارس النيل المصرية الدولية    "الشناوي في حتة تانية".. تعليق ناري من الحضري على مشاركة شوبير أساسيا مع الأهلي    أسعار الأسماك والمأكولات البحرية في سوق العبور اليوم    وزير الخارجية يبحث مع نظيره السعودي تطورات الأوضاع في غزة    الصحة: حريق محدود دون إصابات بمستشفى حلوان العام    الاحتلال ينسف مجموعة كبيرة من المنازل في حي الزيتون جنوب شرق غزة    موعد مباراة باريس سان جيرمان وتوتنهام في صراع السوبر الأوروبي    وزير الري يتابع المشروعات التنموية في سيناء    قافلة المساعدات المصرية ال 14 تنطلق إلى قطاع غزة    شجرة أَرز وموسيقى    مواعيد مباريات اليوم.. قمة باريس سان جيرمان ضد توتنهام بالسوبر الأوروبي    طريقة عمل الفطير المشلتت الفلاحي، بأقل التكاليف    رسميًا.. قائمة أسعار الكتب المدرسية لجميع المراحل التعليمية 2025/2026 «تفاصيل وإجراءات الصرف»    أرباح تصل إلى 50 ألف دولار للحفلة.. تفاصيل من ملف قضية سارة خليفة (نص الاعترافات)    4 أبراج تفتح لها أبواب الحظ والفرص الذهبية في أغسطس 2025.. تحولات مهنية وعاطفية غير مسبوقة    كسر خط صرف صحي أثناء أعمال إنشاء مترو الإسكندرية | صور    الشيخ رمضان عبد المعز: سيدنا إبراهيم قدوة في الرجاء وحسن الظن بالله    ما حكم الوضوء لمن يعاني عذرًا دائمًا؟.. أمين الفتوى يجيب    ما حكم ربط الحروف الأولى للأسماء بالرزق؟.. أمين الفتوى يجيب    الفائز بجائزة الدولة التشجيعية ل"البوابة نيوز": نحتاج إلى آليات دعم أوسع وأكثر استدامة خاصة لشباب الفنانين    الحماية المدنية تنقذ أهالي عقار قديم بعد سقوط أجزاء منه بالجمرك    للمرة الأولى.. كليات الطب البشري وحاسبات ضمن تنسيق المرحلة الثالثة 2025 للنظام القديم «ضوابط الالتحاق»    الشيخ رمضان عبدالمعز: قبل أن تطلب من الله افعل مثلما فعل إبراهيم عليه السلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شرعية الإسلام السياسي!
نشر في المصريون يوم 07 - 06 - 2006

كتبت منذ عدة شهور تقريرا يتضمن خلاصة أهم مقالات الكتاب الذين تناولوا الشأن السياسي الجاري بمنظور تحليلي وموضوعي في الصحافة العربية. وكان هذا التقرير نموذجا لفكرة مقترحة (بصدد التنفيذ) تقدمت بها لأحد المواقع العربية على الانترنت باسم "زبدة الأفكار" يستهدف عرض الأفكار والطروحات الرئيسية التي تضمنتها المقالات، بطريقة مختصرة ومبسطة ومباشرة، مما يساعد القارئ على الإلمام بكم كبير من الرؤى المختلفة ووجهات نظر متباينة في شتى القضايا والموضوعات المطروحة على مختلف الأصعدة.. محليا وعربيا ودوليا. وقد رأيت أنه من المفيد أن أعرض على قارئ هذه الزاوية مقتطفات من التقرير المشار إليه، وخاصة الجزء المتعلق بشرعية الإسلام السياسي، فقد لاحظ مراقبون وكتاب تطوراً ملحوظاً ، يكاد يكون انقلابيا في موقف تيارات الإسلام السياسي من الديموقراطية ومن الأسس الليبرالية التي تقوم عليها . حتى أن فصائل متزايدة العدد منه باتت تطالب بالدولة المدنية ، وتعترف بحقوق الإنسان والمواطن ، في حين تعيد قراءة فكرها السياسي بهدف تجديده، عبر التوفيق بينه وبين العصر . هذا التحول المهم شرع الكتاب والمفكرون في تحليله وتوضيح أثره في المشهد السياسي العربي . مؤكدين على حتمية الاتجاه نحو التمثيل السياسي الشرعي للقوى الإسلامية في البلاد العربية . الكاتب السوري "ميشيل كيلو" من أولئك الذين استوقفهم هذا التحول، وفسره بما انتهى إليه فشل المدارس القومية والاشتراكية، وردّ الاعتبار للمدرستين الدينية والليبرالية ، اللتين تتقدمان اليوم بخطى حثيثة، رغم ما يعترضهما من عقبات ويواجههما من ممانعة وقمع. لكن المفارق الصارخة التي يلحظها "كيلو" انه في حين تتصرف المدرسة الليبرالية بشيء من التعصب والانغلاق والإقصاء تجاه منافستها : المدرسة الدينية ، تمارس الأخيرة نهجاً ليبرالياً حيال التكوينات والأفكار والتنظيمات السياسية ، وتتعامل بعقل منفتح مع القضايا المختلفة ، بتبنيها الديموقراطية كخيار سياسي واجتماعي وتربوي رابح ، ورفض العنف والقمع والوسائل غير السلمية في الصراع السياسي والاجتماعي، وإبداء الاستعداد للتعامل والتعاون مع الجميع ، على أسس عامة تنشد التوافق وترتكز عليه كمبدأ وكطريقة . وأضاف "كيلو" أن من يتابع التطور الحاصل في سوريا ومصر والأردن وبلدان عربية أخرى ، سيلاحظ انتصار نهج التسامح والتوافق في الصف السياسي الإسلامي ، الذي يبتعد به عن تيار التشدّد والعنف الأصولي ، فكأن هذا الإسلام الديموقراطي يعد نفسه لوراثة الحقبة الراهنة ، الآفلة ، ويريد أن يكون جزءاً من عصر كوني سائد ، لا يتعارض وصوله إلى السلطة مع مسلماته وأطره ، ولا يتناقض مع أهدافه ومقاصده. والمحصلة التي يرصدها الكاتب في النهاية أن الفريق الديمقراطي من الإسلام السياسي يتقدم نحو العصر بشروطه، بينما يخرج منه نظام وعد بالحديث والجديد، ويتقادم خطابه، وتتهتك وسائله ويتجاوز الواقع أيديولوجياته وطرق عمله ومصالحه وموقعه من العالم ، وهذه برأيه علامة زمن يأتي وزمن يمضي، زمن بلغ الآتي فيه طور النضج، ودخل الماضي فيه مرحلة الشيخوخة، فلا شيء يحول دون ولادة القادم وموت المنصرم، رغم صعوبات الولادة وآلام الموت!. (المستقبل اللبنانية) وفي تفسيره لتلك الظاهرة اعتبر الكاتب "عز الدين عناية" أن ما تشهده البلاد العربية اليوم هو بحق انتعاشة رموز دينية تخطت الحركات الإسلامية ، وكأن تلك الانتعاشة وليدة الاستشعار للمسؤولية الحضارية، التي تجاوزت أحيانا ضيق طروحات بعض الحركات والأحزاب التي تحنطت داخل شعارات لا واقعية ، وساهمت في تصفية عديد الأوهام لديها. كما دفعت باستثمارات الديني ضمن مسارات مستجدة ، أعلته إلي صدارة العنوان الحضاري استجابة منه لهذا الطرح، ودعا الكاتب في مقال بعنوان : (الديني والحراك الاجتماعي في البلدان العربية) إلى ضرورة الحل الديمقراطي للمسألة الدينية السياسية، وخاصة بعد أن أبدت بعض التيارات الدينية نضجا ورصانة لتجاوز نزق الشباب والاندفاعات الهائجة التي لا تلجمها بصيرة . وأكد أن التيار الديني بدأ في تصفية بلاهته السياسية التي لازمته طيلة عقود طويلة. من خلال رفضه للديمقراطية ، واستفاق أن الشريعة التي يطالب بتطبيقها ليس لها من تحقق إلا عبر إرادة الشعب، ولا يمكن أن تسقط من فوق، وهذا التجاوز الذي حققته التيارات الإسلامية، والذي ما زالت بعض ذيوله تجذب للخلف، كان التطور الحقيقي داخل الإسلام السياسي علي مدي مسيرة مليئة بالتطرف والعسف والقهر والاحتقان. وحذر