ستة أيام كاملة حبس خلالها العالم أنفاسه لتوقف الملاحة بقناة السويس، بعد جنوح السفينة البنمية العملاقة "EVER GIVEN"، إلا أن رجال هيئة القناة نجحوا في وقت قياسي بتجاوز الأزمة التي أثرت على حركة التجارة الدولية. التقت "بوابة الأهرام" مع عدد من الأبطال الذين شاركوا في عملية التعويم ليسردوا اللحظات التي مروا بها بداية من تلقي نبأ الحادث الصادم وحتى تحرير السفينة. قال القبطان محمد القاضي من إدارة التحركات ببورسعيد خلال احتفال هيئة قناة السويس بنجاح تعويم السفينة البنمية الجانحة "إيفر جيفن" إنه كان في مسرح الأحداث منذ بداية شحوط السفينة في الكيلو متر 151 وتعد "إيفر جيفن" واحدة من أكبر السفن في العالم حيث تبلغ غاطسها 16 مترًا وعرضها حوالي 60 مترًا وطولها 400 مترًا وارتفاعها 52 مترًا مثلها مثل ناطحات السحاب. وأضاف أن السفينة البنمية تعرضت لخطأ في التوجيه وهي أمر خارج عن إدارة قائديها وناتج عن عطل في السفينة نفسها مما أدى لشحوطها في الجانب الشرقي للقناة، وكان الأمر غاية في الصعوبة والتعقيد، وكنا ننتظر لأوقات المد العالي لإنهاء الأعمال حيث كان يعطينا زيادة في العمق يبغ 60 سم. وأشار "القاضي" إلى أن الكراكة "مشهور" كان لها دور فعال في إنهاء الأزمة كونها أحد أكبر الكراكات في الشرق الأوسط وكانت تقوم بعملية التكريك حيث كانت تخلي جزءا من التربة حول السفينة الجانحة كل تعوم في المياه أما عن "الكباش" الذي لقى سخرية من العالم كان له دور غاية في الأهمية بعد أن قام بتفريغ ما يسمى ب"البلبصباو" وهو موجود بمقدمة السفينة وطولها يقرب من 6 أمتار، ثم بدأت الكراكة مشهور عملها في التكريك وجاءت قياسية بالنسبة للوقت. وأوضح أنه بعد انتهاء عمل الكراكات وظهور المد العالي كنا ندخل بالقاطرات التي بعضها يعمل عند مقدمة السفينة لسحبها والأخر عند مؤخرتها لدفعها حتى نستطيع وضعها بشكل صحيح داخل المجرى الملاحي، وقد أنجزنا هذا العمل خلال أسبوع دون اللجوء للخطة البديلة وكانت تخفيف حمولة السفينة والتي كان من المنتظر أن تستغرق ما يقرب من الشهر، لذلك خروج سفينة من هذا الوضع في زمن قياسي يعد أمرًا جيدًا للغاية. وأكد أن الدعم الذي وجده مع زملائه من الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية، والفريق أسامة ربيع رئيس هيئة قناة السويس، والفريق مهاب مميش الرئيس السابق للهيئة أثر علينا بالإيجاب وجعلنا أكثر إصرارًا في حل المشكلة سريعًا، مشيرًا إلى أن المصريين قادرون على صنع المعجزات فقد حفر أجدادنا القناة مستخدمين الفأس لذلك لم يكن صعبا علينا تعويم السفينة الجانحة مرة أخرى. ومن جانبه، قال خالد علي رئيس بحري على القاطرة "مساعد 3" إنه كان مصاحبًا لتأمين سفينة "إيفر جيفن" وفجأة تلقى تعليمات مع القاطرة "مساعد 2" لمحاولة إخراج السفينة ولكنها اتخذت هذا الوضع الصعب، وفي اليوم الثاني بدأت الكراكات عملها لمحاولة التعويم. وأضاف أن جهودنا كللت بالنجاح في وقت قياسي خاصة أن وضع الشحوط كان صعبا للغاية، بعد أن اتخذت مكانها في عرض المجرى الملاحي حتى أن مقدمة السفينة قد خرجت للبر، ومنعت عبور أي قاطرات لمساعدتها إلى أن نجحنا في تعويمها. وأشار "علي" إلى أن الكراكة الهولندية التي ساعدتنا في تعويم السفينة الجانحة، أشادت بالخطة التي وضعتها هيئة قناة السويس ورجالها، وأن معدات ووحدات الهيئة هي من قامت بالدور الرئيسي في حل المشكلة. وأوضح أنه يشعر الفخر والسعادة بعد أن بذل مع زملائه المجهود والتعب على مدار ستة أيام لتعويم السفينة البنمية "إيفر جيفن" لنثبت للعالم أجمع أن قناة السويس هي شريان الحياة، وجاء التكريم الرسمي من الرئيس عبد الفتاح السيسي والفريق أسامة ربيع رئيس هيئة قناة السويس لتكتمل فرحتنا وسعادتنا. وأكد محمد حمدي قبطان قاطرة بهيئة قناة السويس أن حادث جنوح السفينة البنمية "إيفر جيفن" كان عاديًا وتعاملنا في أوقات سابقة مع حوادث مشابهة لها، سواء نشوب حرائق وإطفائها أو تعويم سفن، ولكن هذه المرة لفتت المشكلة انتباه العالم بعد غلق الملاحة لعدة أيام. وألمح أن مجهود الكراكتين "مشهور والعاشر" و14 قاطرة لتعويم السفينة الجانحة قد كللت بالنجاح بعد محاولات مضنية استمرت دون انقطاع أو راحة، وأيضًا بفضل القيادة الرشيدة والتدريبات التي تلقيناها في أوقات سابقة. وأضاف أن فرحته وزملاءه كانت عارمة بعد نجاح تعويم السفينة "إيفر جيفن" خلال مدة قصيرة وكانت لحظة التعويم حاسمة للغاية حيث كنا متابعين للأخبار المنشورة أولًا بأول، فضلًا عن لحظات المد والجزر للقناة وشدة تيار المياه من عدمه، ثم اكتملت الفرحة بزيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية وثنائه على الجهد المبذول من جانبنا أعطانا دفعة معنوية مرتفعة للغاية. ومن جانبه أكد القبطان مروان شوقي بإدارة التحركات بالإسماعيلية "القاطرة السلام 7" أن اهتمام كافة وسائل الإعلام العالمية بأمر جنوح السفينة البنمية "إيفر جيفن" شكل عبئًا نفسيًا علينا منذ اللحظة الأولى، علمًا بأن هذه الحوادث قد مرت علينا كثيرًا. وقال: كنا على يقين تام منذ البداية أن هذه المشكلة سوف تُحل سريعًا، لأن لدينا إدارات على أعلى مستوى من الخبرة، ولم يكن لدينا أدنى شك في تجاوزها خلال أيام قليلة، إلا أن سخرية بعض وسائل الإعلام العالمية من الحادث جعل الأمر بالنسبة لنا مسألة كرامة وأصبح لدينا إصرار على صنع معجزة التحرير في وقت قصير وهو ما حدث بالفعل، ونلنا إشادات من جميع دول العالم.