عباس شراقي: فيضانات السودان غير المعتادة بسبب تعطل توربينات سد النهضة    البداية الرقمية للنقل الذكي في مصر.. تراخيص إنترنت الأشياء للمركبات تدخل حيز التنفيذ    وزير الإسكان: بدء تصنيف حالات الإيجار القديم وفق شرائح الدخل    لماذا كل هذه العداء السيساوي لغزة.. الأمن يحاصر مقر أسطول الصمود المصري واعتقال 3 نشطاء    مقتل شخص وإصابة 15 في هجوم روسي على مدينة دنيبرو الأوكرانية    تشكيل منتخب مصر أمام نيوزيلندا في كأس العالم للشباب    سلوت عن جلوس صلاح على مقاعد البدلاء أمام جالاتا سراي: رفاهية الخيارات المتعددة    خطة إطاحة تتبلور.. مانشستر يونايتد يدرس رحيل أموريم وعودة كاريك مؤقتا    مصرع 7 عناصر إجرامية وضبط كميات ضخمة من المخدرات والأسلحة في مداهمة بؤرة خطرة بالبحيرة    الأرصاد: الخريف بدأ بطقس متقلب.. واستعدادات لموسم السيول والأمطار    مفتي الجمهورية يبحث مع وفد منظمة شنغهاي آليات التعاون ضد التطرف والإسلاموفوبيا    مواقيت الصلاة فى أسيوط غدا الأربعاء 1102025    ماجد الكدوانى ومحمد على رزق أول حضور العرض الخاص لفيلم "وفيها ايه يعنى".. صور    أمين الفتوى: احترام كبار السن أصل من أصول العقيدة وواجب شرعي    ولي العهد يتسلم أوراق اعتماد سفراء عدد من الدول الشقيقة والصديقة المعينين لدى المملكة    محافظ القاهرة يناقش ملف تطوير القاهرة التراثية مع مستشار رئيس الجمهورية    من القلب للقلب.. برج القاهرة يتزين ب لوجو واسم مستشفى الناس احتفالًا ب«يوم القلب العالمي»    بعد رصد 4 حالات فى مدرسة دولية.. تعرف علي أسباب نقل عدوى HFMD وطرق الوقاية منها    جارناتشو يقود هجوم تشيلسى ضد بنفيكا فى ليلة مئوية البلوز    البورصة المصرية.. أسهم التعليم والخدمات تحقق أعلى المكاسب بينما العقارات تواجه تراجعات ملحوظة    هل يجوز للمرأة اتباع الجنازة حتى المقابر؟ أمين الفتوى يجيب.. فيديو    "أنا حاربت إسرائيل".. الموسم الثالث على شاشة "الوثائقية"    أحمد موسى: حماس أمام قرار وطنى حاسم بشأن خطة ترامب    محافظ قنا يسلم عقود تعيين 733 معلمًا مساعدًا ضمن مسابقة 30 ألف معلم    داعية: تربية البنات طريق إلى الجنة ووقاية من النار(فيديو)    نقيب المحامين يتلقى دعوة للمشاركة بالجلسة العامة لمجلس النواب لمناقشة مشروع قانون "الإجراءات الجنائية"    بلاغ ضد فنانة شهيرة لجمعها تبرعات للراحل إبراهيم شيكا خارج الإطار القانوني    "الرعاية الصحية" تطلق 6 جلسات علمية لمناقشة مستقبل الرعاية القلبية والتحول الرقمي    البنك الزراعي المصري يحتفل بالحصول على شهادة الأيزو ISO-9001    محمود فؤاد صدقي يترك إدارة مسرح نهاد صليحة ويتجه للفن بسبب ظرف صحي    مصر تستضيف معسكر الاتحاد الدولي لكرة السلة للشباب بالتعاون مع الNBA    بدر محمد: تجربة فيلم "ضي" علمتنى أن النجاح يحتاج إلى وقت وجهد    «العمل» تجري اختبارات جديدة للمرشحين لوظائف بالأردن بمصنع طوب    بعد 5 أيام من الواقعة.. انتشال جثمان جديد من أسفل أنقاض مصنع المحلة    المبعوث الصينى بالأمم المتحدة يدعو لتسريع الجهود الرامية لحل القضية الفلسطينية    اليوم.. البابا تواضروس يبدأ زيارته الرعوية لمحافظة أسيوط    حسام هيبة: مصر تفتح ذراعيها للمستثمرين من جميع أنحاء العالم    موعد إجازة 6 أكتوبر 2025 رسميًا.. قرار من مجلس الوزراء    الأمم المتحدة: لم نشارك في وضع خطة ترامب بشأن غزة    انتشال جثمان ضحية جديدة من أسفل أنقاض مصنع البشبيشي بالمحلة    وفاة غامضة لسفير جنوب أفريقيا في فرنسا.. هل انتحر أم اغتاله الموساد؟    