قال المستشار زغلول البلشي، نائب رئيس محكمة النقض، مساعد وزير العدل السابق، إنه لا سند قانونيا لما دفع به الدكتور محمد سليم العوا ودفاع الرئيس المعزول محمد مرسي، اليوم الاثنين بعدم اختصاص محكمة الجنايات في محاكمة رئيس الجمهورية، بدعوى أن الرئيس يحاكم أما محكمة خاصة بالرئيس والوزراء. وأضاف البلشي في تصريح خاص ل"بوابة الأهرام" أنه في حالة غياب المحكمة الخاصة، فإن المتهم يحاكم أمام المحاكم العادية، ووفقا لقانون الإجراءات الجنائية وقانون العقوبات. وشدد على أن مثل هذا الأمر كان قد أثاره فريد الديب دفاع الرئيس الأسبق حسني مبارك، وتم دحضه وحوكم مبارك أمام المحكمة العادية؛ نظرا لعدم إنشاء المحكمة الخاصة. وأوضح البلشي أن قول دفاع مرسي إن دستور 2012 المعطل ينظم إجراءات محاكمة الرئيس والمحكمة التي تحاكمه، مردود عليه بأن الدستور سقط، وحتى لو كان الدستور ساريا، فإن المحكمة الخاصة به لم يتم إنشاؤها، ومن ثم فكل الطرق تؤدي إلى محاكمته أمام المحكمة العادية كمواطن عادي. وأوضح البلشي أن نظام مبارك كان يروج لفكرة عدم وجود محاكم خاصة، أو تنظيم لمحاكمة الرئيس والوزراء، وأن هناك فراغا تشريعيا، وكانوا يتخذون من هذا الأمر ذريعة للإفلات من المحاسبة، وهذا أمر باطل؛ لأنه في حالة عدم وجود الخاص، فإن كل الأمور تؤول للعام. وأشار البلشي إلى أنه حتى لو تم وضع الدستور الجديد، وإقراره قبل انتهاء محاكمة مرسي، وكان بهذا الدستور تنيظم لمحاكمة الرئيس، فإنها لا تسري على مرسي؛ لأنه تم عزله قبل إقرار الدستور المقبل، ومن ثم فالنظام الجديد سيسري على الرئيس الموجود وقت إقرار هذا الدستور ومن يليه. وأشار البلشي إلى بحث قانوني أعده لتأكيد هذا الأمر حول أساليب محاكمة الرئيس والوزراء في مصر منذ دستور 1923، وحتى الآن. حسب البحث، فقد وضع دستور 1923 نظامًا خاصًا لاتهام رئيس الجمهورية والوزراء، ومحاكمتهم عن الجرائم التى تقع منهم فى تأديتهم وظائفهم، فطبقًا لنص المادة 66 من دستور 1923 يكون لمجلس النواب وحده حق اتهام الوزراء، فيما يقع منهم من جرائم فى تأديتهم وظائفهم، ولايصدر قرار الاتهام إلا بأغلبية ثلثى الآراء، وتكون محاكمتهم أمام مجلس الأحكام المخصوص وحده. ويشكل هذا المجلس من رئيس المحكمة الأهلية العليا رئيسا، ومن ستة عشر عضوا، ثمانية منهم من أعضاء مجلس الشيوخ يختارون بطريق القرعة، وثمانية من قضاة تلك المحكمة المصريين بترتيب الأقدمية، وعين القانون 126 لسنة 1952 أحوال مسئولية الوزراء، وحدد القانون 127 لسنة 1952 الإجراءات التى تتبع أمام مجلس الأحكام المخصوص ومكان انعقاده. وأضاف البلشي في بحثه أن المادة 112 نصت على أن يكون اتهام رئيس الجمهورية بالخيانة العظمى، أو عدم الولاء للنظام الجمهورى بناء على اقتراح مقدم من ثلث أعضاء مجلس الأمة، و يصدر قرار الاتهام بأغلبية أعضاء المجلس، وتكون محاكمة رئيس الجمهورية أمام محكمة خاصة ينظمها القانون، وإذا حكم بإدانته أعفى من منصبه، مع عدم الإخلال بالعقوبات الأخرى، ومن ثم فطبقا لدستور 1923، فإن اتهام رئيس