صدر العدد الجديد ( أبريل 2011) من مجلة السياسة الدولية، متضمنا العيد من الموضوعات التي تركز معظمها على الأبعاد المختلفة لموجة الثورات العربية الحالية، وانعكاساتها على المنطقة والعالم. ويتضمن العدد أيضا موضوعات عديدة حول قضايا الشئون الدولية فى أقاليم العالم المختلفة، كما يُوزع مع العدد ملحقان: الأول : يقدم أهم المفاهيم والمقولات النظرية التى تتعلق بالثورات بصفة عامة، وتحليلا لأهم الأسئلة المتعلقة بانعكاساتها على العلاقات الخارجية للدول. والثاني: يحمل إسم تحولات استراتيجية، وعنوانًا عامًا هو"إقليم تحت التشكيل"، يرصد كل التوجهات الاستراتيجية الرئيسية التى ستشكل خريطة منطقة الشرق الأوسط ، فيما يتعلق بدور الجيوش، والإعلام الرقمى، والأجيال الجديدة، والسياسات الاقتصادية، وموقع إسرائيل على خريطة الإقليم، وغيرها. وتحت عنوان كيف ستدار العلاقات الإقليمية في المرحلة المقبلة ؟افتتح الدكتور محمد عبدالسلام رئيس التحريرالجديد العدد محاولا تقديم الإجابة من خلال رؤية تحليلية مبنية علي قراءة موضوعية لشكل الدول في المنطقة العربية قبل وبعد الحراك الذي تشهده دول هذه المنطقة في ضوء النتائج المترتبة علي الثورتين المصرية والتونسية وظهور أنماط وكيانات جديدة فرضت نفسها علي المجتمع الدولي وتستطيع تغيير قواعد اللعبة السياسية محليا ودوليا. فى هذا الإطار، يتضمن العدد ، دراسة حول محركات التغيير التى قادت للثورات فى المنطقة العربية، وما يحدث عادة فى مرحلة مابعد الثورات من واقع الاتجاهات النظرية والحالات الفعلية، مع إشارة إلى المحددات الحاكمة لمابعد الثورة فى مصر. في العدد أيضا تصورات مهمة لتحليل الكيفية التى يتعامل بها العالم مع الثورات العربية، وكيفية تعامل تلك الثورات مع العالم ويسوق العدد تعريفا مختصرا للثورة التي عادة ما تكون حركة داخلية ترفض وضعا سياسيا اجتماعيا قائما، وتسعي إلي تغييره وإنشاء وضع جديد يحقق العدالة والحرية، ويخدم مصالح الأغلبية المطحونة التي خضعت للظلم والاستبداد من نظام أو وضع قائم عبر سنوات طويلة. ولم ينس الكاتبان د.مصطفي علوي و د.عز الدين شكري الاشارة الي مشاعر القلق التي انتابت الشعبين المصري والتونسي والخوف على مستقبل ثورتيهما وأثرها علي المنطقة العربية وعلي العالم مع التاكيد علي مشروعية هذا القلق ، لأن الثورات عادة ما تأتي بمطالب للتغيير، وهي مطالب لا تتوقف عند حدود الدولة، بل تتعداها عادة لرغبة في تغيير الأوضاع القائمة في منطقة الدولة الثورية وتعديل علاقتها بالعالم. يضاف إلي ذلك أن الثورات تأتي عادة بنخب جديدة للحكم، إما غير ذات خبرة سياسية وغير معتادة علي طرق وقواعد التعامل الدولية السائدة، أو رافضة لهذه الطرق، وتريد وضع قواعد جديدة لها. وفي الحالتين تصطدم بالأوضاع السائدة إقليميا ودوليا. وتناول العدد مسارات الأحداث فى حالات تونس ومصر واليمن والبحرين والجزائر والمغرب، ثم الحالات المكتومة فى سوريا والسعودية، ففي تونس علي سبيل المثال لم تكن الأنظمة السياسية العربية تدرك أن واقعة إحراق الشاب محمد بوعزيزي لنفسه، احتجاجا علي مصادرة السلطات المحلية لعربته لبيع الخضار، بداية لمرحلة من الانتفاضات والثورات الشعبية في المنطقة بدأت في تونس، وانتقلت إلى مصر، ثم ليبيا، واليمن، والأردن، والبحرين، وغيرها. ولئن استطاعت ثورتا تونس ومصر إجبار رئيسيهما علي التنحي بعد حشد شعبي متوال، وإصرار لافت علي دفع ضريبة التغيير بالشهداء في مواجهة آلة القمع الأمني الحكومية، فإن الانتفاضات الشعبية الأخرى واجهت ظروفا مغايرة متأثرة، إما تارة بالمركبات القبلية والعسكرية كما في اليمن وليبيا، وتارة أخري بالمركب الطائفي، كما في البحرين اما في مصر فقد تعايش النظام السياسي لسنوات طويلة مع أزمة هيكلية حادة جعلته عاجزا عن مواجهة احتجاجات منظمة، إذ شاركت فيها بضع عشرات الآلاف في بلد يزيد عدد سكانه علي ثمانين مليونا. ومن أبرز ملامح هذه الأزمة: هشاشة قاعدة النظام، حيث أظهرت الأزمة النظام أقرب إلي هيكل عظمي بلا قاعدة ولا رأس، حيث استهان النظام بهشاشة قاعدته الاجتماعية ، وصار الولاء مرتبطا بمصالح مباشرة ومؤقتة في الأغلب الأعم. وازدادت هشاشة هذه القاعدة بشكل مطرد، نتيجة الزواج الذي حدث بين أبرز أركان النظام ومجموعات من أصحاب المال والثروة في العقد الأخير من عهده. بالإضافة إلى كل ذلك، تضمن العدد تحليلات لأهم التطورات التى شهدتها الساحة الدولية، فى ساحل العاج وبلجيكا وبوروندى والبرازيل وأيرلندا واليونان واليابان وإيران وإسرائيل وباكستان ولبنان ، مع طرح القضايا المتعلقة بالسياسة العالمية كأزمة الغذاء الاقتصادية أو المحاكمات الدولية والصناديق السيادية. ويقدم العدد الخدمة التقليدية الخاصة بعروض لأهم الكتب والرسائل العلمية التى صدرت أو نوقشت مؤخرا، وما جرى فى أهم المؤتمرات الدولية التى شهدتها عواصم مختلفة، خلال الأشهر الثلاثة الماضية.