برج القاهرة يتزين ب لوجو واسم مستشفى الناس احتفالًا ب«يوم القلب العالمي»    لطلاب الإعدادية والثانوية.. «التعليم» تعلن شروط وطريقة التقديم في مبادرة «أشبال مصر الرقمية» المجانية في البرمجة والذكاء الاصطناعي    تعليم مطروح تتفقد عدة مدارس لمتابعة انتظام الدراسة    التقديم مستمر حتى 27 أكتوبر.. وظائف قيادية شاغرة بمكتبة مصر العامة    كونتي: لن أقبل بشكوى ثانية من دي بروين    «مش عايش ومعندهوش تدخلات».. مدرب الزمالك السابق يفتح النار على فيريرا    «الداخلية»: تحرير 979 مخالفة لعدم ارتداء الخوذة ورفع 34 سيارة متروكة بالشوارع    احذر من توقيع العقود.. توقعات برج الثور في شهر أكتوبر 2025    عرض «حصاد» و «صائد الدبابات» بمركز الثقافة السينمائية في ذكرى نصر أكتوبر    بيدري يعلق على مدح سكولز له.. ومركزه بالكرة الذهبية    الملتقى الفقهي بالجامع الأزهر يحدد ضوابط التعامل مع وسائل التواصل ويحذر من انتحال الشخصية ومخاطر "الترند"    قافلة طبية وتنموية شاملة من جامعة قناة السويس إلى حي الجناين تحت مظلة "حياة كريمة"    انكماش نشاط قناة السويس بنحو 52% خلال العام المالي 2024-2025 متأثرا بالتوترات الجيوسياسيّة في المنطقة    ضبط 5 ملايين جنيه في قضايا اتجار بالنقد الأجنبي خلال 24 ساعة    التحقيق مع شخصين حاولا غسل 200 مليون جنيه حصيلة قرصنة القنوات الفضائية    السيسي يجدد التأكيد على ثوابت الموقف المصري تجاه الحرب في غزة    الأهلي يصرف مكافآت الفوز على الزمالك في القمة للاعبين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شرعية الإسلام السياسي!
نشر في المصريون يوم 07 - 06 - 2006

كتبت منذ عدة شهور تقريرا يتضمن خلاصة أهم مقالات الكتاب الذين تناولوا الشأن السياسي الجاري بمنظور تحليلي وموضوعي في الصحافة العربية. وكان هذا التقرير نموذجا لفكرة مقترحة (بصدد التنفيذ) تقدمت بها لأحد المواقع العربية على الانترنت باسم "زبدة الأفكار" يستهدف عرض الأفكار والطروحات الرئيسية التي تضمنتها المقالات، بطريقة مختصرة ومبسطة ومباشرة، مما يساعد القارئ على الإلمام بكم كبير من الرؤى المختلفة ووجهات نظر متباينة في شتى القضايا والموضوعات المطروحة على مختلف الأصعدة.. محليا وعربيا ودوليا. وقد رأيت أنه من المفيد أن أعرض على قارئ هذه الزاوية مقتطفات من التقرير المشار إليه، وخاصة الجزء المتعلق بشرعية الإسلام السياسي، فقد لاحظ مراقبون وكتاب تطوراً ملحوظاً ، يكاد يكون انقلابيا في موقف تيارات الإسلام السياسي من الديموقراطية ومن الأسس الليبرالية التي تقوم عليها . حتى أن فصائل متزايدة العدد منه باتت تطالب بالدولة المدنية ، وتعترف بحقوق الإنسان والمواطن ، في حين تعيد قراءة فكرها السياسي بهدف تجديده، عبر التوفيق بينه وبين العصر . هذا التحول المهم شرع الكتاب والمفكرون في تحليله وتوضيح أثره في المشهد