رغم تعهد الرئيس الإيراني الجديد حسن روحاني بإنهاء حالة التوتر التي نشبت بين طهران وعدد من الدول العربية وفي مقدمتها السعودية التي تدهورت علاقتها بطهران بشدة أيام حكم الرئيس السابق أحمدي نجاد ورغم ترحيب الدول العربية والخليجية بهذه الخطوة الإيرانية غير المسبوقة إلا أن المحللين يؤكدون أن اعتدال روحاني ودبلوماسيته غير المعهودة في إيران لن تسمح بإنهاء الخصومة السياسية بين بلدين يكنان إلي بعضهما كثيرا من مشاعر الكراهية التي تكشفت بوضوح عقب تسريب محتوي البرقية التي أرسلها العاهل السعودي الملك عبدالله لمسئولين أمريكيين في السفارة الأمريكيةبالرياض والتي طالب فيها واشنطن بقطع رأس الأفعى بعد أن طلب من الله أن يقي العالم شرهم في إشارة إلي طهران التي سارعت واتهمت عبر المواقع الإخبارية الأسرة الحاكمة بالسعودية بالفساد. أمر شبه مؤكد أن العلاقات بين البلدين لا يمكن أن تتحسن خاصة بعد اتهام كل منهما الآخر بدعم الصراعات الإقليمية التي زلزلت منطقة الشرق الأوسط والتي أودت بحياة عشرات الآلاف من القتلي والجرحى والمفقودين وهو ما يؤكد أن العلاقات لا يمكن أن ترجع إلي سابق عهدها، وهو ما أكدته صحيفة ديلي ستار البريطانية التي أشارت في تقرير لها إلي أن الأجواء المسمومة بين البلدين قد تمنع أي جهود إيرانية من نزع فتيل الحرب النفسية التي نشبت بين البلدين منذ سنوات طويلة قد تزيد عن 10 سنوات خلقت في الشرق الأوسط حالة من الاحتقان بين السنة والشيعة الذين باتوا يتقاتلون يوميا في مختلف البلدان العربية، وما يحدث في سوريا فكل من البلدين تدعم قوي بعينها تخدم أجندتها الخاصة وإستراتيجيتها في المنطقة حتى ولو جاء ذلك علي حساب المزيد من الضحايا وهو ما نراه أيضا يوميا في اليمن والعراق التي مزقتها الحرب بين السنة والشيعة والتي جعلت العراقيين يصبحون ويمسون علي أصوات الانفجارات وحمامات الدم التي تغرق الشوارع وكذلك لبنان التي بدت علي أعتاب حرب أهلية بين السنة والشيعة الذين اتخذوا من الأزمة السورية ذريعة لتصفية حساباتهم. وأكدت الصحيفة أنه من الصعب إصلاح العلاقات بين البلدين خاصة أن كلا منهما يسعي إلي أن يكون الأقوى في المنطقة ومن هنا بدأت الحرب الخفية التي تتهم فيها الرياضطهران بتأجيج العنف والاضطرابات في المملكة ومنطقة الخليج العربي لبسط سيطرتها ونفوذها علي المنطقة في وقت تؤكد فيه طهران ان الرياض تتآمر مع الدول الغربيةوواشنطن لتدميرها ومحوها من خريطة المنطقة العربية. ورغم دعوات روحاني التي بعثت بصيصا من الأمل في نفوس العرب إلا أن المحللين أكدوا أن روحاني لم يجد سبيلا آخر ليلجأ إليه خاصة بعد العقوبات الاقتصادية التي أهلكت اقتصاد البلاد وجعلتها تعيش في عزلة دولية، مشيرين إلي أن دبلوماسية روحاني لن تتمكن من إنهاء الخصومة الكبيرة القائمة بين أكبر بلدين اسلاميين في منطقة الشرق الأوسط. وتري الصحيفة أنه من مصلحة البلدين إنهاء تلك الخصومة التي أكدت أنها ستقود منطقة الشرق الأوسط إلي حرب مذهبية كبيرة خاصة بعد إصرار طهران علي دعم حلفائها في المنطقة في مواجهة أهل السنة وهو ما ظهر جليا في سوريا حيث ساندت ولا تزال حليفها الأسد لأنها علي يقين بأن سقوطه سيعني بشكل أو بآخر نهاية نفوذها في المنطقة كما أن السعودية تدعم من جانب آخر المتظاهرين السوريين بالمال والسلاح خوفا من انتصار بشار وهو ما سيكون انتصارا كبيرا لإيران التي تروج لثقافة المد الشيعي. وأشارت الصحيفة إلي أن الاختلاف المذهبي بين البلدين تعمق بشكل كبير عقب ثورات الربيع العربي والانقسام الطائفي الذي نشب بين السنة والشيعة في عدد من الدول العربية، إلا أنه لا يزال بإمكان البلدين إنهاء تلك الخصومة وتطبيع العلاقات كما كانت في عام 1990، ولابد لتحقيق ذلك أن تكف طهران عن التدخل في شئون جيرانها وتتوقف المملكة عن المطالبة بشن هجوم عسكري علي المواقع النووية لإيران، مشيرة إلي أن التعاون السعودي الإيراني قد يساعد علي إنهاء كثير من الأزمات في المنطقة وأولها الأزمة السورية لأنهما طرفان أساسيان فيها. رابط دائم :