شاءت ترتيبات القدر أن يكون شاهدًا على الأحداث المصيرية التي عاشتها الكاتدرائية المرقسية ، وإبداء الرأي فيما يتعلق بالجوانب القانونية الخاصة بالكنيسة.. ذلك هو المستشار منصف سليمان المستشار القانوني للكنيسة القبطية . منصف سليمان اتخذ من السنهوري مثلاً أعلى، مما جعله يدرك مسئولية الكلمة ويجعل لسانه ثقيلاً عند البوح بخزائن صدره الذي به من أسرار الكنيسة ما لايعلمه غيره. سليمان يمكن توصيفه بأنه رجل قانون من الطراز الرفيع ليس فقط لكونه تتلمذ على خطى السنهوري ولكنه أيضًا تعلم فقه القانون في أعرق محاكم مصر "مجلس الدولة" وهو مايفتخر به بين أنداده. يتهمه البعض بالعدائية للإعلام ولاسيما عند وصفه الإعلام بالمنفلت، تعليقًا على مخاوفه من إساءة الإعلام للبابا شنودة عند تناول سيرته في الأعمال الفنية والدرامية. في حواره مع بوابة الأهرام تحدث بلسان ثقيل عن المجلس الملي والزي الكهنوتي والمواريث والتبني وقانون بناء الكنائس وترميمها. وفيما يلي نص الحوار: قال المستشار منصف سليمان المستشار القانوني للكنيسة القبطية الأرثوذكسية إنه حتى الآن لاتوجد قواعد منظمة لبناء الكنائس وترميمها، موضحًا أن قانون بناء وترميم الكنائس سيتم مناقشته بمجلس النواب قبل انقضاء دورته الحالية. سليمان أشار إلى أن مبنى الكنيسة ذو طابع خاص ، مشددًا على ضرورة وجوده في موقع يسهل الوصول إليه ويتسق مع كرامة المكان. المستشار القانوني للكنيسة أكد دور الكنيسة في حياة الأقباط حيث أداء الصلوات وإقامة الجنازات والأفراح وغيرها، متابعا: ولهذا ينبغي أن يكون للكنيسة ملحق للأغراض الاجتماعية. لفت منصف سليمان إلى أنه ليس لدينا في مصر تعليم ديني مسيحي. وردًا على رؤيته بمادة التربية الدينية في المدارس سواء للمسلمين أو الأقباط قال إن هذه المادة مجرد قشور وجميع الكنائس من عشرينيات القرن الماضي لديها مايسمى مدارس الأحد. وبشأن مشروع قانون بناء الكنائس أوضح أن الكنيسة سلمت للمستشار مجدي العجاتي مشروع قانون موحد من جميع الطوائف المسيحية، مشددًا على وجود اتفاق بشأنه بنسبة 99.9%. وحول ماأثير عن وجود بعض التحفظات من الدولة أو الطوائف المسيحية حول القانون قال إن هذه المساءل تدار في الغرف المغلقة ولاتعرض للرأي العام لأن عرضها يشغل الخلافات ويثير الفتن. وبخصوص الحديث المتكرر عن قانون دور العباده وعدم إنجازه قال:" للمرة الأولى منذ 20 عاما توجد إرادة حقيقية للدولة في إقرار هذا القانون". واستدرك قائلاً : من كانوا حول مبارك لم يكن يرغبون في إقرار هذا القانون لزرع الفتن واستخدامها عند اللزوم كورقة ضغط وفزاعة يبررون بها القمع السياسي أمام دول الخارج. وعضد سليمان رؤيته بالكشف عن واقعه استدعاء البابا شنودة لعدد من الشخصيات القبطية الهامة في مطلع الألفينية في الدير، مشيرًا إلى أن البطريرك كشف خلال لقائهم عن دور أمن الدولة في صناعة 5 فتن طائفية. وتابع سليمان: البابا شنودة سرد 5 فتن طائفية، من بينهم وفاء قسطنطين صنعتها مباحث أمن الدوله-في ذلك الوقت- ولم يكن للإسلاميين دخل بها على عكس ماأشيع آنذاك. ولتلافي نشوب الفتن الطائفية بسبب التحول الديني يرى منصف أن جلسات النصح والإرشاد كانت