مازال حكم محكمة الاستئناف أمس بإخلاء سبيل الرئيس السابق مبارك بقضية قتل المتظاهرين، وتأكيد حكم الإفراج بقوة القانون، يلقي ردود فعل غاضبة، لكون التساؤل الكبير إذ كان مبارك لم يتسبب في مقتل المتظاهرين خلال فترة الثورة فمن فعلها إذن..؟ وما هو نوع المسئولية القانونية التي تقع عليه؟. وحسب الرأي القانوني، فإن إخلاء سبيل مبارك لا يعني البراءة من التهم التي ألصقت به في تلك القضية، وإنما هو إجراء روتيني وقانوني بسبب قضائه فترة العامين بالحبس الاحتياط. وأن قرار الإفراج أتى واضحًا بهذا السياق حيث اشترط الإفراج بضرورة عدم تعرضه للمساءلة القانونية في جرائم أخرى. من هنا نشأ جدل بين قوة القانون التي يشعر الناس أنها شبه غائبة داخل المجتمع، ومقتضيات الأمر الواقع الداعية لمحاكمة رئيس قامت عليه ثورة بسبب فساد سياسي ومالي نال من تماسك وعافية المجتمع. فمن جانبه، قال محمد زارع محامي 550 من أسر الشهداء و مصابي ثورة 25 يناير، إن المادة 143 من قانون الإجراءات الجنائية حددت مدة الحبس الاحتياطي بسنتين للجرائم التي يصدر فيها حكم بالإعدام أو المؤبد، وبذلك فقد قضي مبارك الحد الأقصى من الحبس الاحتياطي، مضيفاً أن قرار المحكمة نفذ صحيح القانون. وحول حبس مبارك احتياطيًا بقضية الفساد المالي الخاصة بقصور الرئاسة، تساءل زارع هل ظهر الفساد المالي قبل أسبوع من انتهاء حبسه احتياطيًا لكونه يعطي انطباعًا بالعمل لمد حبس المتهم مبارك فقط معربًا عن ثقته بالقضاء المصري الشامخ ومطالبًا بضرورة أن يحصل المتهم علي حقه الكامل بالدفاع عن نفسه ومحاكمة عادلة، بما فيها محاسبته علي الجرائم التي ارتكبها مؤكدًا ارتكابه الكثير من الجرائم ضد الشعب المصري. وحول طريقة سير المحاكمات، نبه زارع أن من الضروري أن تتم محاكمة لمبارك ونظامه بطريقة أسرع مما يحدث الآن، وتقديم النيابة الأدلة والمستندات، قائلا: أستشعر أن المحاكمة تسير بطريقة غير سليمة حيث لم يحاكم الرئيس السابق علي أي من انتهاكات وقعت من اختفاء قسري وتعذيب للمواطنين والفساد المالي وتزوير الانتخابات وغيرها من الجرائم التي ارتكبت بعهده وقصره التهم على فترة ما بعد 25 يناير 2011 فقط، ومن ثم فهو يحاكم في قشور القضايا التي لا تشفي صدور أسر الشهداء والمصابين ما منح الوقت الكافي لمبارك ونظامه لإخفاء الأدلة وطمس الحقيقة. أضف لذلك أن ما يحدث الآن من تسويات مع رموز هذا النظام، محاولة للضغط علي أصدقائهم للحصول علي مكاسب علي حد قوله. مؤكدًا - وكلام - لزارع- أنه كان يتوقع بعد تغيير رئيس المخابرات والنائب العام ووزراء الداخلية والدفاع والعدل كان من الضروري الحصول علي المستندات والأدلة التي تدين النظام السابق. فيما أكد الدكتور أيمن سلامة أستاذ القانون الدولي العام، أن قرار المحكمة أتى بقضية محددة وهي قتل الثوار نتيجة استيفاء المتهم الحد الأقصى للحبس الاحتياطي، غير أن هناك قضايا أخري منها قضية القصور الرئاسية والمال العام والتربح تجعله يظل بمحبسه لحين الفصل فيها. وأضاف أن الدائرة الجديدة التي ستنظر قضية قتل الثوار هي التي ستحدد استمرار حبس مبارك من عدمه، والرأي الراجح أن ملابسات القضية القانونية والسياسية تستلزم حبسه. وقال: مبارك بوصفه رئيس الجمهورية وقت وقوع الأحداث والتي رآها الجميع رأي العين لديه ثلاث مسئوليات: المساهمة الايجابية لكونه أمر أو ساعد أو نفذ الجرائم ضد المواطنين؛ ثم المساهمة السلبية بالامتناع عن التدخل لوقف تلك الجرائم؛ وأخيرًا مسئولية القيادية بأن علم أو من المفترض أن يعلم قيام المرءوسين بأعمال قتل ولم يقم بإحالتهم للتحقيق ووقف هذه العمليات فورًا، مشددًا علي أن الرئيس السابق كان يتابع ما يحدث عن كثب منذ انطلاق الثورة من خلال بث حي دون التحرك. واستشهد سلامة بما