الذين يقولون إن جماعة الإخوان لم يعد أمامها إلا التفاوض بعد الصورة التي ظهرت عليها في جمعة30 أغسطس واتجاهها إلي الضربات اليائسة والتحركات مجهولة الهدف وتوالي النجاحات الأمنية في القبض علي المطلوبين من أعضائها وقياداتها ينبغي أن يعيدوا النظر في حساباتهم السياسية وغير السياسية فيما يتعلق بمستقبل الجماعة. لا أقول ذلك تأصيلا علي أن الجماعة وحلفاءها فشلوا في الحشد الجماهيري لمليونية الحسم; فهم ما يزالون يكذبون ويقولون إنها ضمت40 مليونا من المصريين رغم أن كافة الشواهد تؤكد أنها كانت أشبه بالاحتفالات العائلية, ولا أن قياداتها توارت خلف نقاب التنكر وستار هروب المجرمين, ولا أن الشارع المصري بات بمثابة حائط الصد الحقيقي لمحاولات خروج الجماعة علي شرعيته وإرادته وعقيدته لإعلاء اسم مصر فوق كل اعتبار, ولا أن أقنعة الزيف والكذب تكشفت أمام القاصي والداني باستثناء من يتمسك بتغييب عقله وتعطيل تفكيره, ولا أن غالبية المصريين أصبحوا أكثر خبرة في التعامل مع جرح الإخوان الذي تلوث في أجسادهم وأكثر إدراكا بحقيقة أن آلام ذلك الجرح الظاهر أقل خطرا من مؤامراتهم الخفية. فالجماعة تتمسك بنفس صورتها الإرهابية مع حلفائها من بعض جماعات تيار الإسلام السياسي وأدعياء الدفاع عما يسمونه بالشرعية والتي تتخذ من الفوضي شعارا والتخريب هدفا من أجل الحفاظ علي سلطة لم تر طوال تجربتها الفاشلة إلا الأهل والعشيرة, ولا نعود في ذلك إلي تهديداتهم التي تحولت إلي واقع أليم في مخطط حرق مصر وضرب أقسام الشرطة والاعتداءات المتكررة علي جيش مصر وتهديد المواطنين وقتل الأبرياء بشظايا المنصات المسلحة وتفجيرات المسيرات التي تعادي الشعب والشرطة والجيش, ولكنني أري ذلك في استمرار مخططات الشر في اعتداءات جديدة علي كنائس بورسعيد وتصريحات أحد قياديي الجماعة بأن السوريين من الجيش الحر سوف يحررون مصر وشعبها بعد القضاء علي بشار ونظامه بمساعدة الناتو, والتحفظ علي خرائط لتفجيرات كانت الجماعة تخطط لها بمنشآت حيوية بمصر. ومن هذا المنطلق لا جدوي من التفاوض أوالتصالح مع أيد لم تكتف بتعمد التلوث بدماء المصريين فحسب وإنما تصر علي هذا التعامل الدموي مستقبلا, ولن تكون هناك فائدة من محاولات التفاوض وتقديم مبادرات من عدد من الأطراف إلا بمراجعات فكرية جادة تؤكد ابتعاد الجماعة وحلفائها وباقي الأطراف بما فيها مقدمو مبادرات التفاوض عن الشر السياسي باسم الدين والاعتراف بإرادة الشعب التي حماها جيشه والتي أطاحت بالدكتور محمد مرسي ونظامه وقبول محاكمة من تلوثت يده بدماء المصريين تحريضا وتخطيطا وتنفيذا دون استثناء. وأري أن الجماعة لن تسلم بحقيقة الرفض الشعبي لها ولممارساتها السياسية باسم الدين ولن تغادر المشهد في صمت ولن يصدق حلفاؤها في مبادرة لأنهم جميعا لا يعرفون الصلح مع الغير ولا التصالح مع النفس.