مفيدة جدًا للمواطنين الذين يريدون تغيير دينهم، منوهًا إلى أنه منذ واقعة وفاء قسطنطين تم إلغاؤها من باب فرق تسد. وكشف سليمان عن وجود رؤية لدي المؤسسات الدينية على رأسها الأزهر الشريف بقيادة الإمام الأكبر الشيخ أحمد الطيب وفضيلة الدكتور شوقي علام مفتي الديار المصرية والكنيسة بقيادة البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية، بطريرك الكرازة المرقسية لعودة جلسات النصح والإرشاد. وبشأن قانون الأحوال الشخصية قال منصف سليمان إن القانون تم تسليمه بالفعل للدولة وعدنا مرة أخرى للنظر فيه لإدخال بعض التعديلات. أضاف: هو مازال قانونًا موحدًا للمسيحيين فيه ديباجة عامة ولكل كنيسة الجزء الخاص بها وكل طائفة يلزمها بعض الخصوصية، موضحًا: نحن والإنجيليون يكاد لايوجد أي خلاف بيننا إلا في بعض المصطلحات ومتفقون الي حد بعيد لكن الكاثوليك مقيدون بلائحة موحدة في العالم كله. وعن تذمر متضرري الأحوال الشخصية واحتجاجاتهم أشار إلى أن كل شخص منهم لديه مشكلة شديدة الخصوصية تحتاج لقانون لوحدها، موضحًا: جلست معهم عشرات المرات ولم أستطع أن أجد معهم نقطة التقاء. تابع: لم أقدر على جعل اثنين منهم يتفقان على شىء واحد، حيث إن مشاكل الأحوال الشخصية وطبيعتها معقدة. وأكد أن هناك توسعًا كبيرًا في أسباب التطليق في مشروع القانون الحالي لم تكن موجودة من قبل، منها إصابة أحد الأطراف بالأمراض العصبية أو ممارسة أحد الأطراف العنف ضد الآخر أو الإصابة بالإيدز أو الضمور في الرحم. وأشار إلى أن وجود دورات تعدها الكنيسة للمقبلين على الزواج منذ 15 عامًا تسهم بشكل كبير في الحد من مشاكل الأحوال الشخصية. وحول عدم مناقشه التبني في قانون الأحوال الشخصية، كشف أن المشروع الأصلي للأحوال الشخصية الذي تم كتابته عام 1979 كان يشمل التبني، مستدركًا: "ولكن عام 2010 وقت تحديثه، البابا شنودة قال إن الاتجاه العام للدولة وعند إخوتنا المسلمين ضد التبني، وأنا لا أريد أن أصطدم معهم في مسألة ليس لها نص صريح عندي بالكتاب المقدس "واحنا مش غاويين فرقه". أشار إلى أن مشروع القانون كان على مكتب حسني مبارك ولكنه لم يسعفه الوقت لرؤيته. وبخصوص المواريث قال إنه على قناعة بأن المواريث غير متعلقة بالأحوال الشخصية وأن عدم وضعها بقانون الأحوال الشخصية للأقباط أمر بديهي. وأوضح أن الشريعة الإسلامية هي مرجعية الأقباط في قضايا المواريث، لكون المسلمين يمثلون الأغلبية بالبلاد. ولفت المستشار القانوني للكنيسة إلى أنه لا يوجد نص بالكتاب المقدس يتعارض مع اتباع مبادئ الشريعة الإسلامية في قضايا المواريث للأقباط. وردًا علي سؤال حول ما إذا كان هذا الوضع قد يثير حفيظة بعض الأقباط قال سليمان "هذه هي المواطنة ومن يثير ذلك حفيظته هو وشأنه". وحول رأيه في حكم محكمة الأسرة في نوفمبر الماضي بزواج اثنين من الأقباط زواجًا مدنيًا قال إن محكمة الأسرة لم تصدر قرارًا بتزويج اثنين من الأقباط مدنيًا في نوفمبر الماضي، مشيرًا إلى أنه لا توجد محكمة تستطيع أن تقر الزواج المدني سواء للمسلمين أو المسيحيين. وأوضح أن الحكم الصادر كان حكمًا بصحة التوقيع فقط. وأضاف: اطلعت على حيثيات الحكم والمحكمة قالت إنها