حدث في ألمانياالشرقية عام 1991 عند محاكمتها للرئيس الديكتاتور اريك هونكر في قضية قتل المتسللين من ألمانياالشرقيةلألمانياالغربية عبر سور برلين، إذ أعملت المحكمة قواعد القانون الدولي وليس الوطني بالمسئولية القيادية للرؤساء والقادة عن منع أي مسئول عن ارتكاب الجرائم بوصفه رئيس الجمهورية وقيادة الأجهزة الأمنية من جيش وشرطة وحرس حدود، وشدد علي أن مفهوم العدالة الانتقالية لا يعني أبدًا الإفلات من العقاب وإنما كشف الحقيقة ثم المحاكمات وصولاً إلى جبر الضحايا والمجتمع. ومن جانبهم أدان شباب الثورة قرار المحكمة، وأكدوا أن ما حدث ما هو إلا سلسلة من قرارات العفو الإخواني الشامل التي يستند لها نظام الأخوان المسلمين المتمثلة في " أوكازيون البراءات" التي حصل عليها العديد من رموز النظام السابق بالفترة الأخيرة. مؤكدين أن هذا الوضع السيئ ينذر الرئيس بالغضب العارم من الثوار وسيحاكم كل المفسدين وكل من ساعدهم في الهرب من العقاب. وقال عمرو حامد، المتحدث باسم اتحاد شباب الثورة، إن قرار إخلاء سبيل مبارك هو سقوط لدولة العدل ويثبت أن ما نعيشه الآن هو دولة الظلم بكل أشكالها في ظل حكم الإخوان، ففي نفس الوقت الذي يخرج فيه المجرمون من السجون ويتم تبرئتهم، يتم حبس الثوار واعتقالهم في اتهامات واهية، ويؤكد أن المسألة لا تخالف كثيرًا بين القصاص للشهداء والشعارات التي حملها الرئيس في برنامجه الانتخابي أكد عليها بميدان التحرير، بسبب الرغبة بالسلطة. أكد أن قرار الإفراج يثبت أن فشل الإعلان الدستوري الذي قسم المجتمع في إعادة المحاكمات والقصاص للشهداء. فيما أضاف هشام الشال، المتحدث الإعلامي باسم حركة الغضب الثانية، أن القرار بمثابة صفقة بين الإخوان والإمارات لخروج مبارك مقابل خروج عناصر التنظيم الإخواني من سجون الإمارات وأن ما يحدث من الإخوان هو استكمال لسياسة مبارك. أما عصام الشريف منسق الجبهة الحرة لتغير السلمين فقال: إن إخلاء سبيل مبارك يعتبر تطبيقًا ضمنيًا لما طرح بوقت سابق من قبل مؤسسة الرئاسة عن المصالحة الوطنية مع رموز النظام السابق لاستعادة الأموال المهربة للخارج، في محاولة فاشلة لحل الأزمة الاقتصادية التي فشلت الحكومة بكل توسلاتها للخارج بحلها. وأكد أن تلك ليست مجرد شكوك أو اتهامات توجه للنظام الحالي ولكنها حقائق، ففي الوقت الذي يخلى فيه سبيل من أفسدوا الحياة السياسية بمصر لمدة 30 عامًا يتم حبس النشطاء السياسيين واستدعائهم من قبل نائب عام فاقد للشرعية حيث شهدنا مؤخرًا تجديد حبس معتقلين حركة 6إبريل. وقال إن شباب الثورة لن يقف مكتوفي الأيدى وينظر لإجهاض ثوره 25 يناير، لذلك قرر المكتب التنفيذي للجبهة تنظيم مسيرة يوم الجمعة القادم من ميدان طلعت حرب في تمام الخامسة مساءا للتحرك أمام مكتب النائب العام في السادسة مساءً وذلك للتنديد بقرار إخلاء سبيل الرئيس المخلوع، وتجديد حبس النشطاء السياسيين من حركة 6إبريل، وإعلان عدم شرعية النائب العام بإصدار أي قرارات بموجب حكم محكمة القضاء الإداري الصادر مؤخر، وأنه بدا واضحا انشغاله بقمع النشطاء السياسيين ويغض الطرف عن قضايا القصاص لشهداء الوطن. كما قال احمد بسيوني منسق حركه 6 أبريل : بعد مهزلة إخلاء سبيل المخلوع, نرجو أن يكون واضحًا للشعب من هم أعداءه وأعداء الثورة وبعد أن تأكد الجميع من معالم صفقة الخروج الآمن والتي اعتقدنا أنها للمجلس العسكري فقط ولكنها طالت مبارك وكبار أعوانه. وأضاف أن شبا ب الثورة طالبوا مرارًا بمحاكمات ثورية ولكن بعض القوى السياسية والشخصيات المتمسحة بالثورة كانت ترفضها، ليعرف الشعب من هم الإخوان الذين دعموا المجلس العسكري الذي طمس الأدلة والملفات وشرائط الفيديو التي تدين مبارك، ثم بعد ذلك تم تكريم المجلس العسكري من قبل مؤسسة الرئاسة.