قفز سعر الدولار خمس قروش جديدة في العطاء الثالث الذي طرحه البنك المركزي اليوم بقيمة 40 مليون دولار وباعها للبنوك وتم تغطيتها بالكامل لفتح الاعتمادات المستندية للمستوردين وتلبية الاحتياجات المختلفة لتصل إجمالي الزيادة الجنيه المصري أمام الدولار لنحو 15 قرش خلال ثلاث أيام. وأكد خبراء الاستثمار والبنوك وأسواق المال أن تضييق الفجوة بين السوقين الرسمية والموازية أمر مطلوب وملح ولكنهم شددوا على ضرورة توفير العملة الأجنبية بالبنوك لفتح الأعتمادات المستندية لشراء مستلزمات الإنتاج ومطالبين الحكومة بإجراءات إصلاحية جديدة في الاقتصاد تتمثل في منع دخول السلع الاستفزازية والكمالية ومنع دخول البضائع ذات الدرجة الرابعة. بداية يقول عمر السيسي رئيس بنك الاستثمار العربي السابق، إن جهود محافظ البنك المركزي وفريق العمل المصرفي في وضع لا يحسد عليه بسبب هذه الزيادات لأن الوضع الاقتصادي سيء واتخاذ مثل هذه الإجراءات يترتب عليها نتائج سلبية قد ينسبها البعض إلى السياسة النقدية، لكن الواقع يؤكد أن السياستين المالية والنقدية مرتبطتين ببعضهما لأن رفع سعر الدولار يترتب عليه ارتفاع في أسعار السلع الغذائية والصناعية لأننا دولة مستوردة وفاتورة الاستيراد تصل إلى أكثر من 60 مليار جنيه. واستكمل، أن السياستين المالية والنقدية مكملتان فارتفاع أسعار الدولار سيترتب عليها ارتفاع التكلفة الإجمالية للدعم وارتفاع حصيلة الدين المحلي والخارجي وزيادة أسعار السلع الصناعية. وأضاف أن تلك السياسة النقدية تحارب التضخم فالمفروض على الحكومة أن تكون وضعت بالفعل خطط لمواجهة ارتفاع الأسعار والسيطرة على المضاربين ومحتكري الأسواق حتى لا تأتي عمليات زيادة أسعار الدولار بردود فعل سلبية يلقي بها باللوم علي السياسة النقدية. وقال، إن الدولار كان سيتعدي عشر جنيهات خلال فترة الدكتور فاروق العقدة وهشام رامز لولا السياسة النقدية الرشيدة التي ساعدت على استقرار سوق الصرف. وطالب بسياسة تصديرية قوية تعتمد على صناعة ذات منتج منافس بالأسواق الخارجية وقادرة على جلب العملات الأجنبية بجانب التنافسية في سوق الخدمات مثل السياحة. فى سياق متصل، قال عمرو طنطاوي، العضو المنتدب لبنك مصر إيران، إن البنك المركزي طرح اليوم عطاء استثنائيا بقيمة 40 مليون دولار تم بيعها للبنوك بزيادة حوالي 5 قروش عن أسعار أمس لتصل الزيادة إلى نحو 15 قرشا خلال ثلاثة أيام، مشيرا إلي أن تحرك السعر في سوق الصرف كان أمرا حتميا بعد ثباته منذ ثورة 30 يونيو حتى يكون هناك سعر عادل للجنيه المصري أمام العملات الأجنبية لأن السماسرة والمضاربين كانوا يستغلون الأوضاع من خلال إشعال السوق الموازية في ظل انخفاض الموارد من العملات الأجنبية. وطالب بضرورة اتخاذ إجراءات مكملة لرفع سعر الدولار وهي ترشيد استيراد السلع الاستفزازية وجذب الاستثمارات الأجنبية وتنشيط السياحة، مشيرا إلي أن الآمال متعلقة خلال الفترة المقبلة في تحسن الأوضاع خلال مؤشرات عام 2015 بعد تشغيل قناة السويس الجديدة. من جانبه، قال الدكتور سعيد توفيق عبيد، أستاذ الاستثمار والتمويل بتجارة عين شمس، إن زيادة أسعار الدولار سبقتها إجراءات من قبل البنك المركزي مثل تخفيض سعر الفائدة علي الإيداع والإقراض 50 نقطة بهدف تشجيع الاستثمار إلا أنه نوه إلى انخفاض سعر الفائدة يقابله تخفيض في قيمة العملة ويترتب علي ذلك ارتفاع في الأسعار تزيد من معدلات التضخم. وأضاف أنه من المفترض أن هناك تنسيقا بين السياستين النقدية والمالية لمواجهة التضخم ولكن خبراء الاستثمار في انتظارالإعلان بشفافية عن خطة مستقبلية للقضاء على السوق الموازية من محافظ البنك المركزي ، لأن الواقع يؤكد أن السوق السوداء تنتعش مع ارتفاع السعر الرسمي والمطلوب حزمة من الإجراءات إما يتم اتخاذها بشكل تدريجي أو في وقت واحد، مشيرا إلى أن مصر دولة تعتمد كليا في كافة أنشطتها الاقتصادية علي العملة الأجنبية. فيما قال الدكتور مصطفى بدره، خبير الاستثمار في أسواق المال، إن زيادة أسعار الدولار تأتي بنتائج إيجابية على البورصة من قبل المستثمرين العرب والأجانب، حيث إن هؤلاء يقومون بإدخال رؤوس أموالهم من خلال شرايين البنوك ويخرجون بهذه الأموال سواء بالربح أو الخسارة من القنوات الشرعية. وأضاف أن الاستثمار الأجنبي يميل إلى الدخول في أذون وسندات الخزانة بالعملة الأجنبية لارتفاع سعر العائد عليها مشيرا الي أن محاولات البنك المركزي لتقليص الفجوة بين السوقين الرسمي والموازي جعل سماسرة شركات الصرافة تشعل السوق السوداء والدليل على ذلك أن هناك مؤشرات اقتصادية إيجابية ظهرت على الاقتصاد المصري مثل ارتفاع الناتج المحلى ولم يشعر بذلك رجل الشارع. وأوضح أن ارتفاع سعر الدولار سيؤثر علي مستويات الدخل القومي للمواطنين وهي قضية ذات أبعاد خطيرة لم تلتفت إليها الحكومة لما لها من تأثير على متوسطي ومنخفضي الدخل. واقترح حلولا مصاحبة لارتفاع سعر الدولار أولا ضرورة طرح سندات دولية دولارية لآجال طويلة بعد تحسن التصنيف الائتماني لمصر والحل الثاني الرقابة المشددة علي حصيلة المصدرين وضرورة أن تقوم بضخها في البنوك طالما أن المصدر يحصل على مساندة تصديرية وإعفاءات جمركية. وفى سياق متصل، طالب محمد شكري رئيس غرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات، بضرورة إصدار حزمة من الإجراءات المصاحبة لعملية زيادة الأسعار ومنها سرعة خروج قانون الاستثمار للنور بعد إدخال مقترحات رجال الأعمال وكذا قانون الصناعة الموحد وموقف الحكومة من عملية تسعير الطاقة للمستثمرين حتى تكون دراسات الجدوى الاقتصادية قائمة علي أسس موضوعية وإنشاء هيئة لسلامة الغذاء وهيئة لتخصيص الأراضي في المدن الصناعية، مؤكدا أن كل ذلك من شأنه أن يبث الطمأنينة في قلوب المستثمرين فيضخوا رؤوس أموالهم.