الجمهورية، والوزراء له إجراءات خاصة، وأمام محكمة خاصة. وأوضح البحث أنه بعد ثورة يوليو 1952 جاء دستور 1956، ونص فى المادة 152 على أن لرئيس الجمهورية، ولمجلس الأمة حق إحالة الوزير إلى المحاكمة عما يقع منه من جرائم فى تأديته وظيفته، ويكون قرار المجلس بالاتهام باقتراح من خمسة أعضائه، ولا يصدر قرار الاتهام إلا بأغلبية ثلثى أعضائه، ويعين القانون الهيئة المختصة بمحاكمة الوزراء، وإجراءات محاكمتهم، وطبقا لنص المادة 153 يسرى على نواب الوزراء ما يسرى على الوزراء. وقال البحث إنه يلاحظ بعد أن كان حق اتهام الوزراء مقصورًا على مجلس النواب وحده فى دستور 1923، أصبح هذا الحق لمجلس الأمة ولرئيس الجمهورية أيضا فى دستور 1956، وأصبح قرار الاتهام بناء على اقتراح من خمسة أعضاء المجلس، ولا يصدر قرار الاتهام إلا بأغلبية ثلثى أعضائه. ونفاذًا لنص المادة 153 من دستور 1956 صدر القانون رقم 247 لسنة 1956 بشأن محاكمة رئيس الجمهورية والوزراء، ونص فى المادة الثانية منه على إلغاء القانونين 126 و127 لسنة 1952، ونص فى المادة 6 على معاقبة رئيس الجمهورية بالإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة إذا ارتكب عملا من أعمال الخيانة العظمى أو عدم الولاء للنظام الجمهوري وتغييره إلى نظام ملكي، أو وقف دستور الدولة كله أو بعضه، أو تعديل أحكامه دون اتباع القواعد والإجراءات المقررة فى الدستور، وعينت المادة 7 أحوال محاكمة الوزراء، وحددت المادة 10 وما بعدها من القانون اتهام رئيس الجمهورية، أو الوزير، والمحكمة التى يحاكم أمامها، وإجراءات اتهام رئيس الجمهورية أو الوزير، ومكان انعقاد المحكمة، والقواعد والإجراءات التى تتبع أمامها، كما نص فى المادة 26 على سريان أحكام هذا القانون على نواب الوزراء. وقال البحث إنه في سنة 1958 تأسست الجمهورية العربية المتحدة بالوحدة بين مصر وسوريا، وصدر الدستور المؤقت للجمهورية العربية المتحدة، ونص فى المادة 49 على أن لرئيس الجمهورية ولمجلس الأمة حق إحالة الوزير إلى المحاكمة عما يقع منه من جرائم أثناء تأديته وظيفته، ويكون قرار الاتهام بناء على اقتراح من خمس أعضاء المجلس، ولا يصدر قرار الاتهام إلا بأغلبية أعضاء المجلس. ثم صدر القانون رقم 79 لسنة 1958 بشأن محاكمة الوزراء في إقليمي الجمهورية العربية المتحدة، ونص فى المادة الثانية على إلغاء كل نص يخالف أحكام هذا القانون، وطبقا لنص المادة 1 تتولى محاكمة الوزراء محكمة عليا تشكل من اثني عشر عضوا، ستة منهم من أعضاء مجلس الأمة يختارون بطريق القرعة، وستة من مستشاري محكمة النقض ومحكمة التمييز، ثلاثة منهم يختارهم بطريق القرعة مجلس القضاء الأعلى فى كل إقليم، وعدد مساو يختارون بطريق القرعة من أعضاء مجلس الأمة، ويختار بذات الطريقة عدد مساو من أعضاء مجلس الأمة والمستشارين بصفة احتياطية، ويرأس المحكمة أقدم المستشارين، وتنعقد بدار القضاء العالى بالقاهرة، وحددت المادة 5 أحوال محاكمة الوزراء. وطبقا لنص المادة الثانية من القانون المدنى يعتبر القانون رقم 247 لسنة 1956 ملغي