"الحوسبة السحابية" مفهوم جديد بدأ يظهر بشدة على ساحة قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات خلال الفترة الأخيرة حيث أجمع عدد من الخبراء على العديد من الفوائد التى يمكن أن تضيفها هذه التقنية الجدية عالميا إلى كافة الأعمال والقطاعات فى مصر كتوفير الوصول السريع إلى الموارد الحاسوبية اللازمة من تخزين واستضافة لمواقع الإنترنت وتطبيقات الأعمال للعديد من الشركات وقطاع الأعمال فى مصر، إلى جانب إسهامها في تخفيض تكاليف شراء البنية المعلوماتية للشركات الناشئة واستبدال ذلك بتأجير هذه البنية لوقت محدد مما يطرح فكرة توسع الحكومة المصرية فى هذا التوجه التكنولوجى الجديد لمساعدة الشركات وقطاعات الأعمال في عبور الأزمة الراهنة . ولكن تبنى هذا التوجه الجدد و الاعتماد عليه بقوة من وجهة نظر آخرين لا يخلو من الشوائب فكثير منهم يثير مواضيع مثل الخصوصية والأمن والموثوقية وضرورة ألا تتعرض مصر لانقطاع الإنترنت لأن موارد الشركات المعلوماتة من تطبيقات وبرامج ستكون فى مخازن رقمية على الإنترنت يمكن لكثيرين أن يتشاركوا فيها وربما ينتهك البعض أسرار غيره من الشركات وخصوصيتها وقد تتوقف تماما الشركة عن العمل ولا تفى باحتياجات عملائها عند حدوث انقطاع للإنترنت كما حدث فى يوم 28 يناير . عديد من الخبراء يرى أنه لايجب الخوف من هذه المخاطر بل التعامل معها بجدية وبوسائل تمنع من حدوثها ويضربون مثالا على ذلك بأن كثير من المواطنين فى مصر يستخدمون كروت الفيزا ويتعاملون مع المواقع الحكومية الإلكترونية رغم أن هذه المخاطر موجودة ولكن الإجراءات التقنية هى التى قللت من تأثيرها. وإذا كان التعامل على شبكات المعلومات قد حدث بكفاءة فى مثل هذه الأمور فما الذى يمنع من تطبيق تقنيات الحوسبة السحابية بكفاءة أيضا، بل أن بعض الخبراء ذهب إلى أبعد من ذلك بكثير وطالب الحكومة المصرية بوضع مشروع حوسبة سحابية واحدة لجميع الجهات الحكومية لتستفيد منه جميع وزارات الحكومة وهيئاتها بأقل التكاليف دون أن تتجه كل جهة أو وزارة منفردة بشراء بنية معلوماتية وبرامج وتطبيقات خاصة بها مطالبًا بضرورة تقنين تلك الوسائل من جانب الجهات المسئولة. المهندس محمد ماجد خبير الاتصالات تناول الفكرة الرئيسية لمفهوم الحوسبة بأنها تتمثل فى إمكانة حصول الشركات على خدمات وتطبيقات معلوماتية بنظام التأجير عبر شبكة الإنترنت دون أن يكون المهم الوقوف على المكان الحقيقى الذى يختزن فيه هذه التطبيقات والخدمات مشيرًا إلى أن خدمات الحوسبة انتشرت بشكل كبير على مستوى العالم . فى حين أكد شريف عباس مدير بشركة مايكروسوفت على أن خدمات الحوسبة السحابية متواجدة بشكل كبير فى العديد من البلدان المتقدمة مشيرًا إلى أن مراكز الداتا الخاصة بها تعتبر موفرة للطاقة إلى حد كبير جدا إلى جانب أهميتها فى عمليات تقديم الخدمات لمختلف الجهات على اختلاف ساعات اليوم عالميًا بجانب أهميتها فى العديد من فترات الأزمات كفترات إجراء التنسيق الإلكترونى على الإنترنت التى تقوم بها الجامعات ، والتى تلاقى العديد من الضغوط