يحظى موضوع تعزيز الوصول إلى التمويل والخدمات المالية في الدول العربية باهتمام كبير من قبل مجلس محافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية، إدراكاً منه للفرص الكامنة والكبيرة التي يمكن تحقيقها من خلال تعزيز الشمول المالي لدعم التنمية الاقتصادية الشاملة والمستدامة ومواجهة تحديات البطالة وتحقيق العدالة الاجتماعية. لا شك في أن التطورات الحالية والتداعيات السلبية لانتشار جائحة كورونا أبرزت بوضوح الأهمية الكبيرة لتوظيف التقنيات الحديثة لأغراض الشمول المالي، وضرورة تعزيز الخدمات المالية الرقمية وتوعية مستخدميها. لقد عززت الجائحة الطلب على الخدمات المالية الرقمية، وجعلت الحاجة إلى تسريع التحول الرقمي وتحسين الخدمات المالية الرقمية أمراً بالغ الأهمية في السياسات الاقتصادية في المنطقة العربية. وتُبرز الإحصاءات المتاحة الفرص الكبيرة الكامنة في تطوير الخدمات الرقمية، إذ أن ما يقارب 85 في المائة من البالغين في المنطقة العربية لديهم هاتف محمول، و48 في المائة يمكنهم في نفس الوقت النفاذ إلى الشبكة الإلكترونية، و7 في المائة لديهم حسابات الأموال عبر الهاتف المحمول، ونحو 33 في المائة أرسلوا أو تلقوا مدفوعات رقمية في العام السابق، مقارنة بنحو 44 في المائة على مستوى العالم. في هذا السياق، بادر مجلس محافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية في عام 2016، في ضوء الحاجة المتزايدة لتكثيف الوعي بأهمية الشمول المالي ومحاوره لدى كافة الأطراف في الدول العربية، إلى اعتماد يوم 27 أبريل من كل عام كيوم عربي للشمول المالي، يُحتفل به هذا العام تحت شعار "دور التحول الرقمي في تعزيز الشمول المالي". من الأهمية في هذه المناسبة التأكيد على دعم جهود المجتمع الدولي في تعزيز الشمول المالي، وفي مقدمته جهود مجموعة العشرين (G20) التي تبنت محور الشمول المالي كأحد المحاور الرئيسة لدعم أهداف التنمية المستدامة وتعزيز الاستقرار المالي، حيث تولي مجموعة العشرين اهتماماً خاصاً لدعم وصول الشباب والمرأة والمشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة إلى الخدمات المالية الرقمية من خلال استخدام التقنيات الحديثة، إلى جانب الاهتمام بالتوعية والتثقيف الرقمي المجتمعي اللذان يعززان من فرص نجاح الجهود والسياسات في هذا الشأن. ويحرص المجلس على إيلاء قضايا الشمول المالي في الدول العربية الأهمية التي تستحقها، حيث بارك المجلس قيام صندوق النقد العربي بالتعاون مع عدد من المؤسسات الإقليمية والدولية، بإطلاق المبادرة الإقليمية لتعزيز الشمول المالي في المنطقة العربية، بهدف تمكين وتعزيز القدرات والإمكانيات لتذليل العقبات التي تعترض الارتقاء بمؤشرات الشمول المالي في الدول العربية. يُثمن المجلس في هذا السياق، ما تتضمنه المبادرة من أنشطة تركز على التحول المالي الرقمي. وإذ يدعو المجلس المؤسسات الشريكة في المبادرة إلى إيلاء المزيد من الاهتمام لدعم توظيف التقنيات الحديثة في تعزيز وصول الشباب والمرأة والمشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة إلى الخدمات المالية، فإنه يرحب بالوثيقة الإرشادية للتحول المالي الرقمي في المنطقة العربية الصادرة عن المبادرة في سبتمبر(أيلول) 2020، كخارطة طريق للمساعدة في وضع سياسات وخطط عمل من أجل ابتكار تقنيات مالية شاملة وآمنة. وترتكز الوثيقة على عددٍ من الأهداف الأساسية، المتمثلة في تعزيز الوصول، وتوسيع نطاق الاستخدام والجودة.