الكاتب الحكومات العربية التي تعمل على احتكار الديني أو محاصرته من عدم الاستجابة لهذا الطرح ، موضحا أن هذا الفعل يعد تعطيلا لأكثر دوافع الحراك المجتمعي، وقد أثر ذلك التعطيل علي كافة قطاعات المجتمع الأخرى مانعا إياها من المضي قدما. كما أفرز أزمات ، ما كانت لتوجد أصلا لو انساقت الوقائع ضمن مناخ ديمقراطي قانوني يجله الجميع. (القدس العربي) ولكن ، هل يمكن أن يتم الإصلاح كاملا وسليما من دون مصالحة عامة بين أبناء الأمة ؟ .. وهل يمكن أن يتحقق إصلاح فعال وناجح في حين أن فريقا من الأمة كبيرا أو صغير يشعر بأنه مستبعد من المشاركة في العملية السياسية ؟.. هذه القضية طرحها الدكتور "حازم الببلاوي" في مقال بالأهرام بعنوان : (الإصلاح والمصالحة) أكد فيه على ضرورة إعادة النظر في العلاقة بين الدولة وبين الاتجاهات السياسية الإسلامية‏ .‏ مؤكدا أن الوقت قد حان‏ لفتح حوار جاد وصادق مع التيارات الإسلامية لإدماجها في الحياة السياسية‏,‏ وبما لا يتعارض مع احترام قواعد الديمقراطية في تداول السلطة واحترام الحقوق والحريات الفردية. ومتعللا بان صعوبة الحالة وتأزم الموقف يتطلب مزيدا من الخيال والجرأة والمصارحة‏,‏ وليس التهرب من المواجهة وتجاهل الواقع باعتباره غير موجود,‏ أو غير شرعي، وكأن ذلك التجاهل كاف لإلغاء الظاهرة‏ . ونبه "الببلاوي" على انه لا يكفي إعلان مبدأ عدم خلط السياسة بالدين حتى تحل المشاكل؟ فهناك تيارات سياسية مهمة لا توافق تماما علي هذا المبدأ وتعتقد أن هذه الفكرة هي في جوهرها مستوردة من الخارج‏,‏ وأنها في حقيقتها قد تكون‏ في أحسن الأحوال‏ قولة حق يراد بها باطل .‏ والغرض منها ليس هو الحرص علي نقاء الدين وعدم استغلاله لاعتبارات سياسية ,‏ وإنما استبعاد تيار شعبي من ممارسة حقوقه السياسية أو حتى الرغبة في القضاء علي الهوية الإسلامية للمجتمع العربي.‏ ولذلك فإن التيارات السياسية الإسلامية (المعتدلة) لا تريد أن يكون الحكم في شكل دولة ثيوقراطية تحكم باسم الدين,‏ وإنما فقط أن تستوحي المباديء الإسلامية كمراجعة عامة لا أكثر ولا أقل‏.‏ (الأهرام) الكاتب "سلامة أحمد سلامة‏" أدلى بدلوه في هذا الاتجاه‏ أيضا ,‏ حيث تحدث عن ضرورة علاج الظاهرة المرضية المزمنة التي أعاقت الحياة السياسية المصرية‏ ,‏ وذلك عن طريق استيعاب أو دمج حركة الإسلام السياسي في الحياة السياسية‏ ,‏ كحزب مدني غير ديني‏..‏ كما انتقد إهمال هذه المسألة في الداخل,‏ حتى ترك لأطراف خارجية حرية الابتكار والمبادرة فيها,‏ همسا أحيانا وبصوت عال أخيرا‏.‏ (‏الأهرام)‏ أما الكاتب "فهمي هويدي" فقد أوضح رأيه في مقال بعنوان (التدرج هو الحل) قال فيه أننا تجاوزنا مرحلة كان السؤال فيها هل يستوعب التيار الإسلامي أم لا‏,‏ إلى مرحلة جديدة طرحت أسئلة مغايرة في اتجاه آخر من قبيل كيف ومن ومتى‏ ,‏ ذلك أن تجربة نصف قرن دلت علي أن ثمة حقيقة يتعذر تجاهلها‏ ,‏ وهي أن ذلك التيار موجود علي خريطة الواقع‏ ,‏ وأن التعامل معه في إطار الشرعية أقل كلفة بكثير من المغامرة بإبقائه خارج الشرعية ,‏ وهو ما أكدته خبرة العقود الثلاثة الأخيرة‏ .