بنص المادة 2 من القانون رقم 79 لسنة 1958، ولا يغير من ذلك أن يكون القانون رقم 79 لسنة 1958 قد سقط أو انتهى بانتهاء الجمهورية العربية المتحدة بالانفصال بين مصر وسوريا، مادام المشرع لم ينص صراحة على العودة إلى القانون رقم 247 لسنة 1956، وعلى فرض أن القانون رقم 79 لسنة 1958 لم يتعرض للأحكام الخاصة بمحاكمة رئيس الجمهورية، ومن ثم مازالت قائمة، فإن هذه الأحكام تعتبر منسوخة أي ملغية بحكم المادة 112 من الدستور المؤقت الصادر سنة 1964، والتي وضعت نظامًا خاصًا لاتهام رئيس الجمهورية ومحاكمته على النحو التالي: إنه بعدالانفصال بين مصر وسوريا، وزوال الجمهورية العربية المتحدة، صدر الدستور المصري المؤقت سنة 1964، ونص في المادة 141 على أن يعين القانون الهيئة المختصة يمحاكمة الوزراء، وينظم القانون إجراءات إتهامهم ومحاكمتهم، ونص في المادة 112 على أن يكون اتهام رئيس الجمهورية بالخيانة العظمى، أو عدم الولاء للنظام الجمهوري، بناء على اقتراح مقدم من ثلث أعضاء مجلس الأمة على الأقل، ولا يصدر قرار الاتهام إلا بأغلبية أعضاء المجلس، وتكون محاكمة رئيس الجمهورية أمام محكمة خاصة ينظمها القانون، وإذا حكم بإدانته أعفي من منصبه، مع عدم الإخلال بالعقوبات الأخرى، ولم يصدر قانون محاكمة الوزراء، كما لم يصدر القانون الذي ينظم محاكمة رئيس الجمهورية، حتى صدور دستور 1971. وأكد البحث أنه ليس معنى ذلك أن رئيس الجمهورية والوزراء كانوا بمنأى عن المحاكمة، وإنما كانوا يخضعون للمحاكمة عما يقع منهم من جرائم طبقا للإجراءات العادية، وأمام المحاكم العادية، شأنهم في ذلك شأن الأفراد العاديين. ثم صدر دستور 1971 ونص في المادة 159 على أن لرئيس الجمهورية ولمجلس الشعب حق إحالة الوزير إلى المحاكمة عما يقع منه من جرائم في أثناء تأدية وظيفته أو بسببها، ويكون قرار مجلس الشعب باتهام الوزير بناء على اقتراح يقدم من خمس أعضائه على الأقل، ولايصدر قرار الاتهام إلا بأغلبية ثلثي أعضاء المجلس، ونصت المادة 160 على أن تكون محاكمة الوزير وإجراءات المحاكمة وضماناتها والعقاب على الوجه المبين بالقانون، وتسري هذه الأحكام على نواب الوزراء. ونصت المادة 85 على أن يكون اتهام رئيس الجمهورية بالخيانة العظمى أو بارتكاب جريمة جنائية بناء على اقتراح مقدم من ثلث أعضاء مجلس الشعب على الأقل، ولا يصدر قرار الاتهام إلا بأغلبية ثلثي أعضاء المجلس، وتكون محاكمة رئيس الجمهورية أمام محكمة خاصة ىنظم القانون تشكيلها وإجراءات المحاكمة أمامها ويحدد العقاب، وإذا حكم بإدانته أعفي من منصبه مع عدم الإخلال بالعقوبات الأخرى. ثم نظم دستور 2012 أسلوب محاكمة الرئيس والوزراء ولكن هذا الدستور تم تعطيله ومن ثم فمحاكمة الوزراء والرئيس تتم وفقا للقانون العادي. واختتم البلشي بحثه بتأكيد أنه حتى الآن لم يصدر قانون محاكمة رئيس الجمهورية، وقانون محاكمة الوزراء، ويظلون خاضعين للقانون العادي، والإجراءات العادية، وأمام المحاكم العادية، شأنهم شأن أى فرد من أفراد المجتمع، ومن ثم فمرسي ووزراؤه ينطبق عليهم ذلك.