نطوي عاما مضي بما له وما عليه، ونستقبل الليلة عاما جديدا مع دقات الساعة الثانية عشره مساء الليلة ينتظرها العالم بأسره لكي يلتقوا في أجواء مشبعة بالبهجة والفرحة والسعادة، حاملين أمنياتهم للعام الجديد سرا وعلنا، وحتي الأطفال الصغار فلهم أيضا ما يطلبونه منه، بل وينتظرون بفارغ الصبر "بابا نويل" الذي سيمر عليهم أثناء الليل ليعطيهم هداياهم التي يجلبها لهم من عام لآخر. ومع قدوم عيد الميلاد المجيد ورأس السنة الميلادية تطل علينا في عديد من الأماكن شخصية بابا نويل أو (سانتا كلوز) بزيه الأبيض والأحمر المميز والمعروف للجميع، خاصة الأطفال الصغار الذين ينتظرون عطاياه.. من هو هذه الشخصية الأسطورية؟ وهل اسمه بابا نويل أم سانت كلوز أم القديس نيكولاس؟ وهل قصة حياته أسطورة أم واقع؟ ولماذا ارتبطت هذه القصة بعيد ميلاد السيد المسيح؟ وما هذه الملابس التي يرتديها؟. تقول الأسطورة إن بابا نويل شخصية حقيقية، واسمه هو القديس نيكولاس من مدينة مورا بآسيا الصغري، حيث عاشت في القرن الرابع الميلادي، انتشرت سيرته العطرة وعمت أماكن عديدة بعطائه السخي وكرمه الزائد علي أهل قريته وكانوا يتبادلون الهدايا في عيد الميلاد علي اسمه.. وبدأت الحقيقة تختلط بالأسطورة، وجاء اسم بابا نويل ككلمة فرنسية تعني أب الميلاد. وصار من أشهر الشخصيات التي يحبها الأطفال في كل أنحاء العالم.. ومع تغير المكان تخلي (سانتا كلوز) عن حماره الذي كان يحمل عليه الهدايا والألعاب ليمتطي زحافة علي الجليد يجرها ثماني غزلان يطلق عليها حيوان (الرنة) ذو الشكل المميز. وتروي الحكايات أن (بابا نويل) يضع للأطفال الهدايا داخل (جوارب) صوفية يضعونها فوق المدفأة في منازلهم، حيث كان يتسلل (بابا نويل) من خلال فتحة المدفأة حتي لا يراه الأطفال ليلا ويفاجأون بالهدايا في الصباح فيتملكهم السرور أكثر وأكثر. وفي مصر انتشر بابا نويل في الكنائس القبطية في احتفالها برأس السنة الميلادية.. وصار رمزًا شعبيًا للاحتفال بالعام الجديد، ونسي الكثيرون أنه قديس ومعترف به في الكنيسة الأولي.. كنيسة القرن الرابع الميلادي. وعن عطائه وقصته الخيرة تقول د. سامية خضر (أستاذ علم الاجتماع كلية التربية جامعة عين شمس)، إن أعياد الكريسماس تتميز بالفرحة والبهجة لكل الشعوب، و «لم شمل» العائلة، بل تسهم أيضا في صلة الأرحام، حيث يجتمع أفراد الأسرة ويهنئون بعضهم البعض بقدوم العام الجديد. وعن شخصية بابا نويل توضح خضر أنه رجل خير ومعطاء يقوم بتوزيع الهدايا علي جميع الأطفال، مختصا الأيتام والسيدات الأرامل والمحتاجين بالنصيب الأكبر، مشيرة إلي أن نيكولاس كان عشية ليلة الكريسماس يجمع الأطفال ويجلس بهم تحت شجرة كبيرة خضراء اللون ويعظهم ويحكي لهم القصص ويطرب آذانهم بأجمل الأغاني، ومن هنا جاءت فكرة «شجرة الكريسماس» التي يقتنيها الناس ويقومون بتزيينها في هذه المناسبة الجميلة. وتؤكد أستاذة علم الاجتماع ضرورة زرع هذه القصص الجميلة في عقول أطفالنا، فترسيخ هذه القيمة الإنسانية من شأنها أن تعلو بروحهم للصفاء وتحثهم علي العطاء والخير، ففي دول العالم الغربي يقوم الأهل بسردها لأبنائهم كي يتعلموا منها ويعرفوا المعني الحقيقي للعطاء وكيفية إدخال السعادة علي نفوس الآخرين. فنحن في حاجة ل «لم شمل الأسرة» مرة أخري بعد أن تسببت وسائل الاتصالات الحديثة في تفرقتها، وتلك المناسبة السعيدة ستكون فرصة حقيقية لذلك، فليلة الكريسماس لا تقتصر علي أشخاص بأعينهم ويجب عدم تحريمها فهي مناسبة سعيدة لاستقبال عام جديد يتمني فيه الإنسان من الله أن يفيض فيه بالخير والبركات.