شهد الجنيه المصري تحولات دراماتيكية خلال عام 2012 الذي أوشك على الانتهاء، بعدما تهاوت قيمته، ووصل لأدنى مستوياته أمام الدولار الأمريكي واليورو والجنيه الإسترليني، مدفوعًا بالأوضاع الاقتصادية والسياسية التي شهدتها البلاد. وارتفع الدولار أمام الجنيه بنسبة تتجاوز 8% خلال عام 2012، لتسجل العملة الأمريكية مستوى 6.30 جنيه ، اليوم الأحد مقابل متوسط يبلغ 5٫79 جنيه ببداية العام، مع عودة الدولرة والسوق السوداء لمصر، للمرة الأولى منذ عدة سنوات بفعل توقعات باستمرار العملة الأمريكية في الارتفاع. وشهدت مصر في العامين الماضي عدة تحديات أهمها تراجع الدخل السياحي بنحو 30% سنويًا نتيجية لتردي الأوضاع الأمنية، بالإضافة إلى انحصار الاستثمارات الخارجية المباشرة كلًيا، والخروج الكامل لاستثمارات الأجانب في أوراق الدين نتيجة لارتفاع المخاطر المحيطة بالاقتصاد المصري. كما عانت مصر من تخفيض التصنيف الائتماني لمصر ب 5 درجات، مما أدى لتحول ميزان المدفوعات من تحقيق فائض بلغ نحو 1.3 مليار دولار أمريكي في نهاية 2010 لعجز بلغ نحو 21.6 مليار دولار على مدى عام ونصف العام. وفي محاولة لتحجيم المضاربات، أعلن البنك المركزي مع نهاية العام عن آلية جديدة تتعلق بطرح عطاءات دورية لشراء أو بيع الدولار الأمريكي تتقدم إليها البنوك بعروضها، بسهدف الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي، والاحتياطي النقدي وترشيد استخدامه. وأمام نقص الدولار، لجأت بنوك مصرية إلى السحب من أرصدتها بالعملة الأجنبية الموجودة بالخارج، حيث شهد مطار القاهرة الدولي في ديسمبر الماضي وصول 50 مليون دولار قادمة من سويسرا لصالح أحد البنوك الوطنية، بجانب 75 مليون دولار قادمة من سويسرا لصالح بنوك عامة. كما قفز الجنيه الإسترليني أمام الجنيه بنسبة تقارب ال 11% خلال عام 2012 مرتفعًا من مستوى 9٫08 جنيه إلى 10.20 جنيه، فيما صعد اليورور بنسبة تقارب ال 7.5% لينهي العام عند مستوى 8.33 جنيه مقابل 7٫69 ببداية العام السابق. كان البنك المركزي قد كشف أن الاحتياطي النقدي الحالي يمثل الحد الأدنى والحرج الذي يجب المحافظة عليه لتلبية الاستخدامات الحتمية المتمثلة في سداد أعباء المديونية الخارجية، حفاظًا على سمعة مصر في الأسواق المالية العالمية، وتغطية تكلفة الواردات من السلع الاستراتيجية التي تتركز في المواد البترولية والمنتجات التموينية، تلبية لاحتياجات المواطنين المعيشية الأساسية اليومية، فضلاً عن التحسب لمواجهة أي تحديات مستقبلية طارئة. كما واصل الاحتياطي النقدي تراجعه ليهبط من من 16.3 مليارًا في يناير2012 إلى 15 مليارًا في نوفمبر 2012، ليبلغ إجمالي ما فقده منذ يناير 2011 نحو 21 مليار دولار، وذلك رغم أن عام 2012 شهد دخول مساعدات قطرية وتركية لدعم الاحتياطي. يذكر أن الجنيه المصري عاش أزهي عصوره في عهد السلطان فؤاد "1917 1922" حيث كان يبلغ حينها 5 دولارات، وبلغت قيمته في عهد الملك فاروق "1936 1952" نحو 4 دولارات، وبعد اندلاع ثورة يوليو، واصل تراجعه ليبلغ في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، "1954 1970"، نحو 2.5 دولار. وفي عصر الرئيس الراحل محمد أنور السادات "1970 1981" فقد الجنيه جزءا كبيرًا من قيمته ليبلغ 1.70 دولار أما عهد الرئيس السابق حسني مبارك،"1981 2011"، والذي تنحي عن حكم المصر بعد ثورة شعبية، فتواصلت العملة المصرية لتنخفض عن الدولار للمرة الأولى، وفي عهده مر الجنيه بمرحلتين أولاها قبل سعر تحرير سعر الصرف في 2003، حيث كان الدولار حينها يدور في فلك 3.5 جنيه، والمرحلة الثانية من 2003 فشهد تراجعًا بقيمته ليصل لفلك 5.50 جنيه.