الدولار، يضع المستوردين في مأزق!!.. اصبحوا عاجزين عن فتح اعتمادات مستندية بالبنوك ، لتلبية احتياجاتهم من العملة الصعبة بالسعر الرسمي، كما اصبحوا غير قادرين على مقاطعة السوق السواء لتجارة الدولار، فيلجأون إليها مضطرين ، لتدبيراحتياجاتهم من الدولار ، فيشترونه بسعر مرتفع عن السعر الرسمي.. والنتيجة الحتمية في هذه الحاله هي ارتفاع أسعار السلع المستورده تامة الصنع بالخارج، أو تلك المصنوعة محليا من خامات مستوردة، خاصة أننا - بحسب تقديرات الخبراء والمستوردين - نستورد أكثر من 60% من احتياجاتنا من الخارج. هكذا انتعشت السوق السوداء لتجارة العمله، في ظل عجز المستوردين عن تدبيره من البنوك، فيما تراجع صافى احتياطى النقد الأجنبى ، للمرة الأولى منذ 5 أشهر بنهاية شهر الشهر الماضي بقيمة 1.027 مليار دولار أمريكي، - وفقا لتقارير البنك المركزى، حيث بلغ الاحتياطى النقدى نحو 15.882 مليار دولار بنهاية شهر نوفمبر مقابل 16.909 مليار دولار فى نهاية شهر أكتوبر الماضي ، وهو ما يعد أكبر خسارة للاحتياطى منذ شهر يونيو 2013. 15% زيادة في أسعار الملابس وكأي من القطاعات الانتاجية، تأثرت صناعة الملابس الجاهزة بارتفاع سعر الدولار.. هكذا قال لنا يحيى زنانيري رئيس شعبة الملابس الجاهزة بغرفة القاهرة التجارية، حيث يباع الدولار في السوق السوداء بسعر 770 قرشا حاليا ، ما أسهم في تقليص الواردات، حيث إنتابت مستوردي الملابس الجاهزة حالة من الحذر والترقب، ,أدى ارتفاع سعر الدولار، إلى زيادة الأسعار بنسبة 15 %، وفي المقابل ، تراجعت القدرة الشرائية لدى مستهلكي الملابس الجاهزة ما أدى لارتفاع معدلات الركود بنسب تجاوزت نحو 50% بالأسواق. وهكذا يبدو- كما يقول زنانيري- أن هناك تأثيرا مباشرة لارتفاع سعر صرف الدولار على أسعار الملابس الجاهزة، لاسيما المستورده، وليس الدولار وحده هو المسئول عن ارتفاع أسعار المنتجات، فهناك عوامل أخرى كثيرة، منها الطاقة ومنها أيضا ارتفاع تكلفة النقل، وزيادة الأجور. السياسة النقدية يتعجب أحمد شيحة رئيس شعبة المستوردين بغرفة القاهرة التجارية- من الاتهام الدائم والمستمر للمستوردين بأنهم وراء استنزاف الدولار، واستيراد سلع عشوائية واستفزازية، للتغطية على فشل السياسة النقديه، متجاهلين الشركات الدولية متعددة الجنسيات، والتي تعمل في مجالات كثيرة داخل البلاد، كشركات الأسمنت، والبترول، واستيراد الأقماح، والاتصالات، والانترنت، إضافة إلى الكيانات الاقتصادية الكبرى، والتي إما مملوكة لمستثمرين أجانب بالكامل، أولها وكلاء في مصر، تلك الشركات على حد قول أحمد شيحه- تعمل داخل مصر، وتحقق أرباحا خيالية، ثم تقوم بتحويل أرباحها للخارج، في أي وقت وبأي مبالغ، ودون أية قيود، مع أنها في الحقيقة لم تضف شيئا للناتج القومي، ولا الاحتياطي النقدي، في وقت نعجز فيه نحن المصريين ،عن توفير الدولار لتغطية احتياجاتنا الدولارية، خاصة أن البنوك لا توفر الدولار لاستيراد السلع الاستهلاكية، ما يدفع المستوردين لتدبيره من السوق الموازية بأسعار مرتفعة، وهو ما