احتفل المصريون منذ أيام بالعيد الأربعين لنصر أكتوبر المجيد, والحق أنه لم يكن ذكري لنصر عسكري تمكنا فيه من تحرير تراب الوطن فقط, وهو بلا شك غال, ولكن كان الأهم أنه يوم تمكنا فيه من أن نستعيد الكرامة والعزة والثقة بالنفس للمصريين وثقتهم بقواتهم المسلحة, ذكري عزيزة وغالية بلا شك, ولكن في هذا العام لم يكن الاحتفال به كأي عام آخر, فقد أعلن الإخوان المسلمون منذ فترة رؤية أخري! صرحوا جهارا نهارا وبكل الوسائل المشروعة وغير المشروعة عن نيتهم لأن تكون تلك المناسبة الوطنية السعيدة فرصة لإفساد احتفال الشعب بنصره وبجيشه, فهذا الشعب الذي خرج عليهم في30 يونية وخلعهم من رقبة مصر ووقفت قواته المسلحة إلي جواره واستجابت لمطالبه الشعبية والشرعية. لقد أصر الإخوان علي تذكير الشعب بما فعلوه من تصرفات مثلت إهانة كبيرة للجميع في الاحتفال بتلك المناسبة العام الماضي, وقت أن كان مرسي رئيسا يحكم مصر مندوبا عن مكتب الإرشاد بالمقطم, فقد احتفلوا به في استاد القاهرة دعوا إليها أبطال ورموز الجماعات الإسلامية التي تآمرت لقتل السادات بطل النصر والسلام وأيضا الجماعات التكفيرية والجهادية وممثلين عن تنظيم القاعدة بمصر, وحشدوا في المنصة الرئيسية بالإستاد للاحتفال أعضاء وكوادر الإخوان المسلمين. فلم يكن في حقيقة الأمر احتفالا وطنيا ب6 أكتوبر1973, ولكنه للأسف كان احتفالا إخوانيا ب6 أكتوبر عام1981 الذي أغتيل فيه السادات! أو احتفال إخواني بنصرهم علي القوات المسلحة وإزاحة المجلس العسكري من طريقهم ليتمكنوا من سرقة حكم مصر, ألقي فيه محمد مرسي خطابه الشهير الذي عدد فيه إنجازاته العظيمة والكبيرة في مجالات المرور والوقود والأمن والنظافة وتوفير الخبز فضلا عن القروض البعيدة عن الربا وازدهار السياحة(!!) وهي جميعها بالمناسبة لم يحدث منها شيئا. ولم يذكر فيه إسم السادات علي الإطلاق! أو يدعي إليها أحد من أبطال الحرب ورموز القوات المسلحة وقادته. لذلك فقد كان الاحتفال بالعيد هذا العام بمثابة احتفال المصريين برد الإعتبار للقوات المسلحة صاحبة النصر وقائد الحرب والسلام, وتأكيد علي وقوف الشعب خلف قواته المسلحة ودعمها في قراراتها التي أقدمت عليها استجابة لرغباته, وخاصة وبعد أن بدا أن التأييد والدعم الأمريكي للإخوان آخذ في الإنحسار, فاختزلوا معركتهم مع الجيش والسيسي بالذات, بدعوي أنه لولا انقلاب السيسي عليهم ما كانوا قد تركوا حكم مصر, ويتناسون أن السيسي لم يكن يقدر علي القيام بما قام به إلا إذا كان متأكدا من دعم الجيش وقادته المطلق له وأن تلك هي إرادتهم, وأن هذا هو مطلب الشعب والذي عبر عنه جليا بنزول ثلاثة وعشرون مليون لجميع شوارع وميادين كل محافظات مصر, هذا غير من لم تسمح له صحته أو وقته أو ظروفه في المشاركة في النزول للشوارع والتعبير عن طلبه بالرحيل, لقد فعل السيسي لمصر الكثير, إلا أن اعتقادي أنه لم يكن بوسعه أن يفعل غير ذلك. لذلك نزل الشعب المصري علي تلك الصورة العظيمة ليفسد علي الإخوان مخططهم الشرير باحتلال ميادين مصر لعودة الشرعية من الإنقلابيين كم يدعون. لقد بات المصريين لسنوات طويلة ينظرون إلي حرب أكتوبر علي أنها من المناسبات القومية... وإنه ليس أكثر من يوم أجازة يعرض فيه التليفزيون المصري كل عام برنامج متكرر من الأفلام والبرامج التي باتت تمثل لنا الكثير من الملل... كما أن المصريين ظلوا لسنوات طويلة يتعاملون مع الأمن والأمان الذي وفره ويوفره لهم جيشهم وشرطتهم علي أنه من البديهيات والمسلمات.... وأنه من العادي والطبيعي أننا نعيش في دولة حرة مستقلة, الأمن والأمان الذين فقدوه تحت حكم الإخوان, فقد عاشوا سنة من العذاب والخوف والهلع علي بلادهم من مصير مجهول ينتظرها علي يد خائن مخرب كان علي أتم الاستعداد للتفريط في أرض وتراب الوطن... لقد كان الأمر مدعاة لكي يتساءل الجميع عما إذا كان المصريون قد اكتشلفوا فجأة انتصار جيشهم في حرب73 ؟ وأنهم اكتشفوا فجأة بطولات جيشهم وقادة جيشهم؟؟؟ هل المصريون فجأة في السنة دي بقي عندهم الإنتماء والحنين للنصر والبطولات, وكأن المصريين قد استردوا سيناء في هذا العام فقط؟!!! فكانت صور الاحتفال عظيمة ورائعة أعادت للأذهان التذكير بأجواء أيام النصر في شهر أكتوبر73.. فشكرا للإخوان.. رابط دائم :