قال الأديب الليبي إبراهيم الكوني: إن مصر هى التي أوت شعبي في محنته الأخيرة، وهو ليس غريبًا على هذا المكان العريق والتقاليد العريقة، لأنها كانت تفعل ذلك منذ ما قبل التاريخ، عندما واجه شعبي الكارثة البيئية التي جعلت منه صحراء كبرى، ليحتمي منذ ذلك التاريخ بمصر، وفي المحنة التي تمر بها ليبيا اليوم، فإن احتماءها بمصر يجعلها في بر الأمان. وأضاف "الكوني"، خلال افتتاح مهرجان القاهرة الأدبي في دورته الثانية، مساء أمس السبت، ببيت السحيمي، بالحسين: إن هناك مفارقة تستحق التأمل لأن ليبيا في محنتها، وقد صارت جسرًا للالتجاء إلى أوروبا، هى الآن لا تلتجئ إلى أوروبا، لكن الشعب الليبي اتجه إلى مصر كالعادة، فشكرا لهذا الإرث العظيم، لأن في يقيني الأمان، أسبق من الحرية، لأنه لا خير في حريًة لا تحقق الأمان. وأوضح "الكوني" أنه يراعي قوانين الأدب، وقوانين الرواية تقول إن رسالة المبدع هى الأسطرة، ومايحدث اليوم مع الرواية، استهتار بقانون الرواية، ولا يكفي السرد الوجداني مثلًا وأن تتناول تجربة ذاتية ونقول إنها رواية، فإن الرواية دراما، إذا قرر كاتب أن يكتب شخصية، يجب أن يخضع لقانون الدراما. ورأى "الكوني"، أن الأجيال التي قبلنا لا تعرف شيئًا عن التاريخ الليبي، ولا مرحلة الاستقلال، وحكم الملك، فقد حكمت الأسرة القرملاية ليبيا في زمن كان كل العالم يحكمه العثمانيون، معتقدًا أن من مهمات المبدع في أداء واجبه، ليس الجانب الإبداعي فقط، وإنما الوطني والإنساني، وتقديم الحقيقة، وقال: قدمت الحقيقة لليبيين، لكي يعرفوا أن ليبيا، لم تولد من فراغ، بل جاءت من تاريخ عميق، وبها ماض، ومن هنا تأتي الرواية باعتبارها "ضمير الشعب". وفيما يخص علاقة الكاتب بالنص الأدبي الذي يكتبه، قال: العالم كله يحكم موضوعيا على النص ولا شأن له بالشخص، لكن لدينا في الوطن العربي، نبحث عن سيرة الشخص، ماذا يكون وماذا يفعل، وسيرته، والحكم عليه مسبق، هو مدان إذا خالفك في وجهة النظر، لذلك فإن النص مغيب لأننا لا نقرأ، نحن أمة لا تقرأ، ولا نعترف برموزنا الثقافية، إلا بخروجهم من الحياة. ويعتبر "الكوني" أن الروايات السياسية، التي تُكتب هذة الأيام، ما هي إلا تقارير، ويقول: نحن مهووسون بالنزعة السياسية، ما يحطم روح هذا العالم نزعة تسييس الوجود، فالوجود أكبر من أن نحصره في زاوية بائسة ضيقة، نحن مهووسون بالسياسة وهذا سبب شقائنا، أكثر من الغربيين، نزداد اغترابا، نعاني نوعا من الجنون، وليس غريبا أن تظهر "داعش"، منذ أن سيطرت الإيديولوجيا علينا. وختم حديثه، بقوله: أنا إنسان كل الديانات، ولا أعتبر ما يسمى الآن بالديانات الوثنية، وثنية، أعتبر كل حكيم مشروع نبي. وفي كلمة الروائي إبراهيم عبد المجيد، الرئيس الشرفي للمهرجان، قال إنه من الداعين لنشاط المجتمع المدني فهو السبيل الوحيد لتكون لدينا ثقافة حقيقية، حتى وإن كانت وزارة الثقافة من رعاة المهرجان، مشيرًا إلى أن ذلك المهرجان له طبيعة خاصة، حيث جمع جنسيات العالم، في تجمعات أدبية، بعيدًا عن أيّة تابوهات. فيما اعتبر الشاعر أحمد الشهاوي، في كلمته، أن مهرجان القاهرة الأدبي الثاني من المهرجانات المستقلة، وأحد المظاهر الثقافية المهمة، التي لها دور في إحياء ثورة ثقافية، ما دمنا قد فشلنا في إحياء ثورة سياسية، بحد قوله.