على السرفرات الخاصة بها خلال أوقات معينة. وأشار إلى أن حاجة بعض الجهات المعينة كجهات التنسيق الجامعى إلى أجهزة خادمة خاصة بها لوقت محدد يدفعها إلى استئجار تلك الخوادم لأوقات محددة الأمر الذي يساعد على توفير النفقات بشكل كبير مؤكدًا إن اتجاه مصر إلى الحوسبة السحابية الخاصة سيكون له العديد من الفوائد التى تتلاءم مع طبيعة الشركات المصرية وما توفره له من إمكانيات تساعد على تخفيض نفقاتها بها خاصة فى ظل هذه الظروف . فى حين أكد محمد سلامة مدير بشركة EMC أن مصر ليست متأخرة فى تقنيات الحوسبة السحابية مؤكدًا أن هناك 65% من الشركات فى مصر سيتخذون خطواتهم الأولى تجاه الحوسبة السحابية وأن بداية التفكير فى الحوسبة السحابية جاء أثناء الأزمة الاقتصادية العالمية عام 2009 كسبيل للاتجاه إلى تخفيض النفقات وهذا من شأنه أن يدفع بمصر خلال الظروف الراهنة إلى أن تتجه هى الأخرى للحوسبة السحابية لعبور أزمتها الاقتصادية. وأوضح أن هناك تطورا كبيرا جدا فى مجال تأمين الحوسبة السحابية خلال العامين الماضين مشيرًا إلى أن عملية التأمين لا تقتصر فقط على وجود الرقم السرى الخاص بالفرد بل تمتد إلى وجود نظام تأمينى متكامل يعمل على حماية البيانات الخاصة بالأفراد. بدوره أكد المهندس حازم عامر مدير تطوير الأعمال بشركة انتل أن مهمة المسئولين هى زيادة مساحة الفرص وتقليل التحديات فى سبيل زيادة إمكانية الحوسبة السحابية فى مصر ، موضحا أن الحوسبة السحابية تعتبر وسيلة مهمة للدخول بسهولة إلى عالم تكنولوجيا الأعمال. وأشار إلى أن إنتل قد قامت بمشروع الويب سايت للأعمال الصغيرة والمتوسطة بالتعاون مع اتحاد الصناعات ، لنشر منتجات تلك الشركات خارجيا مما يعود عليها بالعديد من العوائد الخارجية موضحا أن هناك عبئا يقع على عاتق شركات التكنولوجيا يتمثل فى توظيف إمكانيات الدولة لجذب المزيد من الاستثمارات الخارجية، وفيما يتعلق بتحديات الحوسبة السحابية. أوضح عامر أن مخاطر مثل انتهاك الخصوصية وتأمين المعلومات لابد من وجود مجموعة من القوانيين والتشريعات لتأمين عمليات تلك الحوسبة. فى حين أشار محمد سيد مسئول الحوسبة السحابية بشركة IBM أن الحوسبة السحابية هي فرصة للابتكار والمستقبل فى مصر حيث يمكن أن توفر للطلبة بيئة قادرة على ابتكار التطبيقات الجديدة فى الحوسبة السحابية . من ناحيته أكد طاهر الشال مدير المبيعات بشركة ألكاتيل لوسنت على ضرورة أن يكون هناك أشكال من التثقيف والتوعيه بشكل كبير جدًا لمثل هذه التقنيات الجديدة. وأشار إلى أن موقع مصر الإستراتيجى في العالم يجعل العديد من الكوابل الدولية تمر بمصر وهذا يمنحها فرصة كبيرة جدًا للاستفادة من إمكانيات الحوسبة السحابية. بدوره طالب الدكتور عمرو موسى خبير الاتصالات بضرورة وضع التشريعات اللازمة لعمل الحوسبة السحابية فى مصر مشيرًا إلى أنه لابد أن يكون هناك رقابة قضائية عل عمل تلك الخدمات فى مصر وخصوصا أن الحوسبة الإليكترونية لا تحتاج لرأس مال كبير ولا تحتاج لجهد كبير مطالبا بإعطاء فرصة للتفكير لكي نضيف ونبني مصر من جديد .