لاتتعرض لتوافر أركان الزواج ولكنها نظرت لها كورقة عليها صحة توقيع من الطرفين. وتابع: ما لا يعلمه البعض أو يتجاهله أن قانون الشهر العقاري المصري يحظر تزويج المصريين مدنيًا، سواء مسلمون أو مسيحيون. واستطرد: المشرع المصري نص على وجود المأذون الشرعي وهو موثق منتدب من وزارة العدل لتوثيق زواج المسلمين، وكذلك كهنة منتدبون من وزارة العدل لتوثيق زواج المسيحيين، مشددًا على أن الكاهن الموثق لا يستطيع توثيق العقد إلا حين يسبقه الطقس الديني (الإكليل). وأكد أن الأمر كله لا يعدو كونه فرقعة إعلامية قام بها تجار القانون لتسويق أنفسهم، مشيرًا إلى أن القضية هي قضية أقامها شخصان لإثبات صحة التوقيع لا أكثر. وبخصوص الزي الكهنوتي (الديني) قال: وقت قضية الراهب المشلوح في التسعينيات كان هناك مشروع كامل مقدم بتقنين الزي الديني الإسلامي والمسيحي، كاشفًا: ورفض الأزهر حيث حدثت صعوبة شديدة خصوصًا على مستوى الزي الإسلامي لتشابهه مع الزي الريفي. تابع المستشار القانوني للكنيسه ظهرت الفكرة مرة أخرى وبإلحاح حين حدثت مشكلة الدير المنحوت (دير وادي الريان)، مشيرًا إلى حديث الكنيسة مؤخرًا إلى المسئولين بالدولة بهذا الشأن. وكشف أن الكنيسه بصدد تقديم مشروع للزي الكهنوتي للدوله، مؤكدًا أن تقنين الزي الديني يظل ضرورة لحماية البسطاء من النصابين وحماية مصر والمصريين. وحول حيثيات مشروع القانون قال إن هذا سابق لأوانه، وغالبًا سيكون محاكاة للقانون الذي يجرم ارتداء زي الضباط. وبخصوص قانون ازدراء الأديان قال إن نص القانون غير منضبط ولابد من وجود تشريع أكثر انضباطًا ويطبق بما لايتعارض مع حرية الرأي والتعبير حتى لانلقي بالمزيد من المفكرين في السجون، كاشفًا أن المجلس القومي لحقوق الإنسان يعكف حاليًا على عمل مشروع قانون يخص هذا الشأن. وعن مدى مشروعية وقانونية الحركات القبطية قال إنه كان وسيظل الحوار المجتمعي في العالم كله هو الحل ليس لها وجه مشروع ولكن قد تخفي بعض النوايا الحسنة والمطالب المشروعة ويجب أن نستمع للآراء غير الناضجة ونتحاور ونتحدث سويًا بصوت عالٍ وباحترام كامل. المستشار منصف سليمان عضو المجلس الملي أوضح أن المجلس تم إنشاؤه في 1897 وكانت مهمته الأساسية هي الفصل في نزاعات الأحوال الشخصية وهذه المهمة أصبحت تقوم بها المحاكم عام 1955 والإشراف على حسابات الأوقاف ذهب لهيئة الأوقاف القبطية عام 1960 وبقى للمجلس الإشراف على حسابات الكنائس ومساعدة البابا في الشئون الإدارية. أضاف أنه من المقرر أن يتم النظر في قانون المجلس الملي قبل إعلان انتخابات جديدة للمجلس ومازال لم يتبلور شىء محدد في هذا القانون، مشيرًا إلى أن المجلس الملي الحالي والمجالس الفرعية بالإيباراشيات تمارس اختصاصتها عادية إلى أن يعاد التشكيل. وكشف عن تشكيل لجنة عقب عيد القيامة لإعاده تشكيل المجلس وإجراء الانتخابات الخاصة به خلال الستة أشهر المقبلة. يتفق سليمان مع من يقولون إن المجلس الملي لايمثل الكنيسة القبطية، موضحًا أن الأقباط ليسوا دولة داخل الدولة لكن هم مصريون والذي يمثلهم هم نوابهم في مجلس النواب أما المجلس الملي فلايمثل الكنيسة أو الاقباط، وهو مجرد لجنة إدارية تعاون