على وقع كلمات نص "مواعيد سرية" من ديوان "أثر الفراشة" للشاعر الفلسطينى الراحل محمود درويش، يؤدى شابان أصمان فى 29 نوفمبر الجارى فى دار زهران للتراث بمدينة رام الله، عرضا للرقص المعاصر يعبر عن هذا النص الشعرى. وقال ماهر الشوامرة، مدير مركز الشرق والمسرح الراقص فى رام الله، لوكالة أنباء الشرق الأوسط: "بدأت التفكير منذ عام 1998 فى كيفية نقل ردود فعل الأشخاص الذين فقدوا إحدى الحواس إلى أسلوب الرقص المعاصر. على سبيل المثال، فإن الإنسان يكون سريعا فى استقبال الصورة ونقل تفاصيلها بمجرد النظر إليها، ولكن كيف يمكن أن تكون هذه التفاصيل بالنسبة لشخص فقد حاسة الإبصار؟ إلا أنه تبين بالفعل أن التفاصيل فى هذه الحالة تكون أكثر، ويمكن للمرء أن يجرب ذلك لو أغمض عينيه فترة من الزمن واستمع لوصف مشهد معين، من المؤكد أن خياله سيصور له الكثير من التفاصيل". وأشار الشوامرة إلى أن ذلك ينطبق أيضا على الصم الذين يعيشون فى عالمهم الخاص بينما يسجلون ما يدور فى محيطهم الخارجى عن طريق حاسة الإبصار ليتفاعلوا مع ما يتعرضون له من مؤثرات، ومن ثم يمكن ترجمة ذلك عن طريق حركات إيقاعية يؤديها الشخص الأصم بجسده دون الحاجة نهائيا للاستماع إلى الموسيقى. وأضاف أن عدد الراقصين الفلسطينيين الصم الذين يتدربون فى مركز الشرق والمسرح الراقص فى رام الله يبلغ 12 شابا وخمس فتيات، يأتون كل ثلاثاء للتدريب على الرقص المعاصر لمدة ثلاث ساعات، مشددا على أن المركز لا يتقاضى أجرا عن ذلك، إنما يقدم خدماته للجميع بالمجان. وأوضحت مدربة الرقص هيلينا (من إستونيا)، لوكالة أنباء الشرق الأوسط، أنها سعيدة بهذه التجربة الفريدة من نوعها لأنها المرة الأولى التى تقوم فيها بتدريب راقصين صم كانت تتوقع فى بداية الأمر أن تجد صعوبة فى التعامل معهم، فضلا عن اختلاف لغة الجسد فى أوروبا عنها فى منطقة الشرق الأوسط، إلا أنها بدأت تتواصل سريعا معهم دون عناء يذكر، بل تعلمت منهم لغة الإشارة باللغة العربية. وأشارت هيلينا، التى تزور لأول مرة بلدا عربيا، إلى عدم وجود علاقة قوية بين الموسيقى والرقص المعاصر لأنه يمكن فى هذه الحالة أن تنبع الموسيقى من داخل الراقص دون الحاجة إلى الاستماع إليها، مؤكدة أن لغة الجسد تختلف عن لغة الموسيقى. وتتمنى مدربة الرقص الإستونية أن تنفذ تلك التجربة، التى تراها "مثيرة ومختلفة"، عندما تعود إلى بلادها عقب انتهاء العرض فى أواخر نوفمبر الجارى. يقام العرض داخل جاليرى "دار زهران للتراث" فى رام الله دون الحاجة إلى إقامة مسرح أو تشغيل الموسيقى حيث يقوم الشابان الأصمان بترجمة النص الشعرى حركيا عن طريق أداء رقصات معاصرة بالجسد، بينما تقرأ مدربة الرقص هيلينا النص لهما بلغة الإشارة باللغة العربية فى الوقت الذى يستمع فيه الحاضرون إلى النص مسجلا بأربع لغات، وهى: العربية، والإنجليزية، والإستونية، والدنماركية.