تهانى البرتقالى: منذ 33 سنة مرت على إنشاء الجمعية لم نشهد حدثا أثر فى عمل الخير كما فعلت «كورونا» أيمن عبد اللطيف: دفعنا النقص فى التبرعات إلى التواصل المباشر مع المتبرعين مصطفى زمزم: نركز على مساعدة المحافظات والمدن الحدودية ونبحث عن وسائل تمويل أكثر استدامة فى هذا الوقت من كل عام خصوصاً فى الأشهر الثلاثة رجب وشعبان ورمضان، التى يطلق عليها العاملون بالجمعيات الأهلية والعمل الخيرى «أيام الخير»، تتدفق التبرعات والصدقات، ويخرج الكثير من المسلمين زكاة أموالهم، والتى تذهب إلى الفقير والمحتاج من خلال الجهات الرسمية والجمعيات الأهلية الموجودة، ومنتشر عملها فى كل أنحاء ومحافظات الجمهورية. لكن هذا العام مع انتشار وباء «كورونا» تغيرت الحال، حيث تراجعت نسب التبرعات وزاد عدد المحتاجين بسبب الأزمة الاقتصادية الناتجة عن انتشار «كورونا»، والتى كانت سببا فى توقف مئات الآلاف عن العمل، خصوصاً أصحاب الحرف الحرة. لنقترب أكثر من العاملين ومسئولى بعض الجمعيات الخيرية الكبيرة منها والصغيرة، لمعرفة مدى تأثير هذا الوباء على نهر الخير السنوى، تقول تهانى البرتقالى رئيس إحدى الجمعيات الخيرية: بالفعل تأثرت نسبة التبرعات والصدقات هذا العام بشكل واضح، بسبب وباء كورونا الذى حل على العالم وعلى مصر، وظهر ذلك بشكل واضح قبل دخول شهر رمضان، وهذا على عكس ما تعودنا عليه كل عام، فقد كان عدد المتبرعين كبيرا جدا، وكان دائما يتدفق خير لا نتخيله، ومعظم تبرعات الجمعية تأتى من رجال ونساء أعمال وأصحاب شركات ومصانع متوسطى الغنى، وكثير منهم تأثرت أعماله بسبب هذا الوباء. وأكدت البرتقالى أن شريحة المحتاجين فى تزايد بسبب الأزمات الاقتصادية المصاحبة لوباء "كوفيد - 19"، وفى الوقت نفسه تراجعت نسبة التبرعات والصدقات، مما تسبب فى تحد وضغط على موارد الجمعيات الخيرية. لكن فى الوقت نفسه نجد أن الفئات المهمشة تحظى الآن باهتمام كبير من الدولة، من خلال مشاريع صندوق "تحيا مصر"، مما أسهم فى الوصول لتلك الفئات التى كانت بالكامل على عاتق تلك الجمعيات، وهو أمر لا يضر لأن الهدف واحد، وهو مساعدة المحتاج والفئات المهمشة. ويقول القديس رويس نبيه حنين، رئيس إحدى الجمعيات الخيرية بمحافظة أسيوط: بلا شك فإن التبرعات والتمويل لمساعدة المحتاجين وأنشطة الجمعيات المختلفة، قد تأثرت جدا بسبب وباء كورونا، موضحا أن الجمعية كانت تستعد كل عام بعمل "كرتونة رمضان" لتوزيعها على الأسر الفقيرة. كما نقوم أيضا بعمل برامج لتعليم المرأة الصعيدية مهنة تنتفع بها وتساعدها فى حياتها، ومنها برامج لتعليم الخياطة وتربية الطيور والحيوانات، والعمل اليدوى. ومن ناحيتها تقول رضا محمد، رئيس مجلس إدارة إحدى الجمعيات الخيرية، إن وباء كورونا أثر جدا على حجم العمل الخيرى والمساعدات فى الجمعية، ومن اعتاد العطاء، أصبح يقلل عطاءه إلى النصف تقريبا بسبب الأحوال الاقتصادية، إضافة إلى زيادة عدد المحتاجين، خصوصا من العمالة اليومية وأسرهم. وبشكل عام فإن نشاط الجمعية متنوع، منه المخصص لتيسير زواج الأيتام