وجّه عدد من المصرفيين انتقادات لاذعة لقرارات لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزى المصرى بتثبيت سعر الفائدة على الودائع والقروض، خاصة فى ظل انحسار فرص التمويل والاستثمار، واتجاه مؤشرات التضخم إلى الارتفاع وزيادة حدة المضاربات على العملة الأمريكية. وقال المصرفيون إنه كان من المفترض أن يقوم البنك المركزى برفع سعر الفائدة على الودائع والقروض لتعزيز العائد من الادخار بالجنيه مقابل الاستثمار فى العملات الأجنبية وعلى رأسها الدولار كعامل يسهم فى تخفيض الإقبال على شراء الدولار، الذى لم يعد متوافرا بالشكل الذى يلبى الطلب. وأضافوا أن سعر الفائدة يعد من أدوات السياسة النقدية لدى البنك المركزى لسحب السيولة من السوق لتحجيم معدلات التضخم وارتفاع أسعار السلع فى الأسواق، فيما قال البنك المركزى المصرى إنه اتخذ القرار بناء على إحداثيات المؤشرات الاقتصادية الخاصة بمخاطر السوق ونسب السيولة ومعدلات التضخم الحالية والمتوقعة. من جانبها، قالت بسنت فهمى، الخبيرة المصرفية، إنها لا تتفق مع البنك المركزى فى قراره الأخير الذى صدر الخميس الماضى بتثبيت سعر الفائدة، قائلة إنه كان عليه رفع العائد على الجنيه لتقليص المضاربات على العملة الأمريكية وعمليات الدولرة التى تشهدها السوق منذ نحو شهرين متواصلين. وأشارت إلى أن «المركزى» تجاهل التضخم والدولرة وثبّت الأسعار رغم أن رفع الفائدة على الجنيه سيحد من ارتفاع معدلات التضخم وأسعار السلع فى السوق، مشيرة إلى أنه لم يكن هناك داع لتثبيت سعر الفائدة، خاصة فى ظل انحسار فرص الاستثمار وعمليات التمويل ومنح القروض لأسباب تتعلق بالمخاطر السياسية. محمد البيك، رئيس قطاع الخزانة وأسواق المال بالبنك العقارى المصرى العربى، قال: إنه كان يتعين على لجنة السياسة النقدية أن ترفع سعر الفائدة على الجنيه كنوع من الحماية للعملة المحلية عبر زيادة العائد من الاستثمار عليها مقابل الدولار. وأشار إلى أن سياسات تحريك أسعار الفائدة تستخدم لحماية الجنيه من الانهيار فى ظل عمليات الدولرة والمضاربة على العملة الأمريكية التى أرهقت الجنيه خلال الفترة الماضية، كما أنها تعد أداة فعالة فى محاربة التضخم ومحاصرة ارتفاعات أسعار السلع، خاصة الغذائية، داخل السوق. وقال: أتمنى أن تقوم لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزى خلال اجتماعاتها المقبلة برفع سعر الفائدة لتحقيق استقرار نقدى داخل السوق فى ظل انخفاض معدلات الاستثمار وتوسعات المؤسسات والشركات الاقتصادية فى جميع القطاعات بسبب حالة الغموض التى تسيطر على المشهد وارتفاع حدة المخاطر السياسية فى ظل ما تشهده البلاد من أزمة سياسية وحالة أمنية متردية. كانت لجنة السياسة النقدية لدى البنك المركزى المصرى قد قررت فى اجتماعها الخميس الماضى تثبيت أسعار الفائدة على عائد الإيداع للمرة التاسعة على التوالى عند مستوى 9٫25% وللإقراض لليلة واحدة بمقدار 10٫25%، وتثبيت سعر اتفاقات إعادة الشراء «ريبو» 7 أيام عند مستوى 9٫75% وتثبيت سعر الائتمان والخصم عند مستوى 9٫5%. وقال «المركزى» إنه فى ضوء توازنات المخاطر المحيطة بتوقعات التضخم ونمو الناتج المحلى الإجمالى، إضافة إلى حالة عدم التيقن فى الفترة الحالية فإن لجنة السياسة النقدية رأت أن معدلات العائد لدى «المركزى» تعد مناسبة ولا حاجة لتغييرها فى الوقت الحالى. ووفقا لنظرة مستقبلية قال «المركزى»: إنه من الممكن أن تستمر المتغيرات السياسية الحالية فى مصر والمنطقة العربية فى التأثير على قرارات الاستهلاك والاستثمار وما له من انعكاس سلبى على القطاعات الأساسية فى الاقتصاد، فضلا عن أن المخاطر النزولية المحيطة بتعافى الاقتصاد العالمى لا تزال مستمرة على خلفية التحديات التى تواجهها بعض دول منطقة اليورو. ولفت إلى أنه من المتوقع ارتفاع مخاطر انخفاض معدلات نمو الناتج المحلى الإجمالى خلال الفترة المقبلة، لافتا إلى أنه على الرغم من أن التباطؤ فى النمو الاقتصادى المحلى قد يحد من المخاطر المحيطة بتوقعات التضخم فإن الفترة المقبلة قد تشهد ضغوطا تضخمية.