ظلت «س» ذات الأربعة والأربعين سنة تبحث عن ضل رجل ربما يحميها ويصونها ويكون لها ظهر تستند عليه بعدما رحل زوجها وشريك عمرها تاركا لها 5 من الأطفال فى عمر الزهور ولكن الزمن لم يمهلها الفرصة فلم تجد أمامها سوى العمل داخل بيوت الأثرياء فى أحد مراكز محافظة أسوان حتى ضاقت بها الحياة وأقنعها شيطان من الإنس بالعمل معه فى توصيل السموم البيضاء لعملائه من المدمنين مستغلا كونها بعيدا عن الوجوه المألوفة المشبوهة لدى رجال المباحث. سيناريو حياة «س» بدأ فى أحد مراكز ساحرة الجنوب أسوان حيث النشأة والتربية السليمة التى جعلتها محط أنظار شباب القرية الذين تهافتوا وقتها على كسب ودها فلعلها تميل لواحد من المحظوظين وكعادة أهل القرى لم تكد تصل إلى سن السادسة عشرة ومع كثرة خطابها أضطر أبوها لتزويجها فى سن مبكرة وعاشت حياة غير مستقرة مع زوجها حيث كانت الخلافات تدب بينهما مابين حين وآخر بسبب الأولاد حتى استجاب الله لهما وأنعم عليهما بالذرية من البنين والبنات. ظلت حياة «س» بعد ذلك هادئة ولكن بعد سنوات من تحقيق حلم الأمومة استيقظت لتتلقى خبرا مشئوما بوفاة شريك حياتها فى حادث سيارة وهو الذى كان يعمل عملا حرفيا حرا بخلاف مشاركته فى أحدى فرق الفنون التى تزف العرائس فى المركز الشهير ولم تكد تمر أيام حتى فقدت أبيها لينال الحزن الشديد منها . توجهت «س» بعد رحيل زوجها إلى أشقائها الثلاثة على أمل أن يساعدوها فى تربية فلذات أكبادها اليتامى ولكن قلوبهم لم تشفع لها وعادت إلى بيتها بخفى حنين تجر أذيال الخيبة والندم على موقفهم المخزي. لم تجد «س» أمامها حلا سوى العمل فى خدمة البيوت على غير رغبتها ولكن ماذا تفعل وهذه الأفواه الجائعة تتنظر من يسد رمقها وهكذا ظلت تتنقل من عمل إلى أخر حتى التقت بشيطان من شياطين هذا الزمن الذى اندثرت فيه القيم والأخلاق والمعايير. ومع كلامه المعسول لانت له وأصبحت طيعة يحركها كيفما يشاء خاصة بعد أن وعدها بالزواج فى أقرب فرصة وهو الذى لم يحدث. بمرور السنوات وبعد أن توطدت العلاقة بينهما على أمل أن تنتهى هذه العلاقة بالزواج حاول الشيطان أن يقنعها بالسير فى طريق الحرام بتوصيل المواد المخدرة للمدمنين إلا إنها رفضت فى البداية ولكن فى النهاية رفعت راية الاستسلام حتى تنجو من دوامة الديون الثقيلة التى اضطرت للجوء إليها مرغمة ووافقت «س» على أن تقوم بهذه المهمة فى ظل كونها وجها جديدا بعيدا عن الشبهات وبعدما جنت «س» نصيبها من المال الحرام بما لم تكن تتوقعه صرفت النظر تماما عن ارتباطها بهذا الرجل. وبدأت تحلم بما هو أكبر من ذلك خاصة أن ظروفها المادية قد أصبحت جيدة للغاية فأدار المال الحرام رأسها وبدأت تفكر كثيرا فى أن تخوض مغامرات الترويج لحسابها الخاص واختارت محطات قطارات السكك الحديدية فى أسوان لتكون بؤر الترويح لسمومها من البانجو والحشيش حيث كانت تتنقل مابين محطة وأخرى وتعود مجددا دون أن يشكك أحد فى أمرها. وفى ظل توجيهات اللواء عصام عثمان مساعد وزير الداخلية مدير أمن أسوان بمراقبة كافة منافذ المحافظة للتصدى للبلطجة وتطهير بؤر السموم البيضاء من ذوى الضمائر الخربة التقط رجال الشرطة السريين معلومات تفيد بقيام سيدة بترويج مخدر الحشيش فى بعض محطات قطارات المحافظة مستغلة كونها بعيدة عن الشبهات الجنائية. وعلى الفور أجرى المقدم محمد الغزالى رئيس مباحث محطة سكك حديد أسوان تحرياته حول هذه المعلومات وبعد التأكد من صحتها وتقنين كافة الإجراءات تم نصب عدد من الكمائن بالمحطات ليلا وفور أن لمح بعض الأفراد سيدة تجلس فى محطة إدفو اشتبهوا فى أمرها حيث تم استدعائها فى هدوء لتمثل أمام رئيس المباحث وعناصر الشرطة النسائية وبمناقشتها ظهرت على وجهها علامات الشك والارتباك حيث قامت واحدة من عناصر الشرطة النسائية بتفتيشها وتفتيش حقيبتها التى كانت تخبيء فيها كمية من مخدر الحشيش استعدادا لترويجها على المدمنين. تم تحرير المحضر اللازم وعرض المتهمة على النيابة العامة التى قررت حبسها وتحريز المضبوطات.