‏ في معرض شرحه لوجهة نظره ، استشهد هويدي ببحث قانوني مفصل لهذا الموضوع أعده المستشار "طارق البشري" في عام‏91,‏ حين كان نائبا لرئيس مجلس الدولة ورئيسا لهيئة المفوضين ، خلص فيه إلي أنه لا يقوم من أحكام قانون الأحزاب حظر لقيام حزب علي أساس إسلامية الدولة ونظمها‏ .‏ حيث لا منافاة ولا تعارض بين الإسلامية والشريعة الإسلامية من جانب‏ ,‏ وبين الوحدة الوطنية من جانب آخر‏ . غير أن هويدي اعترف بان للمسألة شقا سياسيا وليس قانونيا فقط ، حيث تمثل حسابات الملائمة السياسية الكفة الأرجح في التعامل مع ذلك الملف الدقيق ، فثمة هواجس لم تتبدد بعد فيما يخص فكرة الاستيعاب‏ , ولذلك دعا "هويدي" إلى بديل ثالث يتجنب المخاطرة ويفتح الباب للاستيعاب المنشود ,‏ وهي فكرة (التدرج‏) ,‏ التي هي وسط بين الاستيعاب الكامل ,‏ وبين التغييب والإقصاء‏ ,‏ وبمقتضي ذلك التدرج تفتح الأبواب أمام عناصر التيار الإسلامي خلال فترة زمنية محددة‏ ,‏ للمشاركة في مجالات العمل المدني والنقابي وفي انتخابات البلديات‏ ,‏ وبعد انقضاء تلك الفترة ,‏ التي تتحدد بالاتفاق مع ممثلي ذلك التيار‏ ,‏ يمكنون من المشاركة في الانتخابات التشريعية‏ ,‏ وهو ما يحقق إدماج عناصر ذلك التيار في العمل العام علي نحو مرحلي ومتدرج ,‏ فضلا عن أنه يوفر الفرصة لاختبار النيات وتبديد الهواجس ,‏ بالإضافة إلي تراكم الخبرات‏ .‏ (الأهرام) لكن الكاتب الإماراتي "عبد الحميد الأنصاري" كان له رأي مخالف يفيد بأن التحالف الإسلامي الليبرالي هو الحل ، قاصدا بذلك ً إزالة أسباب الجفوة بينهما ، وانطلاقاً من أن الإسلاميين قبلوا على امتداد السنوات الأخيرة الحوار مع القوميين عبر مؤتمرات مشتركة ، مع أنهم أعداء الأمس وتعاونوا معهم على أجندة مشتركة . وعضد الكاتب موقفه هذا بان في الساحة العربية والإسلامية توجهات وتيارات إسلامية . هي ما يسمى ب (تيارات أو حركات ما بعد الإخوان) وهي تنطلق من مرجعية الإسلام ، ولا ترفض المرجعيات الأخرى ولا يرون تناقضاً بين إسلاميتهم وكونهم ليبراليين . حدد الكاتب ثلاث قضايا يثار حولها الجدل دائماً يمكن برأيه الاتفاق حولها : وهي قضية المرجعية ، وقضية ضوابط الديمقراطية ، وقضية التخوف من (وأد) الديمقراطية ، التي يشترط لها ضمانات محددة كالتزام الجميع بالدستور المتفق عليه من قبل الزعماء والقيادات والكوادر الحزبية والجماعات عامة . وإبرام عقد اجتماعي يحمي الديمقراطية من الانقضاض عليها . يسمح فيه لكل من المحكمة الدستورية العليا والقوات المسلحة في حماية الدستور والعقد الاجتماعي المقترح . (البيان الإماراتية) وفي هذا الإطار رصد الكاتب "محمد السيد سعيد" في احد مقالاته ظاهرة جديدة ومثيرة في السياسة العربية ، وهو ذلك التفاهم المتنامي بين التيارات الإسلامية المعتدلة ، وخاصة حركة الإخوان المسلمين من ناحية والتيارات التي تدافع عن مفهوم الدولة المدنية من ناحية أخرى . وأكد الكاتب في مقال بعنوان (تفاهم مدني أصولي) أن هذا الائتلاف لا يبدو نوعا من الانتهازية السياسية ، لأنه يتم على أرضية الديمقراطية ، على الأقل بالمعنى المبسط للكلمة مثل دولة القانون والتعددية والحق في إنشاء الأحزاب والجمعيات والحق في التعبير وحرية الصحافة . من هذا المنظور يمكننا القول أن ما نتمناه قد يصبح حقيقة وهى أن يستوعب الإسلاميون وتستوعب ثقافتنا