بالرغم من الأهمية البالغة للمداخلة الأخيرة للرئيس السيسي في برنامج (الحكاية) على قناة (إم بى سي)، كونها أرسلت تطمينات كان يحتاجها الشارع عن القضايا المصيرية، مثل سد النهضة والموقف فى ليبيا، وكانت الأزمات التى تتصل بالحياة اليومية للمواطن حاضرة وبقوة فى حديث الرئيس عن عزم الدولة مواصلة التصدى للعشوائيات ومخالفات البناء والتضخم السكاني، إلا أن المداخلة حملت إشارات أخرى. فقد تجاوز حديث الرئيس المباشر مع الشعب حدود التقارير الإخبارية المصورة للإنجازات التى تتحقق على أرض الواقع،لتتاح الفرصة للمواطن للاستماع مباشرة إلى رؤية قائده للتطوير الذى يريده لوجه الحياة فى مصر، وهو ما يعنى أن الرئيس يبلغ رسائل لا تحتمل التأويل بأن خطوط التواصل مع الشعب مفتوحة. مشروعات الطرق والمحاور والكبارى من بين الإنجازات التى أثارت الجدل والتساؤل لدى قطاع من المواطنين عن سبب التركيز عليها، وكانت إجابة الرئيس خلال المداخلة شافية لمن لا يزال فى قلبه ذرة شك، فالدولة ماضية فى تطوير جميع القطاعات،التعليم والصحة والزراعة والصناعة والطرق على قدر المساواة. لكن تظل بعض المشروعات بحاجة لحوار مجتمعى خصوصا حين تتعلق بمناطق ذات طابع خاص أو تحمل إرثا ثقافيا وحضاريا يتطلب تعاملا حريصا يمهد للتطوير المطلوب. فمشروع (عين القاهرة) الترفيهى المزمعة إقامته فى منطقة الزمالك والمخاوف المثارة من عدم تحمل المنطقة لتبعات المشروع المتوقعة من زحام وتكدس، ومايتردد عن إقامة كوبرى جديد فى منطقة مصر الجديدة بمحاذاة كنيسة (البازيليك) التاريخية، كلاهما مشروعان لم نسمع عنهما سوى ما يحمل الشكوى والجدل من جانب مواطنى المنطقتين وبلغ الأمر مجلس النواب، ومارست السوشيال ميديا دورها فى التسخين،دون توضيح حكومى جاد عن جدوى المشروعين ومدى تأثيرهما على الطابع الجمالى والتاريخى والحضارى للمنطقتين. والسؤال: لماذا لا تحذو الحكومة حذو الرئيس فى التصدى للجدل بالمكاشفة الواعية وطرح الطمأنينة فى القلوب دفاعًا عما يتم من إنجازات فى بر مصر؟