دعا الكاتب والناشر مكاوي سعيد، دار الكتب والوثائق المصرية، إلى إلزام دور النشر التي تتقدم للحصول على أرقام إيداع لكتبها، بتعيين عدد النسخ المطبوعة من كل كتاب وإرفاقها داخل متن الكتاب مع رقم إيداعه، وذلك تفاديا لظاهرة النصب التي يتعرض لها المؤلف والقارئ معًا. وقال خلال الندوة التي أقيمت بالهيئة العامة للكتاب حول مستقبل الكتاب وشارك فيها كل من الروائية سحر الموجي والناقد الدكتور حسين حمودة، إن في الفترة الأخيرة، ومع تداعيات ظاهرة الأكثر مبيعا، بات كل من المؤلف والقارئ معرضين للنصب، فتجد دور النشر تطبع مئتان نسخة من الكتاب، وتقدمها على أنها الطبعة الأولى وسرعان ما تنفذ فتشرع في إصدار طبعة ثانية وهكذا فنفاجأ بوجود عشرات الطبعات لكتاب لم تتخط نسخه الألف نسخة، أو أن تقوم دور نشر أخرى بالاتفاق مع المؤلف على طباعة ألف نسخة من كتابه ثم تطبع عشرة آلاف وتبيعها على أنها الطبعة الأولى، وبالتالي يفقد المؤلف حقوقه الفكرية، لذلك لابد أن تضع دار الكتب شرطًا يلزم دور النشر بتعيين عدد نسخ الطبعة الواحدة وإرفاقها داخل متن الكتاب إلى جانب رقم إيداعه. أكد سعيد أن صناعة الكتاب في مصر أصبحت تعاني كثيرًا في الفترة السابقة، ولم تعد مصر هي الأولى في الشرق الأوسط، كما كانت في السابق، بل لم تعد تستطيع منافسة دول عربية أخرى أصبحت رائدة الآن كلبنان مثلًا، ولفت إلى بعض المشكلات التي تواجه صناعة الكتاب، منها رداءة نوعية الأوراق المستخدمة في الطباعة، وغلو ثمنها، مشيرًا إلى تجربة سابقة عندما أراد الناشرون الحصول على نوعية أخرى من الورق جيدة ورخيصة، لم تكن متوافرة في السوق المصرية، وعندما طلبوا استيرادها من الخارج فوجئوا بأن هذه النوعية من الأوراق ممنوعة من الدخول إلى مصر، ووقوف من المستثمرين الكبار وراء ذلك المنع لأنه يهدد احتكارهم لبيع الورق. في سياق متصل، قدمت الروائية سحر الموجي ثلاثة اقتراحات للنهوض بمستوى الكتاب الأدبي، منها ضرورة وجود محرر أدبي، وهيئة استشارية بكل دار نشر سواء كانت رسمية أو خاصة، وتوفير عدد أكبر من ورش الكتابة الإبداعية، وقالت: لا توجد في ثقافتنا وظيفة المحرر الأدبي، والذي أصبح يلعب دورًا مهما في صناعة الكتاب في الغرب، فهو من جهة يساعد المؤلف في التفكير ويقدم له النصح، ومن جهة أخرى يكون أكثر دراية بمتطلبات السوق، مما يساعد على إتاحة فرصة أكبر للكتاب كي يقرأ، كذلك فإننا نعاني غيابًا حقيقيًا لدور الهيئات الاستشارية في دور النشر، فهي إما موجود في دور النشر الرسمية لكنها غير مفعلة وقائمة على المجاملات، أو غير موجودة أساسًا في الدور الخاصة، وهو ما أدى في السنوات السابقة إلى وجود كم هائل من الكتب التافهة والسطحية. وأضافت: ظهر ت في الفترة السابقة ورش للكتابة الإبداعية لكنها تتم على نطاق ضيق، وتقوم بمبادرات خاصة، إضافة إلى وجود عدد من ورش الكتابة يتم الاشتراك فيها بمقابل مادي وهو أمر محزن للغاية، فورش الكتابة أصبحت تلعب دورًا هامًا في الإنتاج الإبداعي العالمي، ونحن نفتقدها كثيرًا في مصر، فهي لا تعلم الأديب كيف يكتب وإنما تقدم له محفزات للكتابة، إضافة إلى وجود العديد من المواهب الحقيقية التي تحتاج إلى توجيه، وهذا ما توفره لهم ورش الكتاب. بينما اعترض مكاوي سعيد على فكرتي المحرر والهيئة الاستشارية، قائلا إن تطبيق وظيفة المحرر الأدبي في الشرق فكرة حالمة جدًا، عكس الغرب، فهناك –أي في الغرب- يستطيع أن يعيش الكاتب على كتاب واحد يصدره، وبالتالي يصبح الكتاب الكبار خارج دائرة المنافسة، بينما هنا، حيث لا يوجد اهتمام حقيقي بالأدب، يظل الكتاب الكبار في منافسة دائمة، وهو ما يؤثر سلبيا على تواجدهم في إحدى الهيئات الاستشارية لإحدى دور النشر، لأنهم بالتأكيد لن يكونوا منصفين وقد يعرقلون كثيرًا من الأعمال الجيدة بدافع الغيرة مثلا. من جانبه، أشار الناقد حسين حمودة إلى أننا لا يجب أن نتعالى على الحقائق المتصلة بملابسات حضور الكتاب في ثقافتنا، فهناك مظاهر عديدة على تأخر رواج الكتاب المطبوع منها تنامي المكتبات الإلكترونية، وحدوث طفرة إلكترونية في مجال الكتاب الإلكتروني في الغرب، إضافة إلى المستحدثات التي أصبحت تجتذب القارئ خارج دائرة القراءة.