تسلل الصراع السياسي الدائر بين نظام الحكم الجديد المعبر عن ثورة 30 يونيو وجماعة الإخوان المسلمين إلى المدارس المصرية، إلا أن الجماعة فشلت في رهانها على تعطيل الدراسة، ضمن مسلسل من الإحباطات والفشل يلاحقها وأنصارها منذ عزل الرئيس محمد مرسي يوم 3 يوليو الماضي. ورغم الضغوط التي مارستها الجماعة إعلامياً للحيلولة دون انطلاق العام الدراسي الجديد، رافعة شعار "لا دراسة ولا تدريس.. حتى عودة الرئيس"، فإن الحكومة أصرت على بدء الدراسة في موعدها المقرر سلفاً. فقد بدأت وانتظمت الدراسة يومي السبت والأحد ب46 ألف و727 مدرسة مصرية، تضم 479 ألفا و255 فصلا دراسيا موزعة على 27 محافظة، بإجمالي 17 مليون و769 ألف طالب بالتعليم قبل الجامعي (الابتدائي والإعدادي والثانوي بأنواعه)، بينهم تسعة ملايين و120 ألفاً من البنين، وثمانية ملايين و648 ألف طالبة، بحسب إحصاءات وزارة التربية والتعليم المصرية. وقد أجرى وزير التربية والتعليم المصري الدكتور محمود أبو النصر تغييرات واسعة قبل أيام بالمواقع والمناصب القيادية بالوزارة لتطهيرها من الإخوان، وكلف كبار مسؤولي الوزارة بالمرور على مدارس المحافظات لتفقد الدراسة بها، كما تم التنسيق مع وزارة الداخلية والجيش بشأن خطة تأمين المدارس. في المقابل، جرت مناوشات إخوانية محدودة في مناطق متفرقة، تركزت غالبيتها بمحافظتي سوهاج والمنيا، وتمثلت في امتناع مجموعات صغيرة العدد من التلاميذ عن الذهاب لمدارسهم، وتحرشات أمام بعض المدارس عن طريق رفع شعارات رابعة الصفراء وهتافات مؤيدة لمرسي، إضافة إلى كتابة عبارات مسيئة داخل بعض المدارس. وقد تمكنت الإدارات التعليمية بالتنسيق مع غرفة عمليات الوزارة والشرطة من السيطرة على كل هذه المحاولات. إلى ذلك، قامت الجماعة بطباعة كميات كبيرة من الكشاكيل والدفاتر رخيصة الثمن، مغلفة بشعار رابعة، وأخرى مدون على أغلفتها حزب "الحرية والعدالة"، والوصايا العشر ل"حسن البنا" مؤسس جماعة الإخوان المسلمين، ما دفع وزارة التموين للدخول على خط المواجهة وإصدار قرار بتجريم تداول تلك الكشاكيل والدفاتر، باعتبارها سلعاً مخالفة ومحظور تداولها. من جانبه، كشف مدير إحدى الإدارات بمنطقة شرق القاهرة التعليمية ل"العربية نت"، عن وصول قرار من وزير التعليم قبل بدء الدراسة بيومين، يوصي بإلزام جميع العاملين من مدرسين وإداريين، بالتوقيع على "تعهد" بالامتناع عن التحدث في السياسة داخل جدران المدرسة أو الفصول أو الدواوين الإدارية، مشيراً إلى قبول أغلب العاملين للالتزام بالقرار. من جانبها، أكدت الدكتورة هناء أبوشهبة، عميد كلية الدراسات الإنسانية بجامعة الأزهر وأستاذ علم النفس ل"العربية نت" أن منع السياسة في المدارس يستغرق وقتاً طويلاً، لأن كل الناس، ومنهم طلاب المدارس والجامعات، يتحدثون في السياسة، منذ يناير 2011، فكيف يتم منعهم في لحظات أو أيام قليلة؟ وشددت أبو شهبة على أن الحديث في السياسة ليس جريمة، بل يجب تخصيص حصص لمناقشة الأوضاع في البلاد والتدريب على العملية الانتخابية وأساليب الديمقراطية، وحبذا لو كان هذا لتلاميذ الثانوي، حيث تكون نفسية الطالب قد تشكلت، بحيث يمكنه رسم خريطة سياسية للوضع الداخلي، وتحديد انتماء لنفسه، وبالتالي اعتناق تيار سياسي معتدل. ولفتت أبوشهبة إلى أن جماعة الإخوان المسلمين تستقطب الأفراد لها منذ الصغر، وهذا هو الخطر، فالطفل يدخل إلى كهف الجماعة، وهو غير ناضج فكرياً منذ التاسعة أو العاشرة على أقصى تقدير، فيطمسون عقله، ويشب على تعاليمهم، ويدين لهم بالولاء والطاعة. فايزة محمد، مديرة مدرسة خاصة بالقاهرة، قالت ل"العربية نت": "إننا نقوم بالمرور على الفصول مع بداية ونهاية كل حصة لمتابعة ومراقبة المدرسين والتلاميذ أيضاً كما قمنا بتشكيل لجنة لإدارة الأزمات، لكتابة تقارير عن أداء المدرسين خلال الأسبوع الأول من الدراسة، خاصة وأن العام الماضي، شهد نمواً لظاهرة تطرق بعض المدرسين للسياسة داخل الفصل مع الطلاب، وإضاعة وقت الحصة، وتشتيت التلاميذ، وقد تم استبعاد هؤلاء المدرسين مع بداية العام الدراسي الجديد.