ثبت البنك المركزى سعر الفائدة للمرة التاسعة منذ خفضها فى اجتماع 17 سبتمبر 2009 لتكون 25 .8% أى منذ ما يزيد على العام ولكن هل مازالت الظروف كما هى؟ وأعلم ان كثيرا سيدلى بدلوه بأن تثبيتها فى مصلحة البورصة وما لا يعيه الكثيرون انه ليس دائما فى مصلحة سوق المال حيث ان تغير سعر الفائدة للايداع أو الاقراض ليس هو ما يؤثر على سوق المال ولكن سعر الفائدة هو دلالة على متغيرات اقتصادية تؤثر على سوق المال أى انه دلالة وليس سببا ويجب أن نتفهم هذا جيدا فتخفيض سعر الفائدة دلالة على محاولة الحكومات على انعاش الاقتصاد بالمساعدة على الاقراض لتحفيز الانفاق الاستهلاكى والتوسع فى المشروعات الصناعية والتجارية وخلافها مما يساعد على النمو الاقتصادى مما يعود بالايجاب على اسواق المال أى ان تخفيض سعر الفائدة ليس الهدف منه أو أثره هو توجيه الاستثمارات لسوق المال بدلا من ادخارها فى البنوك حيث ان طبيعة المستثمر فى سوق المال تختلف عن طبيعة مدخرى البنوك فالأول يقبل المخاطرة أما الثانى فهو يبحث عن الاستثمار الآمن ولكن اسواق المال ستتحرك ايجابيا بسبب نمو الاقتصاد الناتج عن تشجيع الاستثمار أما رفع الفائدة البنكية يعنى ان معدلات التضخم ارتفعت عن الحد المقبول وان الحكومات تتجه لسياسة انكماشية وهى تحاول كبح جماح التضخم بسحب السيولة المرتفعة مما يخفض معدلات الائتمان لتكلفتها المرتفعة مما يؤثر على نمو النشاط الصناعى والتجارى فمن الطبيعى ان يؤثر على أسواق المال وليس لأن المستثمرين سيحولون استثماراتهم من أسوال المال الى البنوك حيث ان طبيعة المستثمر تختلف كما اوضحنا سابقا كما انه مهما ارتفعت الفوائد البنكية فإن اسواق المال حينما تنتعش فإن مكاسبها قصيرة الأجل فى اسابيع قليلة تتخطى عوائد البنك فى سنوات . ولكن دائما كما نقول بالمثل المصرى "اللى يزيد عن حده ينقلب لضده" فتثبيت أسعار الفائدة عند معدلات منخفضة لفترات طويلة مع ارتفاع اسعار السلع الاستهلاكية والتى لا تنعكس على مؤشر التضخم الجديد للبنك المركزى حيث اخرج منه الخضر والفاكهة وهو بند مهم فى ميزانية الأسرة المصرية حيث إن الطعام يمثل على الأقل 60% من انفاق الأسرة المصرية على عكس الدول الغربية والتى لا يحوى مؤشرات التضخم بها المواد الغذائية حيث ان معظم دخول الغربيين تتجه لسداد قروض السيارة والسكن وخلافه فالسياسة الانفاقية للشعب يجب ان تنعكس على مكونات مؤشر التضخم للدولة ولكن بعد اخراج الخضر والفاكهة من مؤشر التضخم نجد ان المؤشر مستقر مما يشجع البنك المركزى على تثبيت سعر الفائدة والذى نجد انه أثر سلبا على سعر صرف الدولار والذى انطلق سريعا الى مستوى 78 .5 وحتى حينما اقر الاحتياطى الفيدرالى الامريكى خطة التيسير الكمى تراجع الدولار لمستوى 71 .5 ولكنه عاد وارتفع فى اليوم التالى الى 75 .5 مرة أخرى مرتفعا 4 قروش فى يوم واحد وهو ما يعنى انه قد تظهر سياسة الدولرة "تحويل المدخرات الى الدولار" مرة أخرى كما حدث أعوام 2002 و2003 حين وصل سعر صرف الدولار فى البنك الى 25 .6 جنيه أما فى السوق السوداء فقفز الى 25 .7 جنيه ان استطعت الحصول عليه وقد تحدثنا فى مرة سابقة على تأثير ارتفاع سعر الدولار وأثره السلبى على اقتصاد سوق المال المصرى . ولمقارنة سعر الفائدة على سوق المال المصرى كعلاقة مباشرة دعنا نعود لعام 2002/2003 حينما انخفضت اسعار الفائدة فى مصر بشكل مبالغ فيه وبدأت تعود للارتفاع مرة أخرى مع بدايات عام 2003 كانت هى بداية انطلاق سوق المال المصرى وظلت اسعار الفائدة فى الارتفاع حتى منتصف عام 2003 ووصلت الى مستوى 14% وفى نفس الوقت كانت اسواق المال ترتفع ثم بدأت اسعار الفائدة تتراجع واكملت سوق المال المصرية ارتفاعاتها حتى عام 2008 ومن وجهة نظرى ان رفع اسعار الفائدة اكبح قفزات العملة الخضراء أمام الجنيه فأعاد للجنيه المصري زهوته حتى عاد الطلب عليه أولا ثم بدأ تخفيض سعر الفائدة لتشجيع الاستثمار وكلتا الخطوتين كانت لها عظيم الأثر على سوق المال فى رفع اسعار الفائدة ثم تخفيضها أى ان رفع سعر الفائدة فى بعض الاحوال يكون مهم جدا تبعا لظروف الدولة كما ان مزاد البنك المركزى لأذون الخزانة الأسبوع قبل الماضى أى قبل اجتماع لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزى بأيام قليلة لم يتم تغطية سوى مليار ونصف المليار من ثلاثة مليارات جنيه عرضت كأذون خزانة لمدة 273 يوما بالرغم من وصول سعر العائد عليها الى 3 .10% مقارنة بالمزاد السابق فى شهر اكتوبر وكان سعر العائد 8 .9% وهو اكبر دليل على أن سعر الفائدة على الجنيه المصرى لم يعد مغريا بالاستثمار حتى فى أذون الخزانة مع انعدام نسبة المخاطرة وهو جرس انذار لا يجب اهماله . وكم اخاف ان يكون تثبيت سعر الفائدة بسبب ارتفاع الدين الحكومى مما يخفض اعباء خدمة الدين عنه فى حالة رفع سعر الفائدة ولكنى لا اعتقد ان يكون هذا هو السبب حي