البابا. وشدد أنه لا دخل بالمجالس الملية بالمواطنة، معرفًا إياها بانخراط المواطنين جميعًا بالعمل المدني السياسي من خلال الأحزاب. وردًا على سؤال هل ترى أن جزءًا من المواطنة إزالة خانة الديانة من البطاقة قال : قد تكون أحد الأدوات ولكن ليس كل الأدوات ويجب استخدامها بحذر وإحسان استخدامها. أوضح: لاأفهم أهمية وضع خانة الديانة في التوكيلات أو في طلب التعيين خصوصًا أن لدينا نصًا في الدستور يقول إن المصريين لدى القانون سواء ولاتمييز، مستدركا: لكن لو تقدم أحد لابنتي وقتها ستكون خانة الديانة ضرورية في البطاقة. استطر :أرى أنها هامه في جواز السفر، موضحًا: لو مات شخص خارج وطنه فمن الضروري معرفة مكان دفنه وفقًا للديانة. أكد أنه لابد من عمل قانون يمنع التمييز - وهو أحد الاستحقاقات الدستورية التي نص عليها الدستور - كاشفًا أن المجلس القومي لحقوق الإنسان يعكف على عمل مشروع قانون لتجريم التمييز. تابع سليمان:عدم التمييز مسألة في منتهى الخطورة وصارخة ورأينا مواطنين لايقدرون على العمل بالقضاء لعمل والده أو وضعه الاجتماعي، مشددًا أن التمييز مؤلم جدًا ولايدعم المواطنة في مصر إلا عدم التمييز. وأكمل سليمان: الفترة بين ثورتي 1919 و1952 لم يكن هناك تمييز لأن مبادئ ثورة 1919 كانت قائمة على عدم التمييز والوعي العام آنذاك أدى الي حماية هذه المبادئ. تحدث منصف سليمان ببديهية عن خضوع هيئة الأوقاف القبطية لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات منذ عام 1960، مضيفًا: ومن يطالبون بذلك وينظمون المظاهرات من أجل هذا الشأن لايعلمون ذلك . أوضح سليمان أن هيئه الأوقاف القبطيه مستقلة تماما و هي جزء من المال العام ولهذا هي خاضعة لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات وبخصوص بيان المجلس الملى بخصوص الأعمال الفنية التي تتناول حياة البابا شنودة قال البابا شنودة شأنه شأن أي مصري آخر لايجوز الكتابة عنه إلا بعد أخذ رأي أهله مثل جموع الشخصيات العامة والمشاهير أم كلثوم وعبد الوهاب وأسمهان وليلي مراد وكوكو والريان راجع سيناريو العمل الفني الخاص به بنفسه. تابع: البابا شنودة كان بطريركًا لمدة 40 عامًا وقبلها ب10 سنوات أسقف تعليم، وله دور سياسي خطير في تاريخ مصر، والمتربصون به كثر، والوقت ليس مناسبًا لترك الإعلام المنفلت يتناول سيرته دون مراجعتها،ولا نأمن أن يقوم ممثل بقول كلمة أو عمل حركة تسىء للبطريرك الراحل. وحول تناول صورة القبطي بشكل عام والكنيسة في الأعمال الفنية والأعمال التي أثارت لغطًا كبيرًا في الأوساط القبطية نفى منصف أن يكون فيلم "بحب السيما" أو مسلسل "أوان الورد" قد سبب غضبًا في الشارع القبطي. وأكد: لم يكن هناك شىء يمس صورة القبطي في هذه الأعمال الفنية، وجميعنا مصريون ونتقبل النقد. وعلى المستوى العالمي تحدث عن رواية "شيفرة دافينشي" قائلاً حدثت البابا شنودة عن فيلم سيكون في دور السينما المصريه قريبًا يسىء للكنيسة ووقتها رد البابا شنودة، قائلاً لن نحكم عن شىء لم نره وظل الفيلم يومين فقط في السينما وتم رفعه. تابع: لدينا ثقة شديدة بالوعي القومي المصري،ننظر للمسألة ليس من زاوية مسيحية، ننظر لها من زاوية مصرية.