السياسي العربي . مؤكدين على حتمية الاتجاه نحو التمثيل السياسي الشرعي للقوى الإسلامية في البلاد العربية . الكاتب السوري "ميشيل كيلو" من أولئك الذين استوقفهم هذا التحول، وفسره بما انتهى إليه فشل المدارس القومية والاشتراكية، وردّ الاعتبار للمدرستين الدينية والليبرالية ، اللتين تتقدمان اليوم بخطى حثيثة، رغم ما يعترضهما من عقبات ويواجههما من ممانعة وقمع. لكن المفارق الصارخة التي يلحظها "كيلو" انه في حين تتصرف المدرسة الليبرالية بشيء من التعصب والانغلاق والإقصاء تجاه منافستها : المدرسة الدينية ، تمارس الأخيرة نهجاً ليبرالياً حيال التكوينات والأفكار والتنظيمات السياسية ، وتتعامل بعقل منفتح مع القضايا المختلفة ، بتبنيها الديموقراطية كخيار سياسي واجتماعي وتربوي رابح ، ورفض العنف والقمع والوسائل غير السلمية في الصراع السياسي والاجتماعي، وإبداء الاستعداد للتعامل والتعاون مع الجميع ، على أسس عامة تنشد التوافق وترتكز عليه كمبدأ وكطريقة . وأضاف "كيلو" أن من يتابع التطور الحاصل في سوريا ومصر والأردن وبلدان عربية أخرى ، سيلاحظ انتصار نهج التسامح والتوافق في الصف السياسي الإسلامي ، الذي يبتعد به عن تيار التشدّد والعنف الأصولي ، فكأن هذا الإسلام الديموقراطي يعد نفسه لوراثة الحقبة الراهنة ، الآفلة ، ويريد أن يكون جزءاً من عصر كوني سائد ، لا يتعارض وصوله إلى السلطة مع مسلماته وأطره ، ولا يتناقض مع أهدافه ومقاصده. والمحصلة التي يرصدها الكاتب في النهاية أن الفريق الديمقراطي من الإسلام السياسي يتقدم نحو العصر بشروطه، بينما يخرج منه نظام وعد بالحديث والجديد، ويتقادم خطابه، وتتهتك وسائله ويتجاوز الواقع أيديولوجياته وطرق عمله ومصالحه وموقعه من العالم ، وهذه برأيه علامة زمن يأتي وزمن يمضي، زمن بلغ الآتي فيه طور النضج، ودخل الماضي فيه مرحلة الشيخوخة، فلا شيء يحول دون ولادة القادم وموت المنصرم، رغم صعوبات الولادة وآلام الموت!. (المستقبل اللبنانية) وفي تفسيره لتلك الظاهرة اعتبر الكاتب "عز الدين عناية" أن ما تشهده البلاد العربية اليوم هو بحق انتعاشة رموز دينية تخطت الحركات الإسلامية ، وكأن تلك الانتعاشة وليدة الاستشعار للمسؤولية الحضارية، التي تجاوزت أحيانا ضيق طروحات بعض الحركات والأحزاب التي تحنطت داخل شعارات لا واقعية ، وساهمت في تصفية عديد الأوهام لديها. كما دفعت باستثمارات الديني ضمن مسارات مستجدة ، أعلته إلي صدارة العنوان الحضاري استجابة منه لهذا الطرح، ودعا الكاتب في مقال بعنوان : (الديني والحراك الاجتماعي في البلدان العربية) إلى ضرورة الحل الديمقراطي للمسألة الدينية السياسية، وخاصة بعد أن أبدت بعض التيارات الدينية نضجا ورصانة لتجاوز نزق الشباب والاندفاعات الهائجة التي لا تلجمها بصيرة . وأكد أن التيار الديني بدأ في تصفية بلاهته السياسية التي لازمته طيلة عقود طويلة. من خلال رفضه للديمقراطية ، واستفاق أن الشريعة التي يطالب بتطبيقها ليس لها من تحقق إلا عبر إرادة الشعب، ولا يمكن أن تسقط من فوق، وهذا التجاوز الذي حققته التيارات الإسلامية، والذي ما زالت بعض ذيوله تجذب للخلف، كان التطور الحقيقي داخل الإسلام السياسي علي مدي مسيرة مليئة بالتطرف والعسف والقهر