القومية موضوع الديمقراطية والحريات وأن يفهم الديمقراطيون ويتشربون الثقافة الإسلامية ويعترفون بالحق في التمتع بأسلوب حياة وتجربة ثقافية أصيلة حتى لو لم يوافقوا عليها لقد بدأ الغربيون أنفسهم يفهمون هذه الحاجة وبات من الضروري أن يتفهمها أيضا المثقفون والمناضلون من أجل الديمقراطية دون إجحاف بقضية الحرية . وخاطب الكاتب المثقف العربي قائلا : " إذا كنت تريد أن تتحالف مع الإسلاميين من أجل الديمقراطية فسوف ينفتح مجال لتحويلهم إلى قوة ديمقراطية ، وتحويلك أنت إلى مثقف يبحث عن ثقافة أصيلة ، أما إذا كنت تراهم كقوة غير ديمقراطية فسوف يكونون كذلك . فقط في الحالة الأولى سوف تناضل من أجل الديمقراطية بدون فزع من الإسلاميين . وفى الحالة الثانية سيدفعك الفزع للتحالف مع أي حكومات ، مهما كانت شمولية وتسلطية ، وهو ما يثبت التسلط والعنف السياسي والحرمان من الحقوق الأساسية . كل من هذين المنظورين حقيقة ولكنهما يعكسان حقيقة الموقف الذي يتخذه المثقف حيال ممارسته لصنع التطور المستقبلي للواقع (البيان الإماراتية) في مقابل ذلك ، اتخذ بعض الكتاب موقفا حادا من الليبراليين العرب
الجدد ، ووصفوهم بأنهم شرذمة محدودة من الأطراف الهامشية اختطفت الشعار الليبرالي ، وذلك من خلال الاستعانة بهيمنة إعلامية لا تعكس شعبية حقيقية . هذه الأطراف تتميز بمعاداتها للمصالح الوطنية والقومية العربية أكثر من تميزها بأي مشروع ليبرالي . الكاتب التونسي "الطاهر الأسود" أكد هذا الرأي في مقال بعنوان : من أجل تيار ليبرالي وطني (القدس العربي) ذكر فيه أن الليبراليين العرب الجدد يقدمون رؤيتهم في صورة معادية للمصالح الوطنية العليا ومفهوم الأمن القومي العربي . ويرجع ذلك بالأساس لتبنيهم مطالب مرتبطة بمصالح أطراف خارجية تقدم مفهوم الأمن القومي العربي أو حتى مفهوم المصلحة الوطنية كمفاهيم متخلفة عن الواقع الراهن وغير عقلانية ، أو أطراف هي أيضا مرتبطة أيضا بمصالح نفس الأطراف الخارجية ، ولكن تستعمل قاموسا يساريا يرجع لمرحلة الصراع البدائي بين القوي اليسارية والقومية العربية حيث يقع تقديم تلك المفاهيم كمفاهيم شوفينية وفاشستية . وبرأي الكاتب فهذه المواقف لا تعبر عن موقف سياسي غير وطني فحسب ، بل والأهم من ذلك لا تعبر عن برنامج ليبرالي عقلاني وواقعي قابل للتحقيق عربيا . ومدافعا عن مفهومه الصحيح لليبرالية أوضح الكاتب أن النموذج الغربي للتجربة الليبرالية بالذات يشير إلي محورية المسألة الوطنية والقومية في المشروع الليبرالي ، فالدولة الوطنية هي شرط رئيسي لتحقيق الليبرالية السياسية والنخب الليبرالية الاقتصادية المحلية شرط محوري لتدعيم اقتصاد السوق عربيا . وهكذا فإن الليبرالية يمكن ويجب أن تكون وطنية عربيا ، ولا يمنعها عن ذلك لا وطنية من يعتقد نفسه ليبراليا . وطالب النخب الوطنية العربية بعدم الخلط بين مواجهة السياسة الأمريكية ومواجهة شعاراتها عن الحرية والديمقراطية فلا يعني الدفاع عن القضايا الوطنية استعداء المنظومة الليبرالية ، كما لا يعني تبني السياسة الأمريكية للدفع باتجاه إصلاحات ليبرالية أن الإصلاحات الليبرالية معادية لمصالح الأمة؟ . [email protected]

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.