يصطدم برغبة التجار ، وحرصهم على تخفيض هامش ربحهم من أجل الحفاظ على الأسعار فى ظل الكساد الذي تشهده الأسواق حاليا، الأمر الذي يستلزم ضرورة تدخل البنك المركزى ، وضرورة موافقته على السماح للمستوردين بفتح الاعتمادات المستندية بتسهيلات الموردين الخارجيين، فليس من المعقول أن يتوصل المستوردون لاتفاقات مع الموردين الخارجيين، ثم يطالبنا البنك المركزي بإيداع كامل المبلغ، ما يحرمنا من الاستفادة من تسهيلات السداد التي يتم الاتفاق عليها مع الشركات الخارجيه الموردة ، في حين يحصل المستثمر الأجنبي على كافة التسهيلات، وهنا تبدو التفرقة وعدم المساواة واضحة للعيان، باستثناء حفنة من المستثمرين المحليين ، من أصحاب النفوذ الحل كما يراه شيحة هو إيقاف نشاط شركات الصرافة، على أن تقوم البنوك بفتح فروع لها في غير مواعيد العمل الرسمية، أو رفع رأس مال كل شركه إلى 10 ملايين دولار، يتم إيداعها بالبنك المركزي لصالح شركة الصرافه، كما أقترح أن يتفق البنك المركزي مع البنوك الأجنبية العاملة في مصر على رفع رأسماله لمليار دولار مدفوع في البنك المركزي، ولا يتم وضع قيود عليه في التمويل، كما يجب تنظيم تحويلات أرباح الشركات لأجنبية للخارج، بحيث لا تقوم بتحويل أرباحها في وقت واحد، حتى لا تحدث أزمة في الدولار، مطالبا بضرورة اشتراط وجود نسبة لمستثمر المحلي في أي استثمار أجنبى، كما تفعل الكثير من الدول العربية المجاورة. السوق السوداء للدولار وبشكل عام، فإن ما يحدث منذ عدة أيام فى سوق الصرف المصرى، وارتفاع قيمة صرف الدولار بنسبة تزيد على 5% خلال اقل من أسبوع، تمثل ناقوس خطر حقيقى لمشاكل اقتصادية واجتماعية، وأيضا سياسية.. هكذا قال لنا الدكتور عبدالنبى عبدالمطلب، مدير عام التحليل الاقتصادى بوزارة التجارة الخارجية، ومستشار وزير التموين الأسبق -، حيث لا توجد في تقديري- أسباب منطقية لهذا الارتفاع الرهيب فى سعر صرف الدولار خلال أسبوع، ليصل إلى نحو 7.68 جنيه للدولار، كما أن هذه الفترة من العام لا تتزامن مع مواسم الحج أو العمرة، أو موسم تمويل واردات معينة، مثل ياميش رمضان مثلا، كما انها ليست فترات بداية اعوام جامعية فى مختلف دول العالم، حيث يحول بعض المصريين تكاليف تعليم أبنائهم فى أوروبا وأمريكا، بل العكس هو الصحيح، فالمفروض أن هذه الفترة هى فترة قدوم السياحة العالمية، والعربية إلى مصر . ولكن .. هل سيؤثر ارتفاع سعر الدولار فى السوق الموازية على المنتج المحلي أم على المستورد فقط؟ الإجابة كما يقول عبدالمطلب يعلمها الجميع، وبالتأكيد سوف ترتفع كافة الأسعار، بغض النظر عن كونها إنتاج محلى أو مستورد، فجزء كبير من مكون السلع المنتجة محليا هو مستلزمات إنتاج مستورد، فمن المعروف أن مصر تستورد أكثر من 50% من احتياجاتها الكلية من الخارج، كما أن نسبة تغطية الصادرات المصرية للواردات المصرية، قد انخفضت الى نحو46.1% فقط فى نهاية نوفمبر 2014، يضاف إلى ذلك أن مصر مستورد صافى للغذاء، كما أنها اكبر الدول المستوردة للقمح على مستوى العالم، ولا اعتقد أن هناك من يستطيع توقع نسبة الزيادة، نظرا لعدم وجود تقديرات واضحة، لنسبة الزيادة فى أسعار الدولار، لأنها زيادة غير رسمية، ولا اعتقد انه يمكن البناء عليها. ويبقى السؤال الأهم ،، هل هذه الزيادة مبررة ومقبولة؟ - عبد المطلب : فى اعتقادى أن هذه الزيادة غير مبررة وغير مقبولة على الاطلاق لجميع السلع المنتجة محليا، والتى يدخل فى انتاجها المكون الاجنبى بنسبة لا تزيد عن 25%، مثل كافة انواع السلع الغذائية، والحبوب بمختلف انواعها، والخضر والفاكهة، والسلع الصناعية مصرية الصنع.. اما بالنسبة للسلع المستوردة او التى يزيد فيها المكون المستورد عن 75%، ولا يغطيها الاعتماد المستندى للبنك المركزى، فهذه قد تُقبل زيادتها لمن يصرون على استهلاكها، وأعتقد أن عدم التدخل السريع لوقف هذا الاختلال الرهيب فى أسعار الصرف، سوف ينتج عنه الكثير من المشاكل السياسية والاجتماعية، خاصة فى ظل ظروف الاستقطاب السياسى الحالى، كما أن هذه الزيادة سوف تعطى رسالة سلبية للاستثمار العالمى . سألناه: هل لدى البنك المركزى آليات قانونية لمواجهة هذا الارتفاع المستمر في سعر الدولار؟ - عبد المطلب: لا اعتقد أن هناك آليات قانونية واضحة، يمتلكها البنك المركزى لمواجهة ارتفاع أسعار الدولار فى السوق الموازية، فلا يوجد قانون يجرم حمل المواطن المصرى للنقد الأجنبى، بل ولا يوجد ما يمنعه من استخدامه كأداة للوفاء بمشترياته، وكل ما يملكه البنك المركزى هو فرض غرامات على شركات الصرافة والبنوك التى تخالف السعر المعلن، وكما هو معلوم فإنه من الصعب جدا إثبات هذه المخالفات ، حيث يمكن أن تتم عمليات بيع وشراء الدولار بعيدا عن مقر الشركة، ومن يتابع مواقع التواصل الاجتماعى سوف يجد مليارات الدولارات المعروضة للبيع والشراء. كما أن الإجراء الذى تم بغلق عدد من الشركات المخالفة لم يحد من المشكلة بل ساهم فى تفاقمها، إذ جعل عمليات التداول فى الدولار تتم بعيدا عن القنوات الرسمية. وإذا كنا نتحدث عن حلول عملية لضمان عدم تكرار هذه المشكلة كل فترة، وتلافى الآثار السيئة لها، فالحلول معلومة، ولا تحتاج إلا لإدارة جيدة لوضعها موضع التنفيذ،فالحفاظ على استقرار سوق الصرف يستلزم اقتصادا قويا متماسكا يقوم على أساس المنافسة وتكافؤ الفرص، ومعدلات نمو معقولة تضمن زيادة الإنتاج وتجويده، بما يؤدى إلى زيادة تنافسيته فى الأسواق الخارجية من جهة، وإحلاله محل السلع المستوردة فى الأسواق الداخلية من جهة أخرى، وكذلك تنويع مصادر الدخل من النقد الاجنبى، إذ أنه ليس من المعقول الاكتفاء بقطاع السياحة فقط. واعتقد ان مصر لديها مخزونا استراتيجيا هائلا من العملات الصعبة، يمكنها استدعائه وقتما تشاء، وهو القوى المصرية العاملة فى الخارج، حيث كان لدى هؤلاء امل كبير ان يتاح لهم فرصة للاكتتاب فى شهادات استثمار قناة السويس ذات العائد بالعملات الصعبة، وهذا لم يحدث، وفى اعتقادى ، فإن تبنى الدولة لمجموعة من المشروعات القومية الهامة بنفس اسلوب ادارة شهادات استثمار قناة السويس، كفيلة بجذب مابين 6 الى 8 مليارات دولار خلال 6 شهور على الأكثر.