والاحتقان. وحذر الكاتب الحكومات العربية التي تعمل على احتكار الديني أو محاصرته من عدم الاستجابة لهذا الطرح ، موضحا أن هذا الفعل يعد تعطيلا لأكثر دوافع الحراك المجتمعي، وقد أثر ذلك التعطيل علي كافة قطاعات المجتمع الأخرى مانعا إياها من المضي قدما. كما أفرز أزمات ، ما كانت لتوجد أصلا لو انساقت الوقائع ضمن مناخ ديمقراطي قانوني يجله الجميع. (القدس العربي) ولكن ، هل يمكن أن يتم الإصلاح كاملا وسليما من دون مصالحة عامة بين أبناء الأمة ؟ .. وهل يمكن أن يتحقق إصلاح فعال وناجح في حين أن فريقا من الأمة كبيرا أو صغير يشعر بأنه مستبعد من المشاركة في العملية السياسية ؟.. هذه القضية طرحها الدكتور "حازم الببلاوي" في مقال بالأهرام بعنوان : (الإصلاح والمصالحة) أكد فيه على ضرورة إعادة النظر في العلاقة بين الدولة وبين الاتجاهات السياسية الإسلامية‏ .‏ مؤكدا أن الوقت قد حان‏ لفتح حوار جاد وصادق مع التيارات الإسلامية لإدماجها في الحياة السياسية‏,‏ وبما لا يتعارض مع احترام قواعد الديمقراطية في تداول السلطة واحترام الحقوق والحريات الفردية. ومتعللا بان صعوبة الحالة وتأزم الموقف يتطلب مزيدا من الخيال والجرأة والمصارحة‏,‏ وليس التهرب من المواجهة وتجاهل الواقع باعتباره غير موجود,‏ أو غير شرعي، وكأن ذلك التجاهل كاف لإلغاء الظاهرة‏ . ونبه "الببلاوي" على انه لا يكفي إعلان مبدأ عدم خلط السياسة بالدين حتى تحل المشاكل؟ فهناك تيارات سياسية مهمة لا توافق تماما علي هذا المبدأ وتعتقد أن هذه الفكرة هي في جوهرها مستوردة من الخارج‏,‏ وأنها في حقيقتها قد تكون‏ في أحسن الأحوال‏ قولة حق يراد بها باطل .‏ والغرض منها ليس هو الحرص علي نقاء الدين وعدم استغلاله لاعتبارات سياسية ,‏ وإنما استبعاد تيار شعبي من ممارسة حقوقه السياسية أو حتى الرغبة في القضاء علي الهوية الإسلامية للمجتمع العربي.‏ ولذلك فإن التيارات السياسية الإسلامية (المعتدلة) لا تريد أن يكون الحكم في شكل دولة ثيوقراطية تحكم باسم الدين,‏ وإنما فقط أن تستوحي المباديء الإسلامية كمراجعة عامة لا أكثر ولا أقل‏.‏ (الأهرام) الكاتب "سلامة أحمد سلامة‏" أدلى بدلوه في هذا الاتجاه‏ أيضا ,‏ حيث تحدث عن ضرورة علاج الظاهرة المرضية المزمنة التي أعاقت الحياة السياسية المصرية‏ ,‏ وذلك عن طريق استيعاب أو دمج حركة الإسلام السياسي في الحياة السياسية‏ ,‏ كحزب مدني غير ديني‏..‏ كما انتقد إهمال هذه المسألة في الداخل,‏ حتى ترك لأطراف خارجية حرية الابتكار والمبادرة فيها,‏ همسا أحيانا وبصوت عال أخيرا‏.‏ (‏الأهرام)‏ أما الكاتب "فهمي هويدي" فقد أوضح رأيه في مقال بعنوان (التدرج هو الحل) قال فيه أننا تجاوزنا مرحلة كان السؤال فيها هل يستوعب التيار الإسلامي أم لا‏,‏ إلى مرحلة جديدة طرحت أسئلة مغايرة في اتجاه آخر من قبيل كيف ومن ومتى‏ ,‏ ذلك أن تجربة نصف قرن دلت علي أن ثمة حقيقة يتعذر تجاهلها‏ ,‏ وهي أن ذلك التيار موجود علي خريطة الواقع‏ ,‏ وأن التعامل معه في إطار الشرعية أقل كلفة بكثير من المغامرة بإبقائه خارج الشرعية ,‏ وهو ما أكدته خبرة العقود الثلاثة الأخيرة‏ .