وإعالة الأسر المحتاجة، ومساعدة المرضى وتوفير الدواء للمرضى وغيرها من احتياجات وأنشطة، كما أضافت جائحة كورونا على الجمعية أنشطة أخرى، كتوفير أنابيب الأكسجين ومساعدة مرضى كورونا، وتوفير الدواء والوجبات الساخنة للأسر المعزولة فى البيوت، مشيرة إلى لفتة طيبة تتمثل فى أن كل من ساعدته الجمعية من مرضى كورونا، قاموا بعد شفائهم بالتبرع ومساعدة غيرهم فمنهم من أخرج زكاة ماله لمساعدة مرضى كورونا وهذا ساعد على خلق بعض التوازن فى موارد الجمعيات للاستمرار فى مساعدة المحتاجين. والصعوبة والضغط الحقيقى، كما يقول أيمن عبداللطيف، رئيس إحدى الجمعيات الخيرية فى حلوان، يتمثل فى زيادة المحتاجين ودخول شرائح جديدة من المجتمع فقدوا عملهم بسبب كورونا، فى وقت تراجع فيه عدد المتبرعين، مما أدى إلى وجود فجوة بين دخول وخروج الأموال، مما اضطرنا إلى وضع أولويات فى توزيع المساعدات، كما اضطررنا إلى تجزئة المساعدات ونقلل من النصيب المعتاد لكل أسرة، حتى نصل إلى أكبر عدد من المحتاجين. ووقت الأزمات يظهر المعدن الأصيل للشعب المصرى، كما يقول مصطفى زمزم رئيس إحدى المؤسسات الخيرية، ومصر بخير والمجتمع المدنى مرآة تعكس صورة المجتمع، مشيرا إلى أن المؤسسة تعتمد بشكل كبير على موارد مالية تتسم بالثبات، من خلال المؤسسات التجارية والصناعية الكبرى والمؤسسات التنموية فى مصر، إضافة إلى تبرعات الأفراد والشركات الصغيرة. ويضيف زمزم: واجهنا صعوبات كثيرة بسبب وباء كورونا، خصوصاً فى العمل التطوعى وطرق توصيل الخير لمستحقيه، حيث كانت الفرق المتطوعة منتشرة فى كل ربوع مصر، وبسبب الوباء أصبحنا نبحث عن البديل فى توزيع المساعدات على الأسر فى البيوت مباشرة، والاستعانة بمتطوعين من السكان فى المناطق المستهدفة، إضافة إلى وضع أولويات فى تقديم المساعدات للأسر الأكثر احتياجا، والأكثر تضررا من الوباء، حيث يتم تقديم مساعدات مادية للأسر التى فقد عائلها عمله، وهم نحو 6 آلاف أسرة فى 10 محافظات، تم مساعدة كل أسرة بمبلغ 500 جنيه لمدة ثلاثة أشهر، إضافة إلى توزيع 60 ألف كرتونة مواد غذائية، وذلك على مدار عام ماضى أى منذ ظهور "كورونا"، وتم استهداف وتركيز العمل على المحافظات الحدودية، وأيضا توزيع 30 ألف حقيبة وقاية، تشمل الكحول والكمامات والفيتامينات الأساسية، على شرائح جامعى القمامة. بينما ترى عتاب رضوان، بإحدى المؤسسات الخيرية، أنه على العكس نجد تفاعلا كبيرا من الناس سواء بالعمل التطوعى أم التبرع المادى لمساعدة الآخرين فى المبادرة الخيرية، خصوصا أن عمل المبادرة يظهر "أون لاين" لحظة بلحظة ليشاهد المتبرع أمواله أين تذهب وكيف أنفقت، من خلال صفحات مواقع التواصل الاجتماعى، مضيفة أن الناس أصبحت تريد التبرع للجمعيات والمبادرات الخيرية الصغيرة، كنوع من التشجيع وأيضا بسبب تضخم التبرعات لدى الجمعيات الكبرى، لافتة النظر إلى أن ما يصعب العمل الخيرى هذه الأيام، هو زيادة أعداد المحتاجين بسبب "كورونا", ونحاول التغلب على ذلك من خلال عمل مبادرات مختلفة لمساعدة أكبر عدد ممكن من المحتاجين.