لا يمكن الحديث عن المجتمع اليمني، بلا ذكر نبات القات الذي يتغلغل في حياة اليمنيين، وهو أحد علامات الحياة الرئيسية فيها، فقد ارتبط المواطن اليمنى بكل فئاته العمرية بتناول نبات القات بطريقة معينة، حيث يضع اليمني بعض أوراق النبات في فمه ويمضغه دون أن يبتلعه ولكنه يقوم باستحلابه وإلقاء ما تبقي من فمه، ثم يعاود الكرة في جلسات تتم يوميا - من ساعات تنظيم المظاهرات التى تشهدها عدة مدن يمنية، كما يخفف من آثارها السلبية، سواء كانت هذه المظاهرات مؤيدة للقيادة السياسية والحزب الحاكم، أو كانت معارضة، وتطالب بإسقاط النظام والحزب الحاكم. اعتاد المواطن اليمنى على أن يخصص فترة الظهيرة لجلسات القات، الذي يصيب الجسم بالخدر، ولا يحرمه القانون هناك، وتستمر الجلسة، حتي المساء، ويتناول خلالها مناقشة وتبادل الآراء حول كل الأمور الحياتية اليومية، بالبحث والتحليل، وكذلك القضايا السياسية والاجتماعية التى تظهر علي الساحة اليمنية، وحتى إقليميا وعربيا ودوليا. وتتزايد أعداد المتظاهرين فى الفترة الصباحية، بمختلف المدن اليمنية، إلى أن يأتى وقت الظهيرة، حيث تقل هذه الأعداد بدرجة كبيرة، استعدادا لتناول وجبة الغداء، ثم بدء جلسات القات. يتناول المجتمعون في هذه الجلسات، ما يشبه التقرير عن نتائج المظاهرات وما تحقق من مطالب، استجابت لها السلطة اليمنية، والتشاور حول الخطوة المقبلة، وماذا يمكن عمله أثناء المظاهرات، سواء فى الفترة المسائية من اليوم نفسه، أو فى الفترة الصباحية من اليوم التالى. يعتبر المتظاهرون اليمنيون فترة جلسات القات، التى تبدأ من الظهيرة إلى المساء، بمثابة تقييم للأوضاع وأيضا فترة استراحة واستعادة لنشاطهم، لبدء يوم جديد من المظاهرات للتعبير عن مطالبهم. يرى بعض القوى المعارضة، التى تقف وراء جانب كبير من المظاهرات الاحتجاجية باليمن، أن استمرار المظاهرات خلال الفترة الصباحية فقط، كاف فى هذه المرحلة للتعبير عن المطالب، وأن المرحلة الحالية ليست مرحلة اعتصامات طويلة المدى، وذلك حتى يتم التعرف على مدى استجابة السلطة اليمنية لهذه المطالب. يؤكد هؤلاء أنه يمكن أن تتواصل المظاهرات على مدى اليوم، دون التوقف فترة الظهيرة لتناول القات، وأن يتم تناول القات أثناء التظاهر، ويشيرون إلى أن ذلك يتوقف على حجم الاستجابة للمطالب. بينما يرى آخرون أن جلسات القات مهمة، فى الوقت الحالى لأنها ستؤدى إلى تهدئة المتظاهرين، وتمكينهم من التفكير الهادئ، فيما يتعلق بالخطوات المقبلة، وكذا تخفيف حدة توتر الأعصاب، في أثناء فترات التظاهر والاعتصامات، والتى يقع خلالها العديد من التجاوزات. كما يرون أنه رغم سلبيات جلسات تناول القات (اجتماعيا وماليا وصحيا)، إلا أنها ستساعد فى الظروف الحالية فى تقليل فترات التوتر لدى جموع شباب المتظاهرين، إذا ما واصلوا التظاهر على مدى اليوم، وكذلك فى تقليل نسب الحوادث والإصابات، التى تقع بين المتظاهرين وحتى مع رجال الأمن.