‏ في معرض شرحه لوجهة نظره ، استشهد هويدي ببحث قانوني مفصل لهذا الموضوع أعده المستشار "طارق البشري" في عام‏91,‏ حين كان نائبا لرئيس مجلس الدولة ورئيسا لهيئة المفوضين ، خلص فيه إلي أنه لا يقوم من أحكام قانون الأحزاب حظر لقيام حزب علي أساس إسلامية الدولة ونظمها‏ .‏ حيث لا منافاة ولا تعارض بين الإسلامية والشريعة الإسلامية من جانب‏ ,‏ وبين الوحدة الوطنية من جانب آخر‏ . غير أن هويدي اعترف بان للمسألة شقا سياسيا وليس قانونيا فقط ، حيث تمثل حسابات الملائمة السياسية الكفة الأرجح في التعامل مع ذلك الملف الدقيق ، فثمة هواجس لم تتبدد بعد فيما يخص فكرة الاستيعاب‏ , ولذلك دعا "هويدي" إلى بديل ثالث يتجنب المخاطرة ويفتح الباب للاستيعاب المنشود ,‏ وهي فكرة (التدرج‏) ,‏ التي هي وسط بين الاستيعاب الكامل ,‏ وبين التغييب والإقصاء‏ ,‏ وبمقتضي ذلك التدرج تفتح الأبواب أمام عناصر التيار الإسلامي خلال فترة زمنية محددة‏ ,‏ للمشاركة في مجالات العمل المدني والنقابي وفي انتخابات البلديات‏ ,‏ وبعد انقضاء تلك الفترة ,‏ التي تتحدد بالاتفاق مع ممثلي ذلك التيار‏ ,‏ يمكنون من المشاركة في الانتخابات التشريعية‏ ,‏ وهو ما يحقق إدماج عناصر ذلك التيار في العمل العام علي نحو مرحلي ومتدرج ,‏ فضلا عن أنه يوفر الفرصة لاختبار النيات وتبديد الهواجس ,‏ بالإضافة إلي تراكم الخبرات‏ .‏ (الأهرام) لكن الكاتب الإماراتي "عبد الحميد الأنصاري" كان له رأي مخالف يفيد بأن التحالف الإسلامي الليبرالي هو الحل ، قاصدا بذلك ً إزالة أسباب الجفوة بينهما ، وانطلاقاً من أن الإسلاميين قبلوا على امتداد السنوات الأخيرة الحوار مع القوميين عبر مؤتمرات مشتركة ، مع أنهم أعداء الأمس وتعاونوا معهم على أجندة مشتركة . وعضد الكاتب موقفه هذا بان في الساحة العربية والإسلامية توجهات وتيارات إسلامية . هي ما يسمى ب (تيارات أو حركات ما بعد الإخوان) وهي تنطلق من مرجعية الإسلام ، ولا ترفض المرجعيات الأخرى ولا يرون تناقضاً بين إسلاميتهم وكونهم ليبراليين . حدد الكاتب ثلاث قضايا يثار حولها الجدل دائماً يمكن برأيه الاتفاق حولها : وهي قضية المرجعية ، وقضية ضوابط الديمقراطية ، وقضية التخوف من (وأد) الديمقراطية ، التي يشترط لها ضمانات محددة كالتزام الجميع بالدستور المتفق عليه من قبل الزعماء والقيادات والكوادر الحزبية والجماعات عامة . وإبرام عقد اجتماعي يحمي الديمقراطية من الانقضاض عليها . يسمح فيه لكل من المحكمة الدستورية العليا والقوات المسلحة في حماية الدستور والعقد الاجتماعي المقترح . (البيان الإماراتية) وفي هذا الإطار رصد الكاتب "محمد السيد سعيد" في احد مقالاته ظاهرة جديدة ومثيرة في السياسة العربية ، وهو ذلك التفاهم المتنامي بين التيارات الإسلامية المعتدلة ، وخاصة حركة الإخوان المسلمين من ناحية والتيارات التي تدافع عن مفهوم الدولة المدنية من ناحية أخرى . وأكد الكاتب في مقال بعنوان (تفاهم مدني أصولي) أن هذا الائتلاف لا يبدو نوعا من الانتهازية السياسية ، لأنه يتم على أرضية الديمقراطية ، على الأقل بالمعنى المبسط للكلمة مثل دولة القانون والتعددية والحق في إنشاء الأحزاب والجمعيات والحق في التعبير وحرية الصحافة . من هذا المنظور يمكننا القول أن ما نتمناه قد يصبح حقيقة وهى أن يستوعب الإسلاميون وتستوعب ثقافتنا القومية موضوع الديمقراطية والحريات وأن يفهم الديمقراطيون ويتشربون الثقافة الإسلامية ويعترفون بالحق في التمتع بأسلوب حياة وتجربة ثقافية أصيلة حتى لو لم يوافقوا عليها لقد بدأ الغربيون أنفسهم يفهمون هذه الحاجة وبات من الضروري أن يتفهمها أيضا المثقفون والمناضلون من أجل الديمقراطية دون إجحاف بقضية الحرية . وخاطب الكاتب المثقف العربي قائلا : " إذا كنت تريد أن تتحالف مع الإسلاميين من أجل الديمقراطية فسوف ينفتح مجال لتحويلهم إلى قوة ديمقراطية ، وتحويلك أنت إلى مثقف يبحث عن ثقافة أصيلة ، أما إذا كنت تراهم كقوة غير ديمقراطية فسوف يكونون كذلك . فقط في الحالة الأولى سوف تناضل من أجل الديمقراطية بدون فزع من الإسلاميين . وفى الحالة الثانية سيدفعك الفزع للتحالف مع أي حكومات ، مهما كانت شمولية وتسلطية ، وهو ما يثبت التسلط والعنف السياسي والحرمان من الحقوق الأساسية . كل من هذين المنظورين حقيقة ولكنهما يعكسان حقيقة الموقف الذي يتخذه المثقف حيال ممارسته لصنع التطور المستقبلي للواقع (البيان الإماراتية) في مقابل ذلك ، اتخذ بعض الكتاب موقفا حادا من الليبراليين العرب
الجدد ، ووصفوهم بأنهم شرذمة محدودة من الأطراف الهامشية اختطفت الشعار الليبرالي ، وذلك من خلال الاستعانة بهيمنة إعلامية لا تعكس شعبية حقيقية . هذه الأطراف تتميز بمعاداتها للمصالح الوطنية والقومية العربية أكثر من تميزها بأي مشروع ليبرالي . الكاتب التونسي "الطاهر الأسود" أكد هذا الرأي في مقال بعنوان : من أجل تيار ليبرالي وطني (القدس العربي) ذكر فيه أن الليبراليين العرب الجدد يقدمون رؤيتهم في صورة معادية للمصالح الوطنية العليا ومفهوم الأمن القومي العربي . ويرجع ذلك بالأساس لتبنيهم مطالب مرتبطة بمصالح أطراف خارجية تقدم مفهوم الأمن القومي العربي أو حتى مفهوم المصلحة الوطنية كمفاهيم متخلفة عن الواقع الراهن وغير عقلانية ، أو أطراف هي أيضا مرتبطة أيضا بمصالح نفس الأطراف الخارجية ، ولكن تستعمل قاموسا يساريا يرجع لمرحلة الصراع البدائي بين القوي اليسارية والقومية العربية حيث يقع تقديم تلك المفاهيم كمفاهيم شوفينية وفاشستية . وبرأي الكاتب فهذه المواقف لا تعبر عن موقف سياسي غير وطني فحسب ، بل والأهم من ذلك لا تعبر عن برنامج ليبرالي عقلاني وواقعي قابل للتحقيق عربيا . ومدافعا عن مفهومه الصحيح لليبرالية أوضح الكاتب أن النموذج الغربي للتجربة الليبرالية بالذات يشير إلي محورية المسألة الوطنية والقومية في المشروع الليبرالي ، فالدولة الوطنية هي شرط رئيسي لتحقيق الليبرالية السياسية والنخب الليبرالية الاقتصادية المحلية شرط محوري لتدعيم اقتصاد السوق عربيا . وهكذا فإن الليبرالية يمكن ويجب أن تكون وطنية عربيا ، ولا يمنعها عن ذلك لا وطنية من يعتقد نفسه ليبراليا . وطالب النخب الوطنية العربية بعدم الخلط بين مواجهة السياسة الأمريكية ومواجهة شعاراتها عن الحرية والديمقراطية فلا يعني الدفاع عن القضايا الوطنية استعداء المنظومة الليبرالية ، كما لا يعني تبني السياسة الأمريكية للدفع باتجاه إصلاحات ليبرالية أن الإصلاحات الليبرالية معادية لمصالح